مسقط – ش
تناولت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أثر المعارك الأخيرة لتحرير الموصل على السكان المدنيين، حيث يواجه الفارون "مصاعب كثيرة للحصول على الطعام والمياه والحماية".
ونقلت المفوضية في تقرير لها، شهادات لمدنيين من الموصل، حيث نزح حتى الآن، أكثر من 108.000 عراقي من الموصل منذ بدء القتال لاستعادة المدينة في 17 أكتوبر، وسعى الكثيرون للجوء إلى المخيمات التي تديرها الحكومة والمفوضية.
نشوان تلقى تحذيراً من شقيقه بضرورة المغادرة هو وأطفاله الثلاثة بعد أن وصل القتال إلى حيّه في الموصل، قائلاً: "عندما دخلت إلى المنزل شعرت بالحزن. ولكن بعد لحظة فكرت: الحمد لله أنني تمكنت من الهرب، فلو بقينا هناك، فمن المؤكد أننا كنا قد قُتلنا".
ولا تزال العائلة في مرمى نيران المدفعية مع احتدام المعركة في المدينة. ومع انخفاض درجات الحرارة في الموصل إلى ما دون الصفر، فإنها تعيش دون مياه نظيفة أو طعام كافٍ أو أي مصدر للطاقة.
وأضاف قائلاً: "عندما فررنا، لم أستطع أن آخذ حتى ثيابنا، لكن بالنسبة لنا فإن الطعام والمياه هما الأكثر أهمية". قبل المعارك، كان يعمل كسائق سيارة أجرة لإعالة أقاربه العاطلين عن العمل.
يتجمّع أفراد العائلة في ثلاث غرف فقط من بيت يملكه أحد الأقارب الذي فر من ضغط القوات العراقية لاستعادة ثاني أكبر مدينة من المتطرفين. ومنذ ذلك الوقت، عاد نشوان مرتين إلى منزله السابق لتفقد الضرر وجمع بعض الأغراض.
لكن آلاف العائلات، كعائلة نشوان، لا تزال نازحةً داخل الموصل أو عادت إلى المدينة رغم المعارك المستمرة، وهي مجبرةٌ على إيجاد أي مأوى في المناطق الخارجية للمدينة، البعيدة قدر الإمكان عن القتال.
يواجه الكثيرون خطر الموت بالقذائف الطائشة، وهم يقيمون في منازل غادرتها عائلات أخرى، متضررة بسبب الرصاص. لا يستطيعون العودة إلى منازلهم التي دُمرت أو التي تقع في مناطق يحتدم فيها القتال بشكل كبير، بحسب ما جاء في تقرير المفوضية.
ممثل المفوضية في العراق برونو غيدو، علّق قائلاً: "مع استمرار تدهور الوضع الأمني، من الضروري ألا يُمنع المدنيون الذين لا يزالون في الموصل، من مغادرة المدينة وأن يُسمح لهم بالوصول إلى بر الأمان. يواجه المدنيون في الموصل خياراً صعباً. إذا بقوا، فهم معرّضون لخطر الجوع والحصار في مرمى النيران. وإذا فروا، فهم معرّضون للقتل من قِبل القناصين أو جراء الألغام".
ومع انخفاض درجات الحرارة ليلاً إلى ما دون الصفر تقريباً، يحتاج النازحون في الموصل بشكل يائس إلى الطعام والمياه النظيفة والبطانيات والملابس والكيروسين للتدفئة.
وكثفت المفوضية عمليات التوزيع لفصل الشتاء في مناطق الموصل، وقدّمت 53.536 بطانية حرارية ولحافاً إلى المحتاجين في الأسابيع الأخيرة.
وقال نشوان بأنه يريد العودة إلى المنزل، لكن ذلك غير ممكن بسبب احتدام القتال. بالإضافة إلى ذلك، لا تتوفر اللوازم الأساسية كالأدوية لأفراد العائلة الذين يعانون من أمراض كالسكري وارتفاع ضغط الدم، بالقرب من خطوط الجبهة. وفي الأسبوع الفائت، تلقى حزمتين من البطانيات الحرارية والفرش من منظمة شريكة للمفوضية.
وقال: "نحن بحاجة إلى ذلك. وينقصنا الكثير من البطانيات والفرش- إذ إن ثلاثة أشخاص ينامون تحت بطانية واحدة. فررنا لإنقاذ أرواحنا عندما بدأت الانفجارات وإطلاق النار. فررنا بسرعة، ولم نكن نملك الوقت لتوضيب أي شيء. فررنا حتى دون أن نأخذ أحذيتنا".
سارت فائزة عبد، البالغة من العمر 30 عاماً، مدة ساعة لتصل من حيها في الموصل، حيث تعيش في مبنى مهجور، إلى الموقع الذي تنفذ فيه المفوضية عمليات التوزيع، وقالت: "أتيت للحصول على بطانيات، لديّ ابن معوق ووضعنا صعبٌ ولا نملك شيئاً ليغطينا. أعيش في مبنى غير مكتمل لذا أحتاج إلى الأغطية". انتقلت عائلتها إلى شرق الموصل مع خرافها العشرين منذ عامين، بعد أن سيطرت الجماعات المسلحة على قريتها وتوقفت جميع الأعمال. خلال القتال، حفرت حفرةً في أرض المنزل لتختبئ فيها مع ابنها. "شعرنا بالخوف الشديد. وحفرنا هذه الحفرة للاختباء".