مصر.. دعوات المقاطعة تفشل في كبح جماح الأسعار

الحدث الأربعاء ٠٧/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٣٤ ص
مصر.. دعوات المقاطعة تفشل في كبح جماح الأسعار

القاهرة - خالد البحيري

لم تفلح دعوات المقاطعة التي أطلقها عدد من النشطاء والمسؤولين عبر شاشات التلفزيون وصفحات التواصل الاجتماعي، في كبح جماح الأسعار في مصر، أو على الأقل تثبيتها، فالسلعة قد تمر بثلاثة أسعار في اليوم نفسه، نتيجة للتخبط الشديد وجشع التجار، وعدم وجود رقابة حقيقية على الأسواق، أو تفعيل للقوانين المتعلقة بحماية المستهلك وتشجيع المنافسة ومنع الاحتكار.

ومنذ إعلان إجراءات 3 نوفمبر والمتعلقة بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية، ورفع الدعم جزئياً عن أسعار الوقود، وقبلها إقرار قانون القيمة المضافة، ومؤخراً رفع الجمارك على عدد من السلع بنسب تتراوح بين 40 و60%والأسعار في مصر لا يمكن التكهن بها، بدءاً من «سندوتشات الفول والفلافل» وانتهاءً بالسلع المعمرة والأجهزة الكهربائية، وأسعار السيارات الجديدة والمستعملة.

وفي اتصال هاتفي لـ»الشبيبة» مع الخبير الاقتصادي د.صلاح جودة أوضح أن فكرة المقاطعة لا يمكن أن تكون بمفردها دافعاً للضغط على التجار لخفض الأسعار، فقد يتحمّل التاجر أن تمضي أيام دون بيع وشراء، ما دامت بضاعته موجودة، لكن ماذا يفعل المواطن، هل يمتنع عن الأكل والشرب مثلاً.

الفقراء يدفعون الثمن

وأضاف: ما دامت القوانين غائبة فالكل يعمل لمصلحته الشخصية، والفقراء هم من يدفعون الثمن، ليس هذا فحسب بل أيضاً يكتوون بنيران عشوائية السياسات المالية التي تراعي جانباً وتغفل جوانب، ولعل أقرب مثال على ذلك تحرير سعر الصرف للقضاء على السوق السوداء، لكن في المقابل ارتفعت أسعار السلع، واختفت أدوية حيوية من الأسواق، وتأثرت خطط التنمية نتيجة ارتفاع الكلفة عما هو مخطط له.
وشدّد على أن ضبط الأسعار في السوق لن يتم إلا من خلال معالجة المشكلة، بوجود منافسة حقيقية تشارك فيها الحكومة التي تمتلك 4 آلاف مجمع استهلاكي، ولا تستفيد منها في شيء، بل تحقق خسائر، وهذا يعني وجود خلل في الإدارة مما يتطلب التخلي عن إدارتها لصالح شركات خاصة على أن تبقى ملكيتها تابعة للدولة، وفي هذه الحالة ستتوفر السلع الغذائية وستتحقق المنافسة الحقيقية في السوق، وسيربح الجميع أيضاً، فالتجارة في السلع الغذائية دائماً ما تحقق أرباحاً في المتوسط من 140 إلى 160%.

واختتم حديثه بالقول: «أسعار كل السلع ارتفعت بحد أدنى 90%وقد تصل إلى أكثر من 150%، وضبطها لن يتحقق بالمقاطعة، بخاصة وأننا لا نمتلك هذه الثقافة».

جدوى المقاطعة

وعبّر عدد من المواطنين استطلعت «الشبيبة» آراءهم حول جدوى المقاطعة، فأوضحوا أنهم قاطعوا بالفعل لكن ليس مشاركة في الحملات، ولكنها مقاطعة اضطرارية نتيجة عدم الاستطاعة على الشراء، واضطروا للبحث عن بدائل، فبعد أن كانوا يشترون الفراخ (الدجاج) استعاضوا عنه بشراء «الهياكل»، وهي العظام التي تتبقى بعد فصل اللحم «فيليه»، وأن أسعارها في متناول أيدهم، والهدف هو الاستفادة منها في عمل «شوربة» ليس أكثر.
كما أنهم استعاضوا عن شراء الخبز «الفينو» الذي تضاعف سعره 100%بعمل «السندوتشات» في الصباح للأطفال من خبز القمح، أما الملابس فكان البديل هو شراء المستعمل منها من «وكالة البلح» بالقرب من كورنيش النيل بالقاهرة، وتقل أسعارها عن الجديد بنسبة 50%على الأقل وتحقق الغرض، فالشتاء القارص لا يمكن مواجهته بأجساد عارية.

وقالوا: إن الاستغلال بات واضحاً سواء من جانب الحكومة أو التجار الذين لا همّ لهم سوى جني الأرباح والتعلل بزيادة الأسعار والدولار وغلاء البنزين والسولار.. وتساءلوا: نحن لا نريد رفاهية فقط احتياجاتنا الضرورية ومستعدون للتضحية من أجل بلدنا.. لكن هل نضحي بمفردنا؟ ولماذا يدفع الفقراء وحدهم الثمن بينما ينجو الأغنياء من لهيب الأسعار؟