خطـــــــة عمـــــل أوروبية لمكافحة تمــويـل الإرهـاب

الحدث الخميس ٠٤/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص

بروكسل – ش

قدمت المفوضية الاوروبية امس الثلاثاء "خطة عمل" لمكافحة تمويل الارهاب بطلب ملح من فرنسا بعد موجة الاعتداءات التي شهدتها باريس في العام 2015.
واعتمد الاعضاء الـ28 في المفوضية خلال جلسة عامة امس في ستراسبورغ (شرق فرنسا) "خطة لتعزيز مكافحة تمويل الارهاب" كما اكد امس الاول الاثنين الناطق باسم المفوضية الاوروبية مارغاريتيس شيناس.
كما اطلع نائب رئيس المفوضية اللاتفي فلاديس دومبروفسكيس وسائل الاعلام على مضمونها في ستراسبورغ.
بعد الاعتداء على صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة في 7 يناير 2015 ثم هجمات 13 نوفمبر في باريس وسان دوني طالبت فرنسا بشكل خاص باتخاذ اجراءات سريعا.
وفي 15 يناير الماضي وخلال اجتماع لوزراء المالية الاوروبيين في بروكسل حث وزير المالية الفرنسية ميشال سابان مجددا الاتحاد الاوروبي على التحرك سريعا في هذا الملف.
وقال "يبدو انه يجب اجراء دراسات أثر، لكننا نعرف الأثر، لقد شهدناه في باتاكلان"، موقع المجزرة التي حصدت 90 قتيلا في 13 نوفمبر في باريس.
من جهته قال نظيره الالماني ولفغانغ شويبله "سابان وانا نعتقد ان الامر استغرق وقتا اكثر من اللزوم".
واوضح الوزير الفرنسي ان المفوضية الاوروبية ستركز بشكل خاص على البطاقات المدفوعة سلفا والعملات الافتراضية والتي سبق ان تطرق اليها المفوض الاوروبي للاستقرار المالي البريطاني جوناثان هيل.
ويتوقع ان تخضع وسيلتا الدفع هاتين اللتين تستخدمهما الشبكات الجهادية يجب ان لمراقبة مشددة.

تجميد اصو
تعتبر البطاقات المدفوعة سلفا والتي كشف انها استخدمت في التحضير لاعتداءات باريس لتمويل تامين سيارات وشقق للمهاجمين، بديلا عن بطاقات الدفع العادية لا سيما بالنسبة للاشخاص الذين ليست لديهم حسابات مصرفية.
والبطاقات التي تحمل اختام شركات "فيزا" او "ماستركارد" والمزودة برقم سري تتيح لمستخدميها ان يسحبوا الاموال نقدا من اجهزة السحب الالي او الشراء من متاجر او عبر المواقع الالكترونية على غرار البطاقات الائتمانية العادية الصادرة من المصارف.
وهي موزعة اساسا في المصارف وموجهة بشكل خاص الى الاهالي الباحثين عن وسيلة دفع آمنة ومحدودة المبلغ لاولادهم.
اما بخصوص العملة الافتراضية مثل "بيتكوين" فهي تتيح القيام بصفقات خارج حدود الدول وخارجة عن اي مراقبة للسلطات المالية او اجهزة الاستخبارات عبر الحفاظ على سرية هوية مختلف الاطراف.
ودعا سابان ايضا في منتصف يناير الى اتخاذ اجراءات حول تجميد الاصول قائلا "في ما يتعلق بتجميد مبان او املاك مثل سيارة او عائدات، لم نقم بكل شيء وهناك ضرورة لاتخاذ قرارات".
وخطة العمل التي سيطرحها الاتحاد الاوروبي تاتي في اطار شامل من مكافحة تنظيم داعش على نطاق عالمي.
وفي 17 ديسمبر الماضي تبنى مجلس الامن بالاجماع قرارا يهدف الى تجفيف مصادر تمويل الجهاديين.
والقرار الذي اعدته واشنطن وموسكو يطلب من الدول "التحرك بشكل حازم لمنع وصول الاموال او موارد اقتصادية اخرى" الى تنظيم داعش وبينها خصوصا النفط والتحرك لمعاقبة الجهات الداعمة ماليا للتنظيم "بشكل اكثر حزما".

تعاون أمني
يذكر ان فرنسا وبلجيكا تعهدتا بتعزيز التعاون في الحرب على المتطرفين وذلك من خلال إجراءات منها تسريع تبادل المعلومات بشأن المتشددين المحتملين وجهود منع تزوير الوثائق.
وبعد أكثر من شهرين ونصف على هجمات باريس التي قتل فيها 130 شخصا سعى رئيسا وزراء البلدين لتحسين العلاقات التي توترت بسبب إتهامات فرنسية لبلجيكا بغض الطرف عن الجهاديين الذين كانوا يدبرون لمهاجمة العاصمة الفرنسية.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في مؤتمر صحفي مشترك في بروكسل عقب الاجتماع الذي شارك فيه أيضا وزيرا العدل ورؤساء أجهزة الأمن "بلغ الخطر مستويات لم يسبق لها مثيل."
وأضاف قائلا "نقف معا كتفا بكتف ضد هذا الخطر من أجل حماية مواطنينا."
وإلى جانب تسهيل تبادل المعلومات بين سلطات الشرطة والعدالة ستستخدم بروكسل وباريس المزيد من القياسات الحيوية لمنع تزوير الوثائق وتتشاوران مع شركات عالمية لتكنولوجيا المعلومات بشأن خدمات الرسائل المشفرة.
وسيعمل البلدان أيضا من أجل تسريع استحداث سجلات بأسماء المسافرين في الاتحاد الأوروبي لمتابعة المسافرين جوا.
وقال فالس "هذا يهم أوروبا وجميع الدول الأعضاء. يجب أن يشارك الجميع لأن عليهم مسؤولية مشتركة."
وبالنسبة لرئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل كان الاجتماع جزءا من جهوده لصرف انتقادات دولية إلى بلجيكا التي ينظر إليها البعض على انها مرتع للجهاديين.
ونفذت بلجيكا سلسلة من المداهمات منذ هجمات باريس التي وقت في 13 من نوفمبر تشرين الثاني وتحتجز حاليا عشرة أفراد بتهم تتعلق بالارهاب والهجمات التي شملت تفجيرات انتحارية وإطلاق نار.

"اقتصادات" الإرهاب
رغم الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويله، إلا أن هذه القرارات لم تترجم إلى آلية مثلى لتفعيلها وترجمتها إلى حيز الواقع، لاسيما مع استصدار مجلس الأمن الدولي قرارا لمكافحة تمويل الإرهاب تحت الفصل السابع الذي يبيح استخدام القوة والعمل العسكري ضد أي دولة أو جماعة تتبنى الإرهاب.
وتعكف الجماعات الإرهابية على تمويل نفسها ذاتيا من خلال إنشاء مشاريع استثمارية قانونية سواء فعلية أو افتراضية موازية وتأتي على هيئة مصارف أو مؤسسات استثمارية في التحويلات النقدية، وتكون هياكلها المالية بمعزل عن الدول التي تنشط فيها وتحت مسميات أخرى بعيدة عن الشبهة.
ويتم استغلال هذه المشاريع الضخمة كغطاء لعمليات مصرفية من فتح حسابات وتحويلات مالية بالإضافة إلى عمليات غسيل الأموال، الأمر الذي يجعل من الصعب تتبع الحركات المالية للعمليات المصرفية بسبب الحماية التي تتمتع بها بمقتضى القوانين التي تضبط العمليات المصرفية.
كما تقوم تلك التنظيمات بإنشاء مؤسسات خيرية تتلقى الدعم من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات إضافة إلى التبرعات عبر الأفراد ونقلها إما بشكل إلكتروني أو شخصي لتمويل أنشطة الجماعات الإرهابية إما عبر التمويل النقدي أو عبر شراء الأسلحة من أمراء الحرب والأسواق السوداء أو الشركات المصنعة للسلاح تحت غطاء دولي.
وتعد وسائل الإعلام الحديثة إحدى مصادر التمويل الرئيسية لتسهيل عمليات نقل الأموال وتبييضها أو تأمين الحصول على الأموال بشكل مباشر للتنظيم عبر الغطاء الإعلامي وحملات توصف بأنها تبرعات لأعمال خيرية مثل بناء المستشفيات أو دعم الأسر المحتاجة أو ما شابه.
وتلجأ الجماعات الإرهابية أيضا إلى التجارة غير الشرعية كمصدر للتمويل مثل الأرباح الهائلة التي تجنيها تلك التنظيمات في صناعة وتجارة المخدرات وبيع الآثار والمواد المهربة، والاتجار بالبشر والفدى التي تتحصل عليها من عمليات الخطف للسياح.
وعلى الأغلب، تحاول الجماعات والتنظيمات الإرهابية تنويع مصادر دخلها وتمويلها بالشكل "القانوني" والدعم المباشر عبر الحكومات أو الاستثمارات أو غير المباشر من خلال غسيل الأموال.