بداية أسجل شكري الجزيل للأمير الوليد بن طلال على تبرعه الخيري لشخصي البسيط بمليونين ونصف المليون دولار، ورغم أن مؤسسته «الخيرية» كتبت في مقدمة الرسالة أنها من «المملكة العربية السعودية» إلا أنها (أي الرسالة بالإيميل) طلبت منّي التواصل مع «مكاتب المالية في تركيا».
عتبي على «سمو الأمير» أن مؤسسته الخيريــة تبرعت لي بهــــذا المبــلغ البسيط، مع «أنه قادر وأنا مستحق» لتبرع أسخى من ذلك، لكن، وعلى كل حال، لا أملك إلا شكره، ومؤســسته بالطبع التي اختـارتني لإســـعادي مع نهاية عام، وســينفع -بالتأكيد- لسداد بعض الالتزامات المتأخرة، من فواتير عمانتل، وصولا إلى الكهرباء والمياه، وتغييـــر «تواير الســـيارة»!
هذا الحظ السعيد توازى، وسبحان الله على الأرزاق، مع اتصال هاتفي سألني بلغة عربية ضعيفة، ووجدت له ألف عذر طالما أنه يحمل أخبارا سارّة من شركة النورس «أوريدو»، فسألني «يا أختي، هل تتحدث الهندية أو الإنجليزية» فأجبته «العربية» يا شيخنا، وكدت أقفز فرحا وهو يخبرني بفوزي بعشرين ألف ريال لولا أنني أنتظر نحو مليون ريال عماني من مؤسسة الأمير الوليد، بعد تحويل العملة الدولارية إلى ريالنا الأنيق.
مثل هذه الأخبار السعيدة، لا أسعد الله مرسليها، تصلني أسبوعيا بطرق مختلفة، على اعتبار أن هناك من يستوعب أنه فاز فجأة بالملايين، أو أن شخصا يتحدث بلغة ركيكة عن الفوز بعشرين ألف ريال، مع أن «حمود بن سنجور» يحذرنا من الخداع والاحتيال والنصب، ولولا أن هناك من يقع في الشراك لكفّ هؤلاء عن محاولاتهم، إنما سيجدون «مغفّلا» يســـتجيب، ولو بعد مئات المحاولات.
لماذا يتصل رجل من أدغــال أفريقيا يدّعي القدرة على تحويل الأوراق إلى عملات نقدية حقيقية طالما أنه ممتلك لهكذا قدرة تجعله في غنى عنّا ولـــديه أوراق أشجــار غابات بلاده يمكنه أن يحوّلها إلى سبائك ذهب لو اســتطاع إلى ذلك سبيلا؟!!
وما الذي تهدف إليه مؤسسة خيرية من تبرعها بهكذا ملايين لمن لا يحتاج إليها بينما هناك مليارات من الفقراء والجوعى يستحقون عمل الخير؟!
ينطبق عليهم ما ترمي إليه الأرامل اللاتي يدّعين أنهن اخترنني من بين رجال الكون لتحويل ثروة «المرحوم» إلى حسابي البنكي ريثما تنتهي الإجراءات اللازمة في بلادهن المأزومة بالحروب، ثم أغرّد وحيدا بثروة من الوهــم «البيّن» ومكشوفة لعبتها، كأنما هــناك من يصدّق، ولكنه «الوعي» القادر على التمييز، فالنصـــب رغم وضوحه الهائل، لكن هناك من يعشي عينيه «الطمع» فيمضي إليه، والدليل على أن الآلاف من «العقلاء والفاهمين والواعين» وقعوا في فخ المحـــافـظ الاستثمارية، وقد رأيت كذبها كنور الشمس، إذ إن جهاز شركات عملاقة لا تحقــق مكاسب تكفي لمنح أرباح كالتي يعطيها «النصّابون» لمشتركي تلك الجمعيات، وعندما ســـقطت الأقنعة اكتشف الآلاف أنهم خدعوا، وما زالوا يدفعون أقساط القروض البنكية منذ عشر سنوات، وربما لمثلها لاحقا، وعدا أولئك الذين باعوا منازلهم وأراضيهم ومزارعهم.
إنها لغة الاحتيال تتخذ صفة عالمية، ففي عالم التواصل السريع يمكن لمحترفي النصب في أي قرية في هذا العالم الوصول إلينا، والمغفل من يصدق!