جنيف – وكالات
بدأ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا أمس الاثنين مهمة صعبة تقضي بإدارة محادثات بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة تهدف إلى وضع حد للنزاع المستمر منذ قرابة خمس سنوات.
وتنطلق المحادثات التي تأخرت أياما بسبب تردد المعارضة في المشاركة ومطالبتها بتنفيذ مطالب إنسانية على الأرض قبل بدء البحث في السياسة، غداة تفجيرات انتحارية دامية تسببت بمقتل 71 شخصاً في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق وتبناها تنظيم داعش.
وتعكس هذه التفجيرات مدى تعقيد النزاع السوري المتشعب الجبهات والأطراف، والضرورة الملحة للتوصل إلى حل للنزاع. ويرفض الجانبان أجراء مفاوضات مباشرة، وقد وافقا على أن يستقبل دي ميستورا كل من الوفدين بشكل رسمي ومنفصل في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
ويريد دي ميستورا إقامة حوار غير مباشر بين الجانبين عبر مندوبين يتنقلون بينهما. وكان أعلن لدى تحديد موعد المفاوضات أن العملية يمكن أن تستغرق حتى ستة اشهر، وهي المهلة التي حددتها الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى سلطة انتقالية تنظم الانتخابات في سوريا في منتصف 2017.
وتتمسك المعارضة بتطبيق مطالب إنسانية تتعلق بإيصال المساعدات إلى مناطق محاصرة ووقف القصف على المدنيين، قبل بدء التفاوض، وتصر على حصر التفاوض بالمرحلة الانتقالية التي يجب أن تنتهي برأيها بإزاحة الرئيس بشار الأسد. أما الحكومة السورية فتتهم المعارضة بإضاعة الوقت وبـ»عدم الجدية» وبالسعي إلى «تقويض الحوار». وكتبت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات أمس الاثنين نقلا عن مصادر دبلوماسية غربية أن «موسكو وواشنطن توصلتا إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تتفق في ما بينها على دستور جديد للبلاد وتنظم انتخابات برلمانية ورئاسية لا تستبعد أحدا إطلاقا».
واختصر دبلوماسي غربي متابع للمحادثات الوضع قائلا «لنكن واقعيين، حققنا تقدما فنحن إزاء أشخاص لم يتبادلوا الكلام منذ عامين بينما الفظاعات متواصلة والوضع تدهور».
وشارك وفدان من الحكومة والمعارضة السوريتين في مفاوضات على مرحلتين بإشراف الأمم المتحدة في جنيف في مطلع العام 2014 لم تؤد إلى نتيجة.
وتعلق الدول الكبرى آمالا على قرار الأمم المتحدة الصادر في 18 ديسمبر والذي نص على خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة، وعلى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا، لكن من دون أن يشير إلى مصير الرئيس السوري.
وتريد القوى الكبرى التي طالتها تداعيات النزاع المتمثلة بتهديد الإرهاب وأزمة الهجرة، أن يتمكن السوريون من الاتفاق على حل، ليكون في الإمكان مواجهة تنظيم داعش الذي يحتل مساحات واسعة من سوريا والعراق.
لكن حجم الهوة الفاصلة بين الطرفين وداعميهما الإقليميين والدوليين لا تبعث آمالا بتحقيق تقدم على المدى القصير أو المتوسط. وابرز المفاوضين في الوفد السوري إلى جنيف هو سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الذي اتهم المعارضة بأنها تفتقر إلى «المصداقية».
وقال مصدر قريب من السلطات السورية أن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد يشرف على المفاوضات من دمشق. أما كبير المفاوضين في وفد المعارضة فهو محمد علوش، ممثل «جيش الإسلام»، احد أبرز الفصائل المقاتلة المعارضة، الذي تصفه دمشق بـ»الإرهابي».
وهددت الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة بعد وصول وفد كبير منها إلى جنيف السبت، بأنها ستنسحب من المفاوضات في حال استمر ارتكاب الجرائم بحق المدنيين.
في واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في رسالة موجهة إلى وفدي المعارضة والحكومة «نظرا إلى ما تنطوي عليه هذه المحادثات من أهمية، اناشد الطرفين اغتنام هذه الفرصة على الوجه الأفضل»، وطالب الحكومة السورية بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى البلدات المحاصرة مثل مضايا في ريف دمشق.
وبدأ واضحاً أن كيري يسعى إلى إعطاء المعارضة إشارة إلى أن الولايات المتحدة تدعمها في مطالبها، في محاولة لدفعها للمضي في المحادثات. ورغم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين السوريين وصعوبة العملية، أعرب دي ميستورا الأحد عن «تفاؤله وتصميمه» على مواصلة جهوده.
وأوقع النــــزاع السوري أكثر من 260 ألف قتيل منذ العام 2011 وأدى إلى تهجير أكثر من نصف السكان إلى دول مجاورة أو إلى أوروبا التي يواجهون مخاطر جسيمة في بلوغها.
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين لصحافيين أمس الاثنين في جنيف أن جرائم الحرب المرتكبة في سوريا لا يجب أن تنال أي عفو. وقال «لدينا موقف مبدئي في الأمم المتحدة بعدم منح أي عفو للمشتبه بارتكابهم جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب»، مضيفا «نأمل بأن يشدد الوسطاء خلال المفاوضات على هذه النقطة لدى أطراف النزاع».
عمان – – وكالات : عت منظمة اوكسفام للمساعدة الدولية في بيان صدر أمس الاثنين الدول المانحة التي ستعقد اجتماعا في لندن الخميس المقبل إلى التزام تقديم دعم حقيقي للاجئين السوريين «وليس مجرد وعود معسولة». وقالت المنظمة غير الحكومية في بيانها، الذي تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه، ان «على الدول الغنية المجتمعة في لندن هذا الاسبوع الالتزام بتغيير حقيقي يؤدّي إلى تحسين حياة الملايين من السوريين». واضافت ان «تمويل المساعدات وعروض إعادة التوطين، الضئيلين أصلاً، لا تعدو كونها محض مبادرات رمزية، فيما يتطلع السوريون المعوزون إلى إجراءات حقيقية وليس مجرّد وعود معسولة». واوضحت انه «فيما قدّمت بعض القوى الدولية مثلاً يحتذى لجهة دعم السوريين الذين ما زالوا يتعرّضون للقتل والتهجير والافقار بمئات الآلاف، لا تزال العديد من الدول مقصّرة جدّاً في هذا المجال». وبحسب المنظمة فانه «في العام 2015، لم تسدّد الجهات المعنية سوى نصف المبالغ التي وعدت بها في إطار تمويل النداءات المخصّصة لدعم الشعب السوري ودول الجوار». واكدت انه «فيما تستمرّ كلّ من ألمانيا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة في دعمها السخيّ، لم تقدّم بعض الدول المانحة الرئيسة كقطر والسعودية والولايات المتحدة سوى نسب ضئيلة من حصصها من المساهمة العادلة.» وتابعت «قد زادت كلّ من أستراليا وفرنسا وروسيا من مشاركتها المباشرة في النزاع، إلا أنها أخفقت في تمويل النداءات على المستوى المتوقع منها. ففي عام 2015، لم تقدّم روسيا سوى 1 % من حصّتها من المساهمة العادلة في النداءات المتصّلة بالأزمة.»
اوكسفام تدعو إلى التزام تقديم دعم «حقيقي» للاجئين السوريين