حلب.. تخلط الأوراق

الحدث الثلاثاء ٠٦/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
حلب.. 

تخلط الأوراق

مسقط – محمد محمود البشتاوي
لا يمكن التنبؤ بما بعد حلب، خطوط المسلحين تتآكل، منطقة تلو أخرى تخرج عن سيطرة المعارضة، المجتمع الدولي، وعلى لسان بعض ممثليه، يجزمون أنَّ لا نهاية في الأفق، وأن حلب تعقد من إمكانية الحل السياسي. في المقابل، تؤكد القوات الحكومية، ومع تقدمها، على خيار الحسم العسكري، فيما المعارضة ترى أن الهزيمة لا تعني نهاية المعركة.
مدير الأبحاث في "جامعة ليون 2"، والزميل الزائر في معهد واشنطن، فابريس بالونش يرى أن بداية نهاية شرق حلب بدأ مع قطع طريق "الكاستيلو" على يد القوات الحكومية، فخسرت بذلك المعارضة طريق الإمدادات الرئيسي محلياً.
ويشير بالونش في تحليل نشره المعهد أن الجيش السوري يأمل في أن يؤدي الحصار إلى دفع المسلحين المحليين إلى التفاوض بشأن الانسحاب باتجاه محافظة إدلب، كما "حصل مؤخراً مع المقاتلين المحاصرين في داريا. غير أن هذا الأمر قد يستغرق أشهراً، وقد لا يكون الرئيس الأسد راغباً في الانتظار لهذه الفترة الطويلة"، موضحاً أن موسكو ودمشق ربما تأملان في فرض "كامل سيطرتهما على حلب قبل استلام إدارة ترامب مهامها؛ لتفرضا بشكل رئيسي على الرئيس الأمريكي الجديد سياسة الأمر الواقع بشأن أشهَر جبهة في الحرب السورية".
الباحث غير المقيم في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، آرون لوند، يرى أنه من الساذجة "محاولة توقّع مجرى الأحداث. فعادةً ما تؤدي الفوضى في سوريا إلى تقويض أفضل الخطط المرسومة. وربما سيدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوجان، الذي لا يمكن التنبؤ بخطواته المقبلة على الإطلاق، هجوماً تشنه فصائل المعارضة في حلب في نهاية الأمر"، مع تأكيدهِ أن "المعطيات الحالية، تبدو الأمور سيئة للغاية بالنسبة إلى المعارضة".
ويشير في تحليل نشرته مؤسسة كارنيجي أن "الهزيمة التي قد تُمنى بها المعارضة السورية في حلب ستوقعها في مأزق، ليس فقط بسبب فقدان أكبر مساحة من الأراضي الخاضعة إلى سيطرتها، بل أيضاً لأن سائر معاقلها غير قادرة على قلب مسار الحرب".
ميدانياً، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانٍ صحفي نشر على موقعهِ أمس الاثنين، أن القوات الحكومية، والمجموعات المؤيدة لها، تمكنت "من استكمال سيطرتها على أحياء كرم الميسر وكرم القاطرجي وكرم الطحان وقاضي عسكر والسيطرة على مشفى العيون في القسم الأوسط من مدينة حلب، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات العنيفة بينها من جانب، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف آخر في محاور بالقسم الشرقي من مدينة حلب، وسط قصف عنيف ومكثف استهدف مناطق الاشتباك".
ويشير البيان الذي اطلعت "الشبيبة" عليه أن القوات الحكومية تسعى إلى "تحقيق تقدم أكبر بعد أن بات يفصلها في هذه المنطقة، أكثر من 400 متر عن قلعة حلب الخاضعة لسيطرتها بالقسم الغربي من الأحياء الشرقية".
وعلى صعيد الأزمة الإنسانية، ذكرت منظمة الصليب الأحمر الدولية، أن ما يقارب من 60 ألف شخص أُجبروا على ترك منازلهم في حلب منذ أغسطس الفائت. ومع نهاية الأسبوع الفائت فرّ نحو 20 ألفاً على مدار الـ72 ساعة الفائتة فقط، بينما غادر آلاف غيرهم قبل ذلك.
وأشارت المنظمة في بيانٍ صحفي لها أن بعض الناس يعيشون "في أماكن إيواء، والبعض اتخذ من المساجد أو المدارس أو الخيام مأوىً لهم، في حين وجد البعض الآخر ملاذاً داخل بنايات غير مكتملة البناء أو متضررة. ويقيم البعض في ضيافة عائلات تعاني بالفعل ضغوطاً كبيرة. فضلاً عن أن الأطفال والشباب بحاجة ماسة ولديهم رغبة ملحة للالتحاق بالدراسة، لا سيما بعد المحن التي خاضوها".
وأُجبر عدد كبير من الناس على الفرار من ديارهم مرتين أو ثلاث مرات كلما اقترب دوي الرصاص والقنابل. وشهد غرب حلب فرار أكثر من 40 ألف شخص من المناطق الملتهبة بالقتال؛ بدءاً بحي "الراموسة" جنوب غربي حلب، ثم لاحقاً من الأجزاء الغربية للمدينة، مثل أحياء "حلب الجديدة"، و"منيان"، و"الحمدانية".
أما في الشرق، فقد ذكرت تقارير أن احتدام الهجمات على أحياء "مساكن هنانو"، و"جبل بدرو"، و"الصاخور" أسفر عن فرار عشرين ألف شخص في اتجاهات مختلفة بحثاً عن ملاذ آمن. وغالبية الفارّين من العائلات، ومن بينها عائلات بها رُضّع وأطفال صغار. ومع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، تتفاقم أوضاعهم المعيشية داخل أماكن إيوائهم المؤقتة.