«الاتحاد الأوروبي» ينتظر سيناريو قد يكون «مرعباً» لن يتحمّل طلاقاً آخر بعد الانفصال البريطاني

الحدث الاثنين ٠٥/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

مسقط – محمد البيباني

شكل فوز دونالد ترامب المذهل بانتخابات الرئاسة الأمريكية زلزالاً سياسياً عميقاً امتدت توابعه خارج الولايات المتحدة وأصاب أوروبا بالرعب، وشكّل هاجساً قوياً حول مستقبل وجود الاتحاد الأوروبي ذاته، بخاصة بعد انفصال بريطانيا. اجتياح الشعبويين الذي كان يبدو غريباً قبل بضعة أشهر، يتحوّل إلى واقع، ومن المحتمل أن تكون العواقب على المشهد السياسي في أوروبا نفسها وخيمة.

هذا الأمر دفع مسؤول أوروبي كبير ليكتب على «تويتر» للتحذير مما اسماه «سيناريو الرعب».

تحذيرات
حذّر الحزب الاشتراكي الأوروبي في ختام مؤتمره أمس الأول السبت في براغ، من أن الاتحاد الأوروبي «مهدد» من السياسات الليبرالية الجديدة والمحافظة ومن التطرف والشعوبية، داعياً إلى «كسر اليأس». وقال الحزب في بيان بعنوان «إنقاذ أوروبا»، إن «سنوات من تدابير التقشف غير الحكيمة، وتصاعد عدم المساواة، وانعدام الأمن، وفرت أرضاً خصبة لليأس».

واعتبر أن «الشعبويين يستفيدون من هذا الوضع لنشر الأكاذيب والكراهية والانقسام، كما أظهرت لنا نتائج الاستفتاء البريطاني والانتخابات الأمريكية». وتابع أن «اليمين المتطرف في بلدان عدة بات حالياً حقيقة قاتمة».
وأشار بيان الحزب الاشتراكي الأوروبي الذي يضم الأحزاب الاشتراكية والاشتراكية الديمقراطية والعمالية في الاتحاد الأوروبي، إلى أن هناك «تحديات كبيرة تنتظرنا في الأشهر المقبلة، مع انتخابات أساسية في عدد من الدول الأعضاء العام 2017 وما بعده».

عام مقبل «مصيري»
لن تغيب الدروس عن الأحزاب الشعبوية في أوروبا التي رحّبت بفوز ترامب بوصفه لطمة للتيار السياسي السائد. فبعد تحقيق المرشح الجمهوري في الولايات المتحدة «دونالد ترامب» المفاجأة ووصوله للبيت اﻷبيض، بدأت المخاوف تتزايد في أوروبا من انفراط عقد الاتحاد، مع تزايد شعبية سياسيين معادين للاتحاد إلى سدة الحكم في عدد من الدول اﻷوروبية..

هكذا سلّطت صحيفة «الجارديان» البريطانية الضوء على المخاوف التي تنتاب القارة العجوز من وصول مارين لوبان، وغيرها من السياسيين المتطرفين لسدة الحكم، مع إجراء عدد من الدول اﻷوروبية انتخابات العام المقبل.

الهجرة، وصدمة انفصال بريطانيا، أزمتان فقط من التحديات الكثيرة التي تهدد وجود مشروعهم، أولئك الذين يديرون الاتحاد الأوروبي شعروا أن لديهم ما يكفي من اﻷزمات قبل وصول دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض.

في عواصم الاتحاد الأوروبي، حيث يفضّل أن يوصف انفصال بريطانيا باعتباره حدثاً لمرة واحدة، انتخاب ترامب أعاد نفس السؤال، هل يمكن أن يتكرر الانفصال في أوروبا؟
مسؤول فرنسي بارز يقول بعد خدمته على أعلى المستويات في أوروبا وواشنطن: «لم أكن قلقاً حول ما يمكن أن يحدث في أوروبا.. ولكني الآن أشعر بالقلق».

من يكون القادم؟
فرنسا تتجه نحو الانتخابات الرئاسية العام المقبل وسط مخاوف من ارتفاع شعبية الزعيمة المعارضة للاتحاد الأوروبي من الجبهة الوطنية مارين لوبان، فالسرعة التي تفاعلت معها الجبهة الوطنية بعد الأحداث في الولايات المتحدة تزيد المخاوف، وهو ما يعزز الشعور بعدم الارتياح ليس فقط في باريس، ولكن في بروكسل وبرلين وغيرها.

وقال -والد لوبان- مؤسس حزب الجبهة الوطنية في تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي: «اليوم الولايات المتحدة، وغداً فرنسا».
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي مثل هذه النتيجة - فوز لوبان- سيكون سيئاً، وأسوأ بكثير من انفصال بريطانيا.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي: «الجميع اتفق على أن فوزها سيدمر الاتحاد الأوروبي، وسيكون كارثة وجودية ونهاية الاتحاد».
وفي برلين «ستيفان ماير» النائب المسيحي في البرلمان والمتحدث باسم الشؤون الداخلية لحزبه، أعلن أنه إذا أخرجت لوبان فرنسا من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، سينهار الاتحاد».

هولندا أيضاً

فرنسا ليست مصدر القلق الوحيد لزعماء أوروبا الذين يحاولون الحفاظ على تماسك الاتحاد، وكبح جماع الشعبوية، ففي هولندا سيتوجه الناخبون العام المقبل أيضاً إلى صناديق الاقتراع، حيث يشكل «غيرت فيلدرز» من حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف تهديداً، بعد فوز ترامب.

وقال فيلدرز في تصريحات صحفية: «السياسة لن تكون نفسها مرة أخرى.. ما حدث في أمريكا يمكن أن يحدث في أوروبا وهولندا أيضا».

إيطاليا والنمسا

بدأ الإيطاليون الإدلاء بأصواتهم في استفتاء على إصلاحات دستورية، فيما تعهّد رئيس الوزراء ماتيو رينتسي بالاستقالة إذا خسر الاستفتاء.

وتخشى الأسواق المالية والسياسيون الأوروبيون من أن فوز المعسكر الرافض للإصلاحات قد يتسبب في اضطراب سياسي ويجدد القلاقل في القطاع المصرفي الإيطالي الذي يعاني بالفعل من مشكلات بما قد يدفع منطقة اليورو لأزمة جديدة.
وتحد الإصلاحات من دور مجلس الشيوخ وصلاحيات السلطات المحلية وهي إجراءات تقول الحكومة إنها ستحقق الاستقرار السياسي في إيطاليا.
ومع اصطفاف كل أحزاب المعارضة ضد التعديلات الدستورية المقترحة سيكون فوز رينتسي مفاجأة وسيمثل نصراً شخصياً ضخماً لأصغر رئيس وزراء في إيطاليا الذي كثيراً ما بدا أنه يخوض الحملة منفرداً.
لكن كل استطلاعات الرأي تقريباً في الشهرين الأخيرين أشارت إلى أن رينتسي سيُهزم.
وفي النمسا توجه الناخبون أمس أيضاً إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي تشهدها البلاد والتي قد تسفر عن تولي يميني متطرف أعلى منصب بالدولة. وذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز» الأمريكية أن الأوساط الأوروبية تترقب بقلق نتائج هذا الاقتراع الذي يتنافس فيه المرشح المستقل الزعيم الأسبق لحزب الخضر ألكسندر فان دير بيلين ومرشح اليمين المتطرف نوربرت هوفر من حزب «حرية النمسا».