في القراءة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١١/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
في القراءة

محمد بن سيف الرحبي
www.facebook.com/msrahby
alrahby@gmail.com

لأن المعرفة مرتبطة بالقراءة، فإني (أتمسك) بمقال واحد أسبوعيا (بين الأعمدة الخمسة) له علاقة بالكتاب، أو .. بكتاب ما عبرت صفحاته محاولا الاستفادة منه قدر مستطاع عقلي، وأظنه أضعف من أن ينال المبتغى، وإلا لصرت عالما لكثرة ما قرأت من كتب، إنما، وللأسف، تبقى المعرفة في السطور أضعاف مما تنتقل إلى الصدور.
في مناسبات شتى أقول لحضور الجلسات أو الأمسيات بأن الوصفة السحرية للتغيير وتطوير الذات لا تستدعي بحثا طويلا ومضنيا، "القراءة" تلك القادرة على كل ذلك، مع أهمية عدم ربط التغيير بتحولات منصبية أو مادية، لأن المعنى السامي للفكر يرتقي بالنفس أولا وأخيرا، ولا علاقة له بالماديات، مع أن تحققها ممكن، حيث العقل المنفتح والواعي أقدر من غيره على تحقيق منجز شخصي لصاحبه، وإن كان ثمة جاهل أصبح مليونيرا أو متعلم أضحى مديونيرا فلا يلغي القاعدة، بل الاستثناء الذي يؤكدها.
ماذا تقرأ؟
سؤال يطرح دائما، ليرى السائل ما يمكنه أن يضيف إليه بين كل هذا الكم الهائل من الإصدارات المتوالية، والمتوفرة بسهولة على شاشات الهواتف الذكية..
كيف تقرأ؟
سؤال محيّر، لأن إجابة الخلاصة تكمن فيه، فالكيفية تحدد ما نناله من معرفة تهبنا إياها سطور الكتب ونحن نعبرها، إما كبحّارة متمرسين، أو كعابري سبيل لا يرون من الطريق شيئا قدر من ينتظرون الوصول إلى وجهة ما، وهكذا الحكاية مع الكتاب، ترقب الانتهاء من الصفحة الأخيرة، لنقول أننا أنهينا قراءة كتاب.
القراءة الجديرة بالتعويل عليها هي "الناقدة"، التي تسائل الكتاب وتبحث فيه عن نقاط القوة والضعف، ذلك يعني أننا نحاور الكتاب الذي بين أيدينا، الأفكار التي يعرضها، محاولين عدم تذكر المؤلف، لأنه لا علاقة لنا به، القراءة النقدية "التساؤلية" لأفكار يعرضها.
سأل أحدهم ذات مرة: هل مفيدة قراءة الروايات؟
ذلك يعتمد على أي رواية نقرأ، هناك "سوالف يوميات" للتسلية، أكثر من كونها للفائدة والاطلاع على تجارب بشر خاضوا معاناة، لا يكفي الحب وحده لنقول إن البطلة عانت، هذه القضية عرفها العالم منذ النبضة الأولى في قلب رجل تجاه امرأة، أو العكس.. لكن ماذا يمكن أن يخرج من نطاق المألوف إلى كسر رتابة دواخلنا، تلك التي تنتظر نهاية غير "زواج البطل والبطلة" و"العيش في ثبات ونبات" وإنجاب الصبيان والبنات.
قراءة الروايات تناسب أولئك الذين لا يصمدون أمام الكتب الفكرية الأخرى، وبينها علم النفس والفلسفة وعلم الاجتماع، وسائر العلوم، فيتمسكون بالكتب الأدبية (الناعمة والحالمة)، وضع جيّد بدلا من هجر القراءة لأن الدسامة لا تناسب من اعتادوا أسلوب "الريجيم" في القراءة، إنما التنويع في مصادر الروايات والبحث عن تلك الفائزة بجوائز أدبية معروفة أو ترشحت لها، أو تحدث عنها النقاد، تبقى الأقل عرضة لأوهام الكتابة الروائية التي أصبحت تصيب كثيرين!!