وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

مزاج الاثنين ١٢/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

مسقط-ش
قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)".
في تلك الآيات الكريمة يقسم تعالى بالقلم، وهو اسم جنس شامل للأقلام، التي تكتب بها "أنواع" العلوم، ويسطر بها المنثور والمنظوم، وذلك أن القلم وما يسطرون به من أنواع الكلام، من آيات الله العظيمة، التي تستحق أن يقسم الله بها، على براءة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مما نسبه إليه أعداؤه من الجنون فنفى عنه الجنون بنعمة ربه عليه وإحسانه، حيث من عليه بالعقل الكامل، والرأي الجزل، والكلام الفصل، الذي هو أحسن ما جرت به الأقلام، وسطره الأنام، وهذا هو السعادة في الدنيا، ثم ذكر سعادته في الآخرة، فقال: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا}.
أي: لأجرا عظيمًا، كما يفيده التنكير، { غير ممنون } أي: [غير] مقطوع، بل هو دائم مستمر، وذلك لما أسلفه النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة، والأخلاق الكاملة، ولهذا قال: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به.
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
الأخلاق التي تدخل في كل شيء، في التعامل والتجارة والعلم والسياسة والثقافة والحياة كافة، وفي هذه الأيام المباركة حيث تمر ذكرى مولد الرسول الكريم نستذكر أخلاقه وصبره على الظلم والكيد والحقد والكره والجور والأذى.
وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته [عائشة -رضي الله عنها-] لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن".
وتعلمنا سيرة الرسول الكريم أن لا نرد الإساءة بمثلها، بل بالحسنة، أن نصبر على ظلم ذوي القربى والأقربين، بحيث لا يتأثر العطاء والجد والاجتهاد والعمل والمثابرة بآراء الناس وانطباعاتهم وتوجهاتهم، لأن الحق سيظهر متجليا بمباركة من عند الله سبحانه وتعالى، وأما الزبد فسيذهب جفاء، وسيزهق الباطل.