المجالس البلدية وجه حضاري مشرف

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٦/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
المجالس البلدية

وجه حضاري مشرف

ناصر اليحمدي

يعيش العمانيون هذه الأيام العرس الديمقراطي المتمثل في انتخابات المجالس البلدية التي تشعر المواطن بأنه شريك أساسي في مسيرة التنمية.. فالسياسة الحكيمة التي وضعت العماني في بؤرة الخطط التنموية المتعاقبة وجعلته هدفها وغايتها حرصت منذ فجر النهضة المباركة على أن يبني هذا المواطن وطنه ويرسم مستقبله بنفسه وقامت بإشراك كافة أفراد المجتمع في مختلف أوجه التنمية حتى تكتمل الصورة الناصعة.

من يتابع الحركة الديمقراطية في بلادنا والخاصة بالمجالس البلدية يجد أنها ليست حديثة النشأة حيث أنشئ أول مجلس بلدي في السلطنة في مسقط العام 1939 ثم أعيد تشكيله مرة أخرى العام 1972 ثم ما لبث وتوسعت التجربة لتشمل باقي محافظات السلطنة وهو ما أعطى التجربة ثراء وخبرة.. فالمهمة الأســـاسية للمجلس البلـــدي تخفيــف العـــبء عن كاهــل الحكومة المركزية في العاصمة وفتح الباب أمام إشراك المواطن في إدارة شؤون المجتمع المحلي وتنمية وتطـــوير المحافظة التي يمثلها عن طريق توفير الخدمـــات والمرافق وتلبية احتياجات سكان المحافظة.
لا شك أنه أصبح للمجالس البلدية دور محوري ومهم في توفير احتياجات المواطنين خاصة في ظل تزايد عدد السكان والتوسع العمراني والتنموي.. وتأتي الفترة الثانية لانتخابات المجالس البلدية بعد النجاح الذي حققته الفترة الأولى في قدرتها على تحويل مقترحات التنمية من حبر على ورق لأمر واقع على الأرض واستطاعت أن تتجاوز المصالح الفئوية الضيقة لتشمل مصلحة المجتمع بكافة شرائحه والوطن بأكمله.. وبالتالي فإن المجلس البلدي أصبح ضرورة من ضرورات المرحلة التي نمر بها والتي نسعى من خلالها لتنويع مصادر الدخل وإيصال كافة جهود التنمية لكل شبر بالبلاد.
الملاحظ في انتخابات الفترة الثانية للمجالس البلدية هو مدى الوعي الذي أصبح يتمتع به المواطنون عند اختيارهم لمن يمثلهم في تقلد المنصب.. فإذا كانت الفترة الأولى شهدت بعض المحاباة للقبيلة والعشيرة والصداقة وغيرها فإن الفترة الثانية شهدت وعياً بضرورة اختيار من يستطيع أن يحقق المطلوب من المجلس ويلبي احتياجات المواطنين.. فقد توجه العمانيون لصناديق الاقتراع وهم على علم بقدرة كل مرشح على تحقيق تطلعاتهم لذلك انطبق على الاختيار المثل القائل «الرجل الصحيح في المكان الصحيح».. كما أن المرشحين أنفسهم لوحظ تمتعهم برؤية واضحة ودراية بآليات عمل المجالس وشعورهم بأهمية دورهم في تنمية الخدمات بالمحافظات.. ومما يؤكد على إدراكهم لأهمية دورهم نرى مطالبة البعض منهم بتوسيع صلاحيات المجلس بحيث تتعدى رفع المقترحات إلى تبني قرارات مستقلة فهذا يوفر الوقت والجهد ويقلل الضغط على الحكومة ويسارع في تلبية طلبات المواطنين.
إن سلاسة سير العملية الانتخابية بداية من دخول الناخب للقاعة التي يدلي فيها بصوته مرورا بعملية التصويت وإرشاد الناخبين والناخبات لكيفية التصويت إلى جانب الأجهزة والبرامج التي سهلت عليهم الإدلاء بأصواتهم وانتهاء بإظهار النتائج تظهر الشفافية والحرفية التي تتمتع بها الجهات المعنية.. فقد منحتهم انتخابات مجلس الشورى طوال تاريخها والفترة الأولى من انتخابات المجالس البلدية الخبرة الكافية للتيسير على المواطنين في عملية التصويت والتعامل مع مفردات العملية الانتخابيــة وصناديق الاقتراع بكفاءة حتى تخرج بهذا الشكل المشرف.
لا شك أن هذا الإقبال الكبير من قبل المواطنين على صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات يبرهن على حرصهم على المشاركة بفاعلية في بناء الوطن وتنمية المجتمع وتطوير قطاعاته المختلفة.. فقد أصبح المجلس البلدي أحد الأوجـــه الحضارية لمسيرة النهضـــة المباركة فهو يضع تطلعات المواطن فوق كل اعتبار وكل ما يحقق له العيش الرغيد وفي ذات الوقت يبحث عن مصلحة البلاد وما يحقق لها الرخاء والتنمية الشاملة.. وفق الله أعضــــاءه لما فيه خير البلاد والعباد.

الانتفاضة الفلسطينية هي الحل

الحملات المسعورة التي يطلقها الاحتلال الإسرائيلي كل فترة وجيزة وأخرى على قطاع غزة لم تعد تحتمل السكوت.. فإخواننا الفلسطينيون في القطاع يعانون من حصار خانق منذ سنوات ويضيق عليهم العدو الصهيوني معيشتهم حتى ما تسبب في هدمه بعدوانه الغاشم لم يسمح بإصلاحه ثم يأتي بعد ذلك ويكثف هجومه على الغزاويين ليزيد من مرارتهم وعذابهم.
إن إسرائيل تواصل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني الأعزل وتحصد القتلى والجرحى من الأبرياء والأطفال بصورة يومية وتحطم البنى الأساسية وبالرغم من ذلك فإنها تشتكي أن الفلسطينيين من يقومون بمهاجمة الدولة العبرية وأنهم إرهابيون ودعاة للموت لا يعرفون ماذا تعني الإنسانية وهو ما يضطرها للرد وشن العمليات العسكرية الواحدة تلو الأخرى لتضلل بذلك العالم وتقلب الصورة رأسا على عقب ويتحول الضحية لجان والعكس صحيح.
الغريب أن كل هذه الانتهاكات تحدث على مرأى ومسمع من العالم أجمع ويظل الصمت المطبق هو سيد الموقف.. بل إن المجتمع الدولي يعتبر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية برمتها دفاعاً عن النفس فلماذا لم يعتبر هذا المجتمع الذي يكيل بمكيالين أن ما قام به الفلسطينيون كذلك دفاعاً عن النفس أيضاً في ظل ما يعانونه من حصار خانق منذ سنوات والذي يغض المجتمع الدولي عنه الطرف ولم يفعل ما ينقذ الشعب الفلسطيني من براثن العدو الصهيوني الغاشم؟
السؤال الذي يفرض نفسه إذا كان هذا هو حال الغرب الموالي للعدو الصهيوني فأين الدور العربي من هذه الانتهاكات.. وماذا يمكن أن تفعل الدول العربية والإسلامية حيال العدوان المستمر على الأشقاء في غزة وغيرها؟
لا شك أنه ليس في يد العرب الكثير من الأوراق التي تستطيع بها الضغط على إسرائيل واتخاذ موقف صارم من الاعتداءات الصهيونية.. فكما أمريكا الراعي الرسمي والحارس الخاص للدولة العبرية حريصة على مصالحها في المنطقة فإن الدول العربية كذلك تريد الحفاظ على مصالحها مع الولايات المتحدة وكالعادة لا يملكون سوى الشجب والاستنكار والتنديد خاصة وأن أغلبية الدول العربية تعاني من أزمات اقتصادية شديدة بعد ثورات الربيع التي أطاحت بأنظمتها السابقة وبالتالي فإنها أحوج ما تكون للمعونات الأمريكية لإنقاذ اقتصادها المتعثر.
للأسف ميزان القوى العالمي يميل صوب الجانب الإسرائيلي ولا تزال الدول العربية تعاني ضعفاً ووهناً نتيجة التشرذم الذي ينخر في عظامها.. أما إسرائيل فإنها قاربت على تحقيق حلمها في تكوين دولة من النيل إلى الفرات.. فهي موجودة في أثيوبيا على منابع النيل وقريبة جدا من الفرات.. أما العرب فما زالوا يغطون في سباتهم ويدفنون رؤوسهم في الرمال ويشجبون.
إن إيماننا بالمقاومة الفلسطينية عظيم وأملنا فيها كبير فقد أثبتت عبر التاريخ قدرتها الفائقة على الصمود وفي نفس الوقت تظهر مدى الضعف الإسرائيلي وتفند قوتها الكاذبة التي يجسدها التخبط الذي تقوم به من خلال قصف قطاع غزة..
نتمنى أن يستمع الفلسطينيون لصوت الضمير الوطني فينحوا خلافاتهم جانباً ويقفوا صفاً واحداً في وجه العدو المشترك وندعو الله أن ينقذهم من الموت الذي يحاصرهم من كل جانب.