إعادة حقوق الملكية في الصين إلى وضعها الصحيح

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
إعادة حقوق الملكية في الصين إلى وضعها الصحيح

شانج جين وي

لقد تبنت الصين مؤخرًا مبادئ توجيهية جديدة من أجل تعزيز حماية حقوق الملكية وتُعتبر تلك التوجيهات خطوة مهمة نحو ضمان تحقيق النمو الاقتصادي على المدى البعيد، ولكن لا يزال هناك المزيد مما ينبغي عمله.
يتمثل الهدف من تلك المبادئ التوجيهية في تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولًا، تُحد تلك المبادئ من قدرة الدولة التقديرية على نزع الملكية الخاصة من رواد الأعمال والمواطنين العاديين. فقد كان القانون في الماضي يُعرف القطاع المملوك للدولة بأنه "مؤسسة" تابعة إلى "اقتصاد السوق الاشتراكية" ويعرِّف القطاع الخاص بأنه "ملحق" بتلك السوق. تؤكد المبادئ التوجيهية الجديدة على "تكافؤ مركز" الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة، وعلى "تكافؤ حماية" حقوق الملكية الخاصة بكلٍ منها مما يعني أنه لن تكون الممتلكات الخاصة بعد الآن أقل شأنًا من ممتلكات الدولة على المستوى الرسمي على الأقل.
واجهت الصين في الآونة الأخيرة موجة جديدة من نزوح رؤوس الأموال، وهي موجة مدفوعة جزئيًا بمخاوف رواد الأعمال من أن حملة مناهضة الفساد التي يقودها الرئيس شي جينبينج -والتي تركز حتى الآن على فساد مسؤولي الحكومة- قد تُوجَّه يومًا ما إليهم وإلى ممتلكاتهم. وفي النهاية، فإنه بالنظر إلى كون القوانين والأنظمة التي تحكم الأعمال التجارية في الصين معقدة للغاية، بل وفي بعض الأحيان تكون متناقضة، فقد كان من الصعب على رواد الأعمال الصينيين ألا ينتهكوا قاعدة أو أخرى.
تُعالج المبادئ التوجيهية الجديدة هذه المسألة بما يُسمى بالعفو عن "الخطايا الأصلية" أي الأنشطة غير المعتادة أو غير القانونية أو عمليات التهرب الضريبي التي مارسها رواد أعمال القطاع الخاص في شركاتهم في بدايات تأسيسها. ويمكن لبرنامج العفو هذا -جنبًا إلى جنب مع التحول الكبير نحو المساواة بين الشركات المملوكة للدولة والشركات الخاصة- أن يؤدي إلى انقشاع حالة الغموض التي كانت تخيم على رجال الأعمال الصينيين، وتشجيعهم على إبقاء ثرواتهم وكفاءاتهم داخل البلاد.
يتمثل الهدف الثاني للمبادئ التوجيهية الجديدة في القضاء على قيام جهات تنتمي إلى القطاع الخاص بمصادرة ملكية الأصول المملوكة للدولة، بمن فيهم مديرو الشركات المملوكة للدولة ممن يُجرون تعاملات ذاتية المنفعة. تتخذ تلك التعاملات ذاتية المنفعة أشكالًا كثيرة، منها بيع الأصول المملوكة للدولة بقيمة أقل من قيمتها السوقية إلى ذوي الصلة من أطراف القطاع الخاص، والتداوُل بُناءً على معلومات داخلية في سوق الأوراق المالية.
كان قمع هذا السلوك أحد الآثار الإيجابية لحملة مناهضة الفساد. إلا أنه من المنطقي بالنسبة إلى واضعي المبادئ التوجيهية، من أجل تلبية دعوة الرئيس شي لتدعيم وتوسيع الشركات المملوكة للدولة القائمة، أن يقترحوا المزيد من التدابير من أجل تقليل المخاطر الناشئة عن الحوكمة الضعيفة للشركات.
يتمثل الهدف الثالث للمبادئ التوجيهية في تشجيع الابتكار من خلال حماية ثمرة الجهود الإبداعية، إذ إن العوامل التي حركت عجلة نمو الصين في العقود القليلة الفائتة -المتمثلة في مخزون هائل من القوى العاملة الرخيصة والتكنولوجيا المستوردة والاستثمارات المادية الضخمة- آخذة في التلاشي. ويتعين الآن أن تتدارك زيادة الإنتاجية والابتكار المحلي تلاشي هذه العوامل. ويتطلب ذلك توفير حماية كافية للملكية الفكرية.
يُظهر بحثي الخاص، الذي نفذته مع جوهان شي وتشياوبو جانج، أن الشركات الصينية -وخاصةً الشركات التابعة للقطاع الخاص- في الآونة الأخيرة سرَّعت وتيرة الابتكار، وحصلت على عدد متزايد من براءات الاختراع في الوطن وخارجه. ولا عجب في انضمام تلك الشركات إلى الشركات متعددة الجنسيات ومفاوضي التجارة الدولية للمطالبة بتوفير حماية أفضل للملكية الفكرية وبينما تصبح حقوق الملكية الفكرية أكثر أمنًا، تستطيع محركات النمو الجديدة في الصين أن تكتسب زخما كبيرا.
رئيس وكبير الخبراء الاقتصاديين الأسبق في بنك التنمية الآسيوي ورئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والتعاون الإقليمي فيه