متى تزوج ترامب أبينا؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٠/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:١٠ ص
متى تزوج ترامب أبينا؟

لميس ضيف
ترامب.. ترامب.. ترامب، لم يعد لدى العالم سوى هذا الرجل!

فخزانات الإعلام العربي تفيض بذكره، ولا تكاد تخلو صحيفة من مقال دامغ لفوزه، وتحليل خطواته صار خبزنا وهمنا، وصرنا نتصرف كأبناء دخلت عليهم زوجة أب جديدة، يخشون ظلمها وجورها وجنونها ويطلبون السلامة على أنفسهم من مكرها!

في الغرب لا زالوا يصفون فوزه بالصدمة! وكأن خطابه العنصري ليس مفصلاً على مقاس هواهم، وكأنهم لا يزرعون الكراهية للمختلفين عنهم في الباحة الخلفية لبلدهم، ويصورون تدمير مخالفيهم بأنه «إنجاز وطني» وكأن ترامب -بعنصريته- ليس صورة نمطية لشخصية الكاوبوي الأمريكي التي يدفنها نصف الشعب تحت بدلته!
أما ما يستدعي رفع الحاجب دهشة، فهو أن العالم بأسره يتصرف على أن الملياردير الطموح هو أول رئيس دولة غير مؤهل للقيادة! وكأنهم لا يعلمون أن العالم مليء بالرؤساء المعتوهين والمتعصبين والتافهين وأولئك الذين يعيشون في فقاعاتهم الخاصة ويرون العالم من فتحة صغيرة في عباءة مستشاريهم ووعاظ بلاطهم!
العرب، بشكل خاص، هم آخر من نتوقع منهم هذا النحيب والقلق. فهم مجبولون على مراقبة الرؤساء فاقدي الأهلية، الذين لا يملك الواحد منهم ما يكفي من المهارات لإدارة نادٍ رياضي محترم ناهيك عن دولة! وقد نال العرب نصيبهم من الرؤساء فاقدي العقل أيضاً. وغني عن البيان القول إن الأفعال التي صدرت من رؤساء عرب لن يجرؤ ترامب، ولا أبو ترامب وسلالته أيضاً، على التفكير بها. فلماذا يبدو العرب مشدوهين من عنصريته يا ترى! وعلام القلق أصلا؟
الولايات المتحدة لم تكن يوما مع الشعوب العربية، ولم تستخدم قضاياها يوما إلا لمناكفة الحكومات وابتزازها. على صعيد آخر فأمريكا هي دولة «بنت ناس» لن تسطو على دولة دون أن يقدم أهلها المفتاح ولن تعيل على أحد دون مسوغ قانوني. ثم أني لا أعرف أي دولة في العالم ستكون قاسية علينا كما نحن أجلاف قساة على أنفسنا! وليس ثمة مخاطر تأتينا من نوافذ الغرب كتلك الأعاصير التي تهب علينا من شطر الشرق!
يبدو لي، والله أعلم، أننا نهرب من أمراضنا وأزماتنا بالقلق على تحديات أقل ألماً وضراراً.
كذلك الذي يعاني من سمنة مرضية ولكنــه يشغل نفسه بالبحث فــي مشكلــة تساقط شعره! فالإنسان يذود أحيانا بالقلق هربا من الهم. ونحن أمة لا تريد أن تشير لمجانينها ومتعصبيها فتنشغل بترامب وغيره وكأنه منشغل بها وهو الذي لا يدري «عن هوى دارها»!