ديفيد إجناتيوس
لو قلنا إن مقاتلي تنظيم داعش يهاجمون دورية عسكرية إسرائيلية على طول الحدود السورية، وأنهم يحاولون محاولة فاشلة لاختطاف جندي إسرائيلي، وأنهم يقتلون أربعة جنود آخرين، وأحد المواقع الحدودية الأردنية يتم ضربه أيضا، وتنظيم داعش يعلن أنه سيطر على محافظة درعا في جنوب سوريا.
كيف ترد إسرائيل واللاعبون الرئيسيون الآخرون على مثل هذا السيناريو؟ في لعبة حرب تم عرضها هنا في تل أبيب الأسبوع الفائت، انتقمت إسرائيل ولكن بحذر. فقد أراد اللاعبون الذين يمثلون كلا من إسرائيل والأردن تجنب الدخول في معركة ضارية مع الإرهابيين – فتطلعوا إلى الولايات المتحدة للقيادة.
لقد قام المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي بعرض هذه المحاكاة كجزء من مؤتمره السنوي. وقد أظهرت النتائج الواقع المتناقض للصراع ضد تنظيم داعش: فكل من إسرائيل والأردن تتصرفان بحذر وضبط للنفس، على أمل تجنب الانجرار بشكل أعمق في فوضى الحرب السورية، حتى في الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بتصعيد مشاركتها فيها.
قال الجنرال عساف أوريون، الضابط المتقاعد الذي شغل منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي للتخطيط: «نحن جميعا نؤمن أن الحفاظ على إسرائيل بعيدة عن الصراع هو أمر مهم». وقد قاد أوروين الفريق الإسرائيلي في تمرين المحاكاة. وفي هذا التمرين، انتقمت إسرائيل لمقتل جنودها ولكنها تجنبت الدخول في عمليات عسكرية كبيرة.
والأردن أيضا أرادت تجنب التصعيد. ولم يرد اللاعبون الذين يمثلون الأردن إرسال قواتهم إلى سوريا، وكانوا قلقين بشأن اللاجئين والخلايا الإرهابية النائمة داخل الأردن، وكانوا يأملون أن تستطيع القوة العسكرية المشتركة لروسيا والنظام السوري قمع الصراع وطرد تنظيم داعش من الأراضي التي تسيطر عليها في جنوب سوريا. كما بحثوا أيضا عن قيادة الولايات المتحدة ولكنهم لم يكونوا متأكدين من إمكانية الاعتماد عليها.
وقد لعب دور الولايات المتحدة الجنرال جون ألين، ضابط البحرية المتقاعد الذي حتى وقت قريب كان يقوم بتنسيق استراتيجية التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. وقد نظرت الولايات المتحدة إلى الأمن الإسرائيلي والأردني على أنه مصلحة وطنية حيوية، كما قال الجنرال ألين، وأنها سترسل طائراتها الحربية للرد على أي هجوم على حلفائها. إن التدخل العسكري الأمريكي، في المحاكاة وفي الواقع، آخذ في الازدياد.
إن كنت لا تحب هذه النسخة من محاكاة الحرب، فربما تكون كراهيتك للواقع الحي أكبر. هناك إجماع متزايد على أن تنظيم داعش يشكل تهديدا خطيرا للنظام الإقليمي بل والنظام الدولي؛ وقد وصف أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين الصراع مع «الخلافة» بأنه «حرب عالمية ثالثة». ولكن معظم اللاعبين ما زالوا يرغبون في الاختباء خلف الولايات المتحدة في حين تقوم الولايات المتحدة بالجزء الأكبر من القتال.
إن زيارة إلى مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية هنا في تل أبيب قد أكدت أن لعبة محاكاة الحرب كانت انعكاسا دقيقا لكيفية رؤية القادة العسكريين الإسرائيليين للصراع. فبدلا من مهاجمة قوات تنظيم داعش على طول حدودها الشمالية والشرقية، تنتهج إسرائيل سياسة الردع والاحتواء بل وحتى الاتصال الهادئ، كما قال أحد كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين. وأشار هذا المسؤول أيضا إلى أنه إن كانت إسرائيل تريد شن هجوم شامل على قوات تنظيم داعش في جنوب سوريا وشبه جزيرة سيناء، فإنها بإمكانها سحقهم في ثلاث أو أربع ساعات. «ولكن ماذا سيحدث في اليوم التالي؟»، يسأل المسؤول العسكري الإسرائيلي الكبير. «في الوقت الراهن، نعتقد أنه سيكون أسوأ. لذلك فنحن نحاول ردعهم».
لا يريد الإسرائيليون إزعاج عش الدبابير بتحدي تنظيم داعش. فهل هناك خيار مماثل متاح للولايات المتحدة؟ يقول معظم المسؤولين الإسرائيليين: لا. ويجادلون بأن الولايات المتحدة هي قوة عظمى، وأنها لو كانت تريد الحفاظ على القيادة في المنطقة، فعليها أن تقود المعركة لدحر داعش.
إن الإسرائيليين مختلفون فيما بينهم على كل موضوع سياسي تقريبا، ولكن فيما يتعلق بالصورة الاستراتيجية، هناك اتفاق أساسي: بما أن نظام الدولة يتفتت في الشرق الأوسط، فإن عدم الاستقرار في هذه المنطقة سيكون مزمنا، وسيستمر لسنوات عديدة. والهروب من هذا الصراع سيكون مستحيلا. لذلك لابد من التفكير مليا في كيف تريد أن تخوض حربا فيما يصفه المسؤول العسكري الإسرائيلي الكبير بأنه «مركز جهاز الطرد المركزي».
كاتب عمود في الشؤون الخارجية بصحيفة واشنطن بوست