وجه سلطان البلاد المفدى في اجتماع مجلس الوزراء الاسبوع الماضي إلى "تشجيع الاسثمار في المشاريع الانتاجية ذات النفع العام". ولنركز هنا على كلمة "العام"، أي أن يستفاد منها من قبل عموم الناس قبل خاصتهم.
وعلى نفس المنوال طالعتنا الصحف مؤخراً بالاجتماعات المكثفة التي تجريها وزارة التجارة والصناعة مع الجهات المعنية ذات العلاقة لمناقشة المسودة الثالثة لمشروع قانون الاستثمار الأجنبي... وحقيقة لا أدري لماذا انتظرت وزارة التجارة والصناعة كل هذه المدة لتعديل قانون مهم وحيوي مثل قانون الاستثمار على الرغم من انه كان عليه ملاحظات وهذا بشهادة المستثمرين انفسهم الذين فر بعضهم بجلده وامواله جراء قانون الاستثمار السابق الذي يراه بعضهم خانقا لهم مفوتا فرصة للبلد في جذب الاستثمارات وتوفير وظائف لابناء البلد.
نحن لا ننكر هنا انه توجد بعض الاستثمارات المعدودة على أصابع اليد ولكنها قد تكون كافحت وبذلت الجهد الجهيد حتى ترى النور. ولا ننكر كذلك أن دور وزارة التجارة والصناعة كبير في هذا المجال. ولكن الموضوع يسير ببطء ولا يتناسب مع ما يشهده العالم من أزمة اقتصادية هزت دول العالم أجمع وأصبح لزاماً تنويع مصادر الدخل من غير النفط الذي أصبح بثمن بخس بعدما كان يسمى الذهب الأسود سابقا.
ومن باب المصادفة، وارتباطاً بالموضوع، التقيت في إحدى المناسبات الاجتماعية منذ فترة قصيرة بشاب عماني طموح وبعد دردشة قصيرة معه عرفت انه أراد ان يدخل في شراكة مع مستثمر أجنبي لإقامة مشروع حيوي ورائد في السلطنة ولكنه اصطدم بعراقيل وعوائق لا حصر لها حتى أن المستثمر أصابه العجب العجاب من هذه الاجراءات الطويلة العريضة وقال موجها كلامه للشاب العماني وهذا طبعاً ما ذكره لي بالحرف الواحد "لولا انني معجب ببلدكم واحسب انه المكان المثالي لتربية ابنائي وتنشئتهم النشأة المناسبة لكنت قد غادرت من هول ما رأيت من بيرورقراطية عقيمة وتأخير في الاجراءات ".
كلمات محايدة من مستثمر تمسك بالسلطنة لحبه لها. ولكن ليس كل المستثمرين سواء. وسأذكر لكم هنا بعض المعوقات أو العراقيل التي تعرض لها المستثمر السالف الذكر وذلك كما جاء على لسان الشاب العماني ومنها على سبيل الذكر لا الحصر عدم توفر مرافق تليق بمستوى المستثمر لإنهاء معاملاته وتعطيه نوعا من الخصوصية كونه ستستفيد منه البلد لاحقاً، وكذلك عدم وجود تنسيق أو ربط بين الجهات الحكومية فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة للمستثمر يتردد خلالها المستثمر بين أكثر من جهة وربما لأسباب لا تستحق الذكر. والظاهر ان الحكومة الإلكترونية بعيدة كل البعد عن بعض الجهات.
في المقابل تميز فيها البعض. واذا جئنا لبعض المواقع الإلكترونية للجهات الحكومية نجد بياناتها قديمة أو غير محدثة، والمفترض أن تكون هي البوابة الإلكترونية لأي جهة وهي مصدر المعلومة، هذا غير عدم توفر كتيبات توضيحية للمستثمر تشرح له آلية طلب الاستثمار والأنشطة المسموح الاستثمار بها والمستندات المطلوبة منه وأيضا عدم وضوح بعض المعلومات للمستثمر حيث ان بعض النشاطات مسموح بها للمواطن وغير مسموح بها للمستثمر أضف إلى ذلك التأخير الطويل للغاية في استلام المعاملات ما يتطلب وقتا ليس بالقصير.
أتمنى ان يخرج قانون المسثمر الجديد الى النور قريبا وهو يراعي جوانب عدة من حيث مناسبته للمناخ الاستثماري في السلطنة والسعي لتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل وأن يشمل الاستثمار جل جوانب القطاعات الاقتصادية، كما ان مشاركة المستثمر الأجنبي في تنمية الاقتصاد المحلي ضرورة ملحة وذلك وفقا لخطط وبرامج التنمية الاقتصادية بما يعود بالنفع على السلطنة والمواطن والمستثمر الأجنبي على حد سواء.
ويا حبذا لو يتم إشراك الجهات البرلمانية كمجلسي الدولة والشورى فيما يتعلق بأخذ آرائهم واقتراحاتهم حول مسودة القانون امرتقب. ولا ضير كذلك أن يمر على غرفة تجارة وصناعة عمان فهم في المحك فيما يتعلق بهذا الأمر.
الجميل في الأمر أن هناك إجراءات كان يعتبرها الراغبون في الاستثمار أشبه بالعراقيل أو الصعوبات ولكنها كما علمنا مؤخراً أصبحت في حكم الماضي مثل إلغاء رخص القيد الإلزامية واشتراطات الملكية المحلية العامة وكذلك إلغاء الحد الأدنى لقيمة الاستثمار المقدر بـ (150) الف ريال عُماني وهذا من شأنه أن يسهل ويجذب الاستثمارات للسلطنة. وحبذا لو تكون هناك هناك قواعد استثمار واضحة وثابته تعكس الممارسات والالتزامات الدولية للسلطنة مع المنظمات العالمية في مجال الاستثمارات وحمايتها وتكون أشبه بخارطة الطريق للمستثمر.
نتمنى أن يصدر قانون المستثمر المرتقب قريبا وان يكون قد عالج نقاط الخلاف أو الضعف في القانون السابق. والأهم هنا أن يكون قانونا مرنا وجاذبا للاستثمار في السلطنة بشرط أن يحافظ على الهوية العمانية وان يجذب استثمارات ومشاريع واعدة ومفيدة تنعكس على تنشيط وتحريك عجلة الاقتصاد في البلد.