لطالما سمعنا أن "الدنيا ما زالت بخير" لكني هنا لأقول لكم إن الدنيا ليست كذلك، وعلينا أن ندق ألف ناقوس خطر ونسأل الله السلامة من أهوالها. كان هذا كل ما رددته وأنا أتابع تقريراً للجزيرة يقول إن مليوني طفل دخلوا أوروبا في 2015 واختطفوا ولم يتم العثور عليهم بعد ويُعتقد أن الجناة عصابات بيع الأعضاء البشرية التي تغولت في الآونة الأخيرة وازدادت رواجا في العالم !!
لاحظوا أننا هنا نتكلم عن أوروبا فما بالكم بالدول النامية وتلك الدول التي يتقزم سور القانون فيها فيسهل القفز عليه.
ليس هناك ما يكفي من الإحصائيات في بلادنا ولكن المؤسسة المصرية للنهوض بالطفولة على سبيل المثال نشرت تقريرا يؤكد تسجيل ما لا يقل عن 3 حالات اختطاف يوميا لاستغلالهم في التسول أو الدعارة. كما نشرت الصحف السعودية إحصائية تقول إن عدد الأطفال المختطفين شهريا لا يقل عن عشرة والعدد في ازدياد.. في الجزائر يعاني المجتمع من كابوس اسمه اختطاف الأطفال، وقد سجلت السلطات 900 حالة اختطاف لأطفال تتراوح أعمارهم بين 4-16 عاما ذهبوا وما زالت عائلاتهم تنام على جمر انتظارهم وتبحث عن أية خيوط يمكن أن توصلهم لهم ولو كانت عند العرافين والأفاكين.. العدد في أفريقيا وآسيا غير معلوم ولكنه يقدر بالملايين أيضا..
الدنيا ليست بخير والضعفاء من الأطفال هم أول الضحايا.. في تجربة اجتماعية فريدة أجراها برنامج "الحق ينقال" اكترى فريق الإعداد فتاة ممثلة تمشي بين المتسوقين في مجمع تجاري تمثل دور الضائعة، وشاباً يلعب دور المختطف الذي يستدرجها. كان من المؤسف أن مشهد الاختطاف، والعبارات المريبة التي استخدمها المختطف، قيلت على مسمع ومرأى من كثير من المتسوقين ولكنهم رفضوا التدخل إلا من بعض النساء الشجاعات اللاتي دفعتهن غريزة الأمومة للدفاع عن الطفلة..
في دراسة أخرى استهدفت هذه المرة ردود فعل الأطفال نُشرت في 2008 قام فريق الدراسة بالاقتراب من أطفال غرباء في الشارع، واستدرجوهم ليذهبوا معهم بذريعة شراء حلويات أو إعادتهم للبيت، وكانت المفاجأة ان أغلب الأطفال – وإن كانت ملامح الخوف والارتباك قد طفت بجلاء على ملامحهم - إلا أن أغلبهم للأسف استسلموا لهذا الغريب معاندين فطرتهم !
لذا أشعر بالأسى أحيانا وأنا أرى أطفالا دون العاشرة يلعبون في الطرقات النائية دون مراقبة من بالغ، فهؤلاء لقمة سائغة للنفوس المريضة، وكم من عائلة عاشت مأساة هتك عرض أطفالها وبلعت موس الأذى خشية ألسنة الناس التي لا تفرق بين الجلاد والضحية، والبريء والجاني..
في عود على البدء نقول: هذه الدنيا ليست بخير.. ومن ينكر ذلك كاذب أو موهوم.. فاحفظوا أبناءكم يرحمكم الله، احفظوا هذه العطية، هذه الأمانة التي وضعها الله في أعناقكم.. وعلموهم كيف يحفظون أنفسهم، كيف يتعاطون مع الغرباء، إلى من يلجؤون لو ضاعوا أو وجدوا أنفسهم في موقف مريب..
علموهم أن يسمعوا صوتهم الداخلي عندما يهمس لهم بالخطر ويهربوا أو يصرخوا بصوت عال.
وليثقف المعلمون والمربون التلامذة، وليثقف الآباء والأمهات أنفسهم.. فالوقاية هي الشيء الوحيد الذي يعول عليه في مثل هذه الحالات.