في الوقت الذي تتأثر فيه الكثير من القطاعات بتبعات الأزمة المالية، في شكل تخفيض الإنفاق بشقيه الإنمائي والتجاري، إلا أن تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السلطنة من صندوق الرفد وبنك التنمية العماني ماضٍ لتحقيق أهدافه لبناء القدرات الوطنية، ودعم رواد الأعمال بكل ما يمكنهم من بدء أعمالهم، تدل دلالة واضحة على التوجهات الوطنية الهادفة إلى تدعيم هذا المجال فضلاً عن الصناديق الأخرى الخاصة التي تعمل على تعزيز ريادة الأعمال في البلاد، الأمر الذي يبعث على الارتياح لما يتحقق في هذا المجال الهادف إلى إيجاد جيل من رجالات الأعمال في البلاد وتشجيع وتحفيز الشباب على امتهان العمل الحر في كل الأنشطة الاقتصادية.
بلا شك أن الجهود المبذولة لتعزيز ريادة الأعمال أصبحت حقائق تتجسد على أرض الواقع لكل شاب جاد في العمل الحر وبناء ذاته اقتصادياً ومادياً. فالجهات الحكومية والخاصة على أهبة الاستعداد لمساندته بكل الطرق التي تتيح له أن يمارس أعماله الحرة. فاليوم، الكثير من الجهات الداعمة لرواد الأعمال، تفتتح أبوابها لأبنائنا الجادين ليعملوا في المهن الحرة. ولعل المبادرات الوطنية العامة والخاصة التي تقدم للشباب، هي خير دليل على التوجه لتعزيز ريادة الأعمال في البلاد. فإنشاء غرفة تجارة وصناعة عمان لصندوق "تأسيس" لدعم رواد الأعمال ومنحهم العقود وتمويل المشاريع التي تعاقدوا عليها، يأتي في نفس الإطار الهادف إلى تشجيع أبناء هذا الوطن على ريادة الأعمال.
وعلى الخط نفسه يأتي صندوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الممول من عدة جهات حكومية وخاصة. وهذا الصندوق يمول في حدود 300 ألف ريال عماني، وهو أحد المبادرات الوطنية المساهمة في هذا الجهد الوطني. ومثله مركز مؤسسة الزبير للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، هو الآخر يبذل جهوداً نوعية في بناء قدرات وطنية فاعلة في العمل الحر. ولا ننسى صندوق "شراكة" ذا الإسهامات الطيبة في سبيل النهوض بمبادرات الشباب، فضلاً عن أن تخصيص البنوك نسبة 5 في المئة من الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كل هذه المؤسسات وغيرها تعمل كتفاً لكتف مع الجهات الحكومية المتمثلة في: صندوق الرفد، وبنك التنمية العماني، من أجل دعم المبادرات الخاصة.
إن هذه جهود واعدة ومبشرة وتبعث على التفاؤل بمستقبل هذا القطاع من الاقتصاد الوطني، وتفتح آفاقاً أكبر أمام أبنائنا الشباب وتؤكد لهم أن مجالات التمويل متوافرة على نطاق واسع لكل الجادين والراغبين الفعلين في ممارسة العمل الحر في البلاد. ورغم أن هذه الإحصائيات من جهتين فقط هما، صندوق الرفد وبنك التنمية العماني، وعن مدة عشرة أشهر فقط من العام الجاري، إلا أنها تعكس تطوراً إيجابياً في دعم وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
إن ما يبذله صندوق الرفد وبنك التنمية العماني في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذو أهمية كبيرة، وشمل التمويل جميع محافظات السلطنة، في اهتمام واضح بالتوزيع الجغرافي لقروض البنك، واستفادة أبناء الولايات من القروض التي يقدمها. وهذا دليل واضح على عظم المسؤولية التي يظلع بها البنك في تنمية مشاريع متناهية الصغر تخص الشرائح الضعيفة كالصيادين والمزارعين وأصحاب الورش والحرف التقليدية. وكذلك يفعل صندوق الرفد من حيث التوزيع الجغرافي للقروض.
إذن، فالبرامج التمويلية في السلطنة متوافرة للشباب الجاد والراغب. والإحصائيات المتوافرة عن بعض الجهات تتحدث بلغة الأرقام والبيانات. فهذا نهج يجب استثماره في تشجيع الشباب على الإقبال على العمل الحر والاتجاه إلى المهن الحرة.
بالطبع إن إجراءات ومتطلباته أي تمويل أو دفع مبالغ، تحتاج الإثباتات والالتزامات والجدية من جانب المقترضين. فضمان الالتزام بالسداد هو جزء مهم من عملية الإقراض ولابد لطالب القرض الإيفاء بها. وهذا بالأساس من أجل ضمان جدية أصحاب المشاريع في عملهم وفي تسديد الالتزامات المالية التي عليهم، لكي يعاد تدويرها في قروض تنموية أخرى. فلا يجب أن ينزعج البعض من بعض الاشتراطات والمتطلبات اللازمة للقروض. والأمر الذي يجب أن نتفهمه كمجتمع هو أن الأموال المقترضة هي أموال عامة يجب أن تسترجع. والجهات التي تعمل في هذا الشأن، جهات مؤتمنة على ما لديها من أموال ومؤتمنة على تصريفها واستعادتها وفق الضوابط المعمول بها.
إننا حين ننادي بتسهيل إجراءات الائتمان وتخفيف الاشتراطات على بعض الفئات الجادة وذات المشاريع المبتكرة والقيمة المضافة للاقتصاد والأسواق، فإننا في المقابل، ندعو الجميع إلى الإيفاء بالالتزامات المطلوبة.
نأمل أن تكلل هذه المشاريع بالنجاح وأن تعزز كل المبادرات الوطنية الهادفة إلى تشجيع العمل الحر وتقديم الدعم لها وتشجيع الكوادر الوطنية الجادة والراغبة في امتهان العمل الحر.
إن الحقائق والإحصائيات التي ذكرناها أعلاه، تأتي كرد على المتقولين بعدم وجود دعم وتشجيع لهذا الجانب من المشاريع. فهؤلاء يثيرون الزوابع بدون أي أدلة على ما يقولون به. والأرقام دائماً شاهدة على الإنجازات ولا تعرف الكذب أو المبالغات.