الاقتصاديون يفكرون، والحكومة.. تقرأ

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٤/فبراير/٢٠١٦ ٠٠:٠٠ ص
الاقتصاديون يفكرون، والحكومة.. تقرأ

محمد بن سيف الرحبي

خطوة رائعة أن هناك من يتبنى مبادرات إيجابية لصالح البلاد ناجمة عن إعمال فكر وتطبيق منهجية "العصف الذهني" بدلا من الحلول الجاهزة المنطلقة من لجان ما أن تصل الخطوات إلى مبتغاها حتى يكون الزمن قد تجاوزها، فيطلب صنّاع القرار مرة أخرى المزيد من الدراسات والتحديثات.. لتعود الفكرة إلى مربع الصفر مرة أخرى.. وقد تعبنا من الأصفار لأن الاقتصاد الوطني مبني على عائد برميل نفط، أما العائد الزراعي ففي جيب الوافدين، والتجاري أغلبه نعرف أين يقع، حيث اقتسام أغلب الكعكة بين حيتان "محلية" ونمور "آسيوية".
التقى أعضاء اللجنة الاقتصادية ومجلس إدارة الغرفة على مدار يومين في منتجع، لمدة يومين من الحوارات، ومما لا أشك فيه أنه من أجل وطن يحتاج إلى اقتصاد، يخدم المواطن العادي، وأكثر مواطنينا من جيل الشباب الذين يكبرون ويستحقون أن ينالوا من خيرات بلدهم ما يضمن لهم الاستقرار لمزيد من العطاء، والأهم من الاستقرار هو العدالة الاجتماعية التي يستحقها كل عماني.
أعجبتني مجموعة من الرؤى طرحت، وتستحق التنفيذ، ربما لأني تبنيتها كتابة مكررا النداء مرات.. وعلى مدار سنوات، بخاصة قضايا من نوع تبسيط الإجراءات الحكومية وإعطاء صلايات مالية وإدارة للمحافظات بحيث تضع كل محافظة خطة عمل ضمن السياسة العاملة للدولة.
الأهم هو أن أعضاء مجلس الشورى (وهم أعضاء اللجنة الاقتصادية) التقوا مع غرفة التجارة حول نقطة بالغة الحساسية، وتمثل ثغرة خطيرة في البناء التشريعي العماني، بعد كل هذه العقود، اتفقوا على "وجود ازدواجية في التشريع" حيث تصدر الجهات التنفيذية -وهذا هو بيت القصيد- لوائح تنفيذ القوانين دون التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية.. حيث تحتاج المعاملة الواحدة "الوقت والجهد والمال" وهذا ما أدركه جيراننا فاستقطبوا حتى رجال الأعمال العمانيين.
من النقاط التي سعدت بها أنها محل نقاش على مستويات "ذات مسؤولية" وأشرت إليها في مقالات سابقة، موضوع السكن، بخاصة للعاملين في القطاع الخاص، وأغلبهم من الشباب الذين يعانون إيجاد "مقام كريم" لهم في العاصمة مسقط، حيث الراتب لا يكفي لشقة يستريح فيها الشاب مع عائلته الصغيرة، والأراضي لم تعد متاحة (ليس لندرتها فقط).. الحلول المطروحة في ملتقى جهتين مهمتين في المسار التنموي على غاية من الأهمية لأنها تمنح حلولا واضحة: إقامة مشروع وطني يتمثل في بناء مجمعات سكنية متكاملة الخدمات، ويكافأ بها العاملون المستقرون وظيفيا من خلال تسهيلات لا ترهق كاهلهم، ويمكنهم من ضمان السكن الخاص بهم، دون هدر الراتب في إيجارات شهرية لا تصنع تراكما حتى إذا استمرت عشرات السنين.
وضع المجتمعون الذين فكروا وناقشوا على مدار يومين الكثير من الرؤى.. وقد تغيب في ردهات التنفيذ طالما أن الحكومة تكتفي بقراءة تلك الأفكار.. ولأن التنفيذ في القطاع الحكومي يلزمه الكثير من اللجان واللجان المنبثقة وفرق العمل فإن أصوات هؤلاء سيأخذها بحر المصنعة، حيث التقوا وفكروا!