القاهرة- خالد البحيري
النظرة الهادئة إلى الأزمة المتعلقة بغالبية السلع الغذائية في مصر، ومنها السكر، تكشف أموراً عدة، أبرزها تفشي حالة التخبط في هذا الإطار. إذ تشير الإحصائيات المتاحة إلى أن مصر تستهلك سنوياً ما يقارب من 3.1 مليون طن، وتنتج حوالي 77% من الاستهلاك أي ما يعادل 2.4 مليون طن سكر، والباقي 700 ألف طن يتم استيرادها من الخارج، وكان سعر طن السكر في السوق العالمي في العام 2015، قد بلغ 3800 جنيه مصري (200 دولار تقريبا)، في حين إن سعر طن السكر المصري كان 4500 جنيه تقريبًا.
وعلى خلفية هذا الأمر وجه خبراء الاقتصاد انتقادات لسياسات التأخر في التدخل ومنع التصدير، كي نستطيع سد العجز في الإنتاج الموجود بالأساس، حيث تم تصدير 600 ألف طن سكر وبقى 150 ألف طن فقط، وعندها تدخلت الدولة وفرضت ضريبة قيمتها 900 جنيه على طن السكر الذي يتم تصديره. وبعد قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف، المعروف إعلاميا بـــ»تعويم الجنيه» ارتفع سعر طن السكر المستورد ليصل إلى 10800 جنيه للطن أي أن سعر الكيلو المستورد وصل إلى 11 جنيهاً غير شامل مصاريف الشحن وأرباح المستورد، مما أدى إلى عزوف التجار عن استيراد السكر خاصة في ظل تثبيت سعره الرسمي بـ7 جنيهات للكيلو، خوفاً من الخسارة الفادحة والملاحقة الأمنية. كما أن أزمة الدولار دفعت أحد أكبر مصانع تكرير السكر في مصر والتابع لشركة «صافولا» إلى تصدير كامل إنتاجه من السكر الأبيض والذي يصل إلى 450 ألف طن سنوياً، بدلا من توجيهه للسوق الداخلي، للاستفادة من المكسب، حيث إنها تقوم باستيراد السكر الخام بالدولار، وبالتالي التصدير وسيلتها لضمان توفر الدولار لاستيراد الخامات وتشغيل المصنع. في ذات سياق أسباب تفاقم الأزمة، اتضح أن سياسات إلقاء القبض على عامل في القهوة لحيازته 10 كيلو سكر، والقبض على شخصين بتهمة حيازة «2 كيلو سكر»، أو مصادرة 2000 طن سكر من أحد أكبر المصانع التي تحتاج إلى السكر في إنتاجها، قد أدت إلى زيادة سعر السكر لأن نسبة المخاطرة سترتفع وبالتالي السعر سوف يرتفع بشكل جنوني.الجدير بالذكر، أنه ورغم ارتفاع أسعار السكر عالميًا إلا أن الحكومة رفضت رفع سعر طن قصب السكر من 500 جنيه إلى 800 جنيه، مما أدى لعزوف قطاع من الفلاحين بالصعيد عن زراعة القصب لصالح زراعة الموز، وبالتالي تراجعت المساحات المزروعة بالقصب بدل زيادتها.