مسقط -
لا تنتهي معاناة السوريين، حتى بعد الحصول على عمل، ففي تركيا يضطَّرُ اللاجئون السوريون للعمل في المزارع، والمصانع، لساعات طويلة، وبأجورٍ منخفضةٍ، عادةً ما تصل إليهم بوقتٍ متأخر من الشهر.
الصحفي المختص في النزاعات الدولية، والباحث دييغو كوبولو، المقيم في تركيا، تابعَ معاناة اللاجئين السوريين في المزارع التركية، في تحقيق مصور نشرتهُ شبكة «أنباء إيرين الإنسانية»، ومقرها «جنيف».
ويؤكد مؤلف كتاب «روايات لاجئين سوريين عن الحرب»، أن اللاجئين السوريين يشكلون الآن 85 في المئة من القوى العاملة الزراعية في أضنة، إذ «يعيش المهاجرون في مستوطنات معزولة من الخيام بعيداً عن المدارس والمرافق الصحية. ويعمل ما يقرب من نصف الأطفال السوريين الذين في سن المدرسة هنا في الحقول ويعيشون فيها»، بحسب التقرير المصور الذي اطلعت «الشبيبة» عليه. وينقل كوبولو، عن أمينة شاهين، وزوجها، وأطفالها، أن آخر أجر تلقوهُ كان قبل أربعة أشهر «مقابل عملهم في قطف الفاكهة والخضروات في مزرعة بمحافظة أضنة الخصبة في جنوب تركيا».
تعتمد شاهين البالغة من العمر 44 عاماً، وهي أم لثمانية أطفال، في معظم الأوقات على القسائم القابلة للاسترداد التي تُمنح لأسرتها بدلاً من النقود، وتقبلها المتاجر المحلية مقابل نحو 80% من قيمتها. وعندما تُدفع الرواتب في نهاية المطاف، دائماً ما تكون أقل من المتوقع.
وقالت شاهين: «عندما لا نتقاضى رواتبنا، نلجأ إلى طرق تتميز بقدر كبير من الابتكار في استخدام الطعام القليل المتوفر لدينا.. بدلاً من غذاء الرضع، نستخدم الخبز المغموس في الشاي».
مع ذلك، فإنها تعتبر نفسها محظوظة. عندما يقوم أفراد أسرتها بقطف الفاكهة، تظل شاهين في مخيم العمال بالقرب من قرية دوغانكنت، حيث تنظف خيمة الأسرة وتغسل الملابس وتخبز الخبز. تعمل نساء أخريات عديدات من المقيمات في المخيم في الحقول بالإضافة إلى أداء المهمات اليومية المتوقعة من الزوجات والأمهات.
يذكر أن أضنة واحدة من أكثر المناطق حراً في تركيا، الأمر الذي يعني أن ضربات الشمس تُعد مشكلة شائعة بين عمال المزارع. ويشكو العمال الذين تحدثت إليهم شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من أن سيارات الإسعاف ترفض التقاطهم من المخيمات في كثير من الأحيان، وبالتالي فإنهم يضطرون لدفع ثمن الانتقال إلى المستشفيات المحلية.
ووفقاً لدراسة جديدة أجرتها ورشة التنمية ومقرها أنقرة، يعمل العمال الزراعيون السوريون في أضنة لمدة 11 ساعة يومياً في المتوسط مقابل 38 ليرة تركية (11 دولاراً)، حوالي ثلثي ما يكسبه الأتراك الذين يقومون بنفس العمل.
كما وجدت الدراسة، التي تم تمويلها من قِبل دائرة المساعدات الطارئة في الاتحاد الأوروبي، إيكو، أن العمال السوريين في كثير من الأحيان يضطرون إلى الانتظار لعدة أشهر بعد جمع المحاصيل حتى يحصلوا على أجورهم. وعادة ما يتم الدفع من خلال وسطاء. ويعمل هؤلاء الوسطاء بمثابة وكلاء توظيف، وينظمون أيضاً ترتيبات النقل والمعيشة. وفي مقابل خدماتهم، يحصل الوسطاء، الذين غالباً ما يكونون من الأكراد الذين نزحوا من جنوب شرق تركيا في تسعينيات القرن الفائت، على 10 في المئة من أجور العمال.
تؤكد أستاذة السياسة الاجتماعية في جامعة موغلا، سنية ديديوغلو في تحقيق «إيرين» أن معظم اللاجئين العاملين في المزارع يعيشون «في نهاية المطاف على الكفاف»، وتضيف: «أن قيمة أجورهم ليست مهمة، فهم يعرفون أن هناك فرص عمل في مجال الزراعة. وفي حالة الأسر التي لديها 10 أطفال، ربما يعمل خمسة أطفال ووالديهم لكسب ما يكفي من المال للبقاء على قيد الحياة».