الحرب تهدد القيم الإنسانية

الحدث الثلاثاء ١٣/ديسمبر/٢٠١٦ ٢٢:٥٥ م
الحرب تهدد القيم الإنسانية

مسقط -
«خمس السويسريين لا يرون مانعاً في تعذيب المقاتلين الأسرى»، ارتفاع نسبة قبول مواطني الدول الخمس دائمة العضوية في «مجلس الأمن الدولي» وسويسرا لـ«موت المدنيين في مناطق النزاع يشكل جزءاً من الحرب لا يمكن تفاديه»، ما تقدم بعض ما يمكن تلخيصهُ من دراسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول: «الناس والحرب 2016».

ورغمَ أن هذه النتائج تشير إلى تآكل للقيمِ الإنسانية لصالح آلة الحرب المدمرة، فإن نصف الشعوب المطحونة بهذه النزاعات، ما تزال تعوِّلُ على «اتفاقيات جنيف» لتحول دون تفاقم الحروب.
وأظهرت الدراسة بشكل عام أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المتضررة من الصراع يجيبون بإنسانية أكثر على الأسئلة المتعلقة بالحرب. إذ رأى ثلاثة أرباع أولئك الذين يعيشون في مناطق الحروب أن مهاجمة قوات العدو في المناطق المكتظة بالسكان مع احتمال سقوط ضحايا كثيرين من المدنيين ممارسة خاطئة. في حين يعتقد قرابة ربع السكان في البلدان الخمس الكبرى أن حرمان المدنيين من الغذاء والماء والأدوية «جزء من الأعمال الحربية»!.
يقول ثلثا الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم إن «التعذيب أمر خاطئ. ولكن، مقارنة بالعام 1999، يعتقد عدد أكبر بكثير من الأشخاص في العام 2016 أنه يمكن تعذيب المقاتل العدو من أجل الحصول على معلومات».
ومن حيث المواقف من التعذيب، كشفت الدراسة أن «الأشخاص في البلدان المتضررة من النزاعات يوافقون على أنه يمكن تعذيب المقاتل العدو. حتى بعد أن علموا أن التعذيب محظور بموجب القانون، لا يزال نحو 60% ممن شملتهم الدراسة يعتقدون أن تعذيب مقاتل عدو أمر مقبول في بعض الأحيان أو مقبول دائماً».
تلقي نتائج الدراسة الضوء على أن «العنف ضد الرعاية الصحية أمر غير مقبول. ويرى أكثر من ثلاثة أرباع الذين شملتهم الدراسة أن الهجوم على المستشفيات وسيارات الإسعاف والعاملين في مجال الرعاية الصحية هو أمر خاطئ».
وفي ضوء ذلك، فإن هذه النتائج «مطمئنة ومثيرة للقلق على حد سواء»، وفق تعبير رئيس لجنة الصليب الأحمر بيتر ماورير، محذراً من «أن قواعد الحرب تفرض قيوداً. فالحروب بلا قيود هي حروب بلا نهاية. والحروب بلا نهاية تعني معاناة لا نهاية لها. وعلينا ألا نسمح لأنفسنا بألا نحرك ساكناً أمام معاناة البشر».
ويؤكد ماورير أن غالبية الأشخاص الذين شملتهم الدراسة في البلدان المتضررة من النزاعات يعتقدون «أنه يجب أن تكون هناك قيود على كيفية خوض الحروب. ويبدو أن النتائج تشير إلى أن أولئك الذين عانوا أسوأ ما في الحرب يعتقدون أنه يمكن للقواعد إنقاذ الأرواح. وينبغي أن تلهمنا هذه النتائج جميعاً لبذل مزيداً من الجهد لضمان احترام قواعد الحرب».
في المحصلة، تعكس الدراسة حالة فصام تعيشها كثير من دول العالم، إذ إن «اتفاقيات جنيف» هي موضع إجماع وترحيب، في حين أن التعذيب وقتل المدنيين يتحول إلى وجهة نظر، مع عدم اكتراث بهذه الخروقات، والتبرير لها تحت ذريعة أن ذلك «جزء من الأعمال الحربية».
شمل مسح «الناس حول الحرب 2016» 17.000 شخص موزعين على 16 بلداً في الفترة الممتدة بين شهر يونيو وسبتمبر 2016، وعشرة من جملة هذه البلدان تعيش نزاعات مسلحة منها أفغانستان، والعراق واليمن وجنوب السودان. كما شمل هذا المسح كذلك البلدان الخمس الممثلة للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وسويسرا، البلد الراعي لاتفاقيات جنيف، وقد أجرت الدراسة مؤسسة وين/‏‏جالوب انترناشيونال وشركاؤها المحليون.