الحياة.. مقاطع

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٢٩ ص
الحياة.. مقاطع

محمد بن سيف الرحبي

لكل مرحلة وهجها، ولكل مفصل قوته، ومشكلة البعض أنه يريدها جميعها لونا واحدا، ينتمي إلى مرحلة الشباب، وبينهم من لا يريد أن يفارق.. طفولته!
**
للطفولة.. شقاوة البراءة.
ولما بعدها حنين أخّاذ لا يكف عن الضغط على أعصابنا، حتى إذا تجاوزنا فترة الشباب بكينا عليها، مستعيدين "ألا ليت الشباب يعود يوما"، حيث لا عودة تبدو، إنما نكمل الطريق المكتوب علينا السير عليه، ولو من نافذة التأمل.
**
أنصح ابن العشرينيات أن يخطط لخمسينياته من الآن، كيف يريدها أن تكون، وبأي ألوان يريد رسم لوحتها، حتى لا تفاجئه وهو لم يتعلم لغة الرسم بعد، ولا يملك حتى فرشاة في يده حيث إن علبة كل الألوان أمامه.. جافّة، لا حياة فيها.
**
أما ابن الثلاثينيات فلا يظنها بعيدة، ما أسرع الزمن في أجندته، حيث ضغوط الحياة عليه تبدو أكبر، كونه يواجه مسؤوليات عدّة تكبر معه كل عام، فتأخذه في جريانها (الجارف) وبعدها، حينما يفيق يقول: ".. وضاع العمر يا ولدي".
**
ليس بيدك أن تبقى حيًا أو لا تبقى..
إنما بيدك أن تصنع حياة، تستطيع أن تعيش فيها كما ينبغي.
والأزمة التي يواجهها كثيرون من البشر أنهم لا يعرفون كيف يعيشون، بالرغم على أن كل سبل الحياة متوفرة لهم!
**
يجلس أمام شاشة التلفاز، وفي أي فرصة للمتعة مع الأصدقاء، في رحلة أو جلسة لعب، لا يتردد في اغتنامها، ومع مجموعته يلعن، ويشتم: تبّا لهذا الرزق العصيّ علينا بينما يذهب للسارقين!!
الحياة، وبدون شعور منه، لا يراها إلا من زاوية الأخذ المادي، متجاهلا صفة العطاء، ولذلك يبقى تفكيره سلبيا تجاه ما حوله من نقاط بيضاء، يمكنه الاسترشاد بها، ليرى لقمة عيشه.. على الأقل.
**
بعض أولئك يستيقظ بعد أن تكون الطيور طارت بأرزاقها، وضعفت لياقته (الفكرية) قبل أن يرى أن اللياقة البدنية لا تسعفه في ملاحقة الرزق.
أستعيد قول أحد الأصدقاء وقد رأى "الخير" عند آخرين: كان ذلك متاحا أمامنا، لكن حياة اللهو أخذتنا بعيدا عن التفكير في ذلك!
**
هذه مقاطع من الحياة، لحياة "متقطعة" حيث هناك من تقطعت به السبل في مفترق دروبها، ولم يجد لوحة إرشادية تدلّه على الطريق الأنسب لقدراته في المشي، أو ربما لم ير اللوحات الإرشادية.. ولا الطريق!