الدشداشة هويتنا

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الدشداشة هويتنا

علي بن راشد المطاعني

مع تقديري لكل الآراء التي تطرقت لقرار وزارة التجارة والصناعة بإصدار مواصفة قياسية عمانية للدشداشة العمانية وتحديد مواصفاتها وأنواعها بالتعاون مع الهيئة العامة للصناعات الحرفية، وما أشار إليه البعض دون وعي لمنطلقات هذا التوجه، وكيفية التعاطي معه من جانب الجهات المختصة بالدولة، كجزء من دورها ومسؤولياتها للحفاظ على الموروثات العمانية كجزء من الإرث الحضاري لهذا الوطن، والتهكم غير الواعي لدور الوزارة واقتصارها على هذه الجوانب، مما استدعى توضيح هذه الجوانب في شقها التوعوي ومن الأهمية أن يعي بها المجتمع. لماذا انتهجت وزارة التجارة والصناعة هذا الاتجاه في الحفاظ على الدشداشة العمانية؟ ولماذا هذه الجزئية من الملبوسات العمانية بالذات؟

في البداية لا نعرف بالضبط ماذا يريد البعض من الجهات الحكومية، فإذا لم تقم بدورها في حماية هذه الموروثات التقليدية المتمثلة في الأزياء العمانية تأتي الإساءة إليها بوسائل تخدش الحياء وتبعث على الاشمئزاز -للأسف- وتقوم الأرض ولن تقعد، وإذا قامت بدورها في هذا الجانب انتقدت بأنها ركزت على هذه الجوانب التي يرى البعض أنها غير مهمة للأسف، فكما يقال «لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب».

فهل يرضى البعض على التقليعات التي تظهر في الأزياء العمانية، فتسمع صراخًا عاليًا يستنجد بالجهات ويظهر قصورها في حماية هذه الموروثات ويطيل ويزيد في الانتقاد، والتطاول عليها بأنها مقصرة في حق هذه الموروثات، وعندما تعمل الوزارة أو أي جهة كانت على حماية هذه الجوانب، ننتقدها بأنها تعمل في هذا الجانب وتترك جوانب أخرى أكثر أهمية، وكأن مثل هذا الإرث الحضاري المتمثل في الهوية العمانية غير مهم في تناقض وانفصام في شخصية البعض حول تحديد المهم لنا، فلا نعرف ماذا نريد للأسف وكيف، والشطارة فقط في الخلاف الجدلي الذي لا يحتاج إلا كلامًا على اللسان وكتابة على الواتساب، أما غير ذلك، فلا شيء للأسف. والأدهى أننا لا نعرف لماذا الامتعاض من الضوابط التي تعتزم وزارة التجارة والصناعة تطبيقها للحد من التجاوزات أو من التقليعات الجديدة التي أدخلها البعض على الدشداشة العمانية، فهل هذه الممارسات مُرضية؟! بأن يرى البعض الهوية العمانية المتمثلة في الدشداشة تطالها هذه الإساءات بأشكال وألوان غير لائقة، هل انعدمت الغيرة على أزيائنا إلى هذه الدرجة؟! بل هل إن هذه الهوية لا تمثل جزءًا لا يتجزأ من كياننا وإرثنا؟! ونتنصل منها بهذه السهولة ونناقش ونعترض على أن الوزارة رغبت في حماية هذا الإرث، من خلال إصدار مواصفة قياسية عمانية ملزمة لا تضع مجالًا للإساءة، ويحاسب وفق القانون كل المتجاوزين من الخياطين وغيرهم وفق مواصفات لا يجب الخروج عنها، وبالتالي يكون الجميع تحت المراقبة لأي تجاوز كان.

إن ‏حماية الهوية الوطنية والتي تعد إحدى ركائزها أو مكنوناتها اللباس الوطني هدف نبيل وله قيم عليا ينبغي على أجهزة الدولة ذات الصلة أن تعمل على الحفاظ عليها وحمايتها وتأصيلها لدى المجتمع وهو ما تقوم به وزارة التجارة والصناعة مشكورة، وهو ما يجب تعزيزه بكل الطرق والتنبيه إليه، لا تعقبها في مثل هذه الخطوات الإيجابية أن تعمل عليها بجانب غيرها من المهام التي تقوم بها سواء تطوير الإجراءات التجارية وتسهيل الاستثمار أو جذبه أو النهوض بمجالات عملها المختلفة، فليس هناك مجال للمقارنة بين هذا وذاك، فكلاهما من مسؤولياتها وتقوم بهما.

فالمواطن العماني يجب أن يعتز بهويته ولباسه الوطني كجزء لا يتجزأ من كينونته الحضارية التي تميزه عن غيره من الشعوب، فهذه الموروثات يجب أن يدرك البعض بأنها ليست عبثًا، وإنما تعبِّر عن خصائص تميزنا عن غير من الشعوب، فلا يجب أن نكون إمعة في تقليد ملابس بعض الشعوب أو إدخال تقليعات لا تتماشى مع شخصياتنا ومع تقاليدنا في الملبس.

إن البعض للأسف لديه عقدة نقص تجعله غير معتز ومتجرداً ومتفسخاً من هويته وغير منتمٍ لموروثه الوطني، وهو ما ينبغي مقته فهو ازدراء بالموروث التقليدي في اللباس العماني.

وبالطبع، حرية الملبس متاحة في السلطنة، بما يتماشى مع التقاليد، واحترام الذوق العام، وعدم خدش الحياء، لكن أن يصل أي ذلك إلى تشويه الهوية الوطنية فلا ينبغي أن نسمح بهذه التجاوزات مهما كانت. هذه الجوانب يكون الحفاظ عليها أمرًا تفرضه دواعٍ وطنية أكبر من أي مزاج.
نأمل أن نتفهم دواعي مثل هذه الضوابط الهادفة إلى حماية جزء من موروثاتنا، والاعتزاز بالهوية الوطنية.