نقطة ضعف اقتصاد ترامب

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
نقطة ضعف اقتصاد ترامب

ستيفن روتش

من الواضح أن الاستراتيجية الاقتصادية التي ينتهجها دونالد ترامب معيبة بشدة. ذلك أن رئيس الولايات المتحدة المنتخب يريد استعادة النمو عن طريق الإنفاق بالاستدانة في دولة تعاني من نقص مزمن في الادخار. ويشير هذا إلى المزيد من انضغاط المدخرات الوطنية، الأمر الذي يجعل اتساع الفجوة التجارية الضخمة بالفعل أمراً حتمياً. وتفضح هذه الديناميكية نقطة ضعف قاتلة في اقتصاد ترامب: التحيز الصارخ لتدابير الحماية التي تصطدم مباشرة باعتماد أمريكا الذي لا مفر منه على المدخرات الأجنبية والعجز التجاري للحفاظ على النمو الاقتصادي.

لن ترث إدارة ترامب اقتصاداً أمريكياً قوياً وسليماً. فقد كانت وتيرة التعافي منذ الركود العظيم نحو نصف مثيلاتها في الارتدادات الدورية الطبيعية وهو أمر أكثر إثارة للانزعاج نظراً لحجم الانكماش الهائل في الفترة 2008-2009. وتظل المدخرات، وهي بذرة الازدهار في المستقبل، شحيحة إلى حد يرثى له. فقد توقف ما يسمى صافي معدل الادخار الوطني مجموع مدخرات الشركات والأسر والحكومة معدلا تبعا لتناقص القيمة عند مستوى لا يتجاوز 2.4 % من الدخل الوطني في منتصف عام 2016. ورغم أن هذا يُعَد تحسنا مقارنة بموقف المدخرات السلبي غير المسبوق في الفترة 2008-2011، فإنه يظل أقل كثيرا من المتوسط 6.3 % الذي ساد طوال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.
وهو أمر مهم لأنه يفسر العجز التجاري الخبيث الذي دأب ترامب على الشكوى منه. فمع افتقارها إلى المدخرات ورغبتها في النمو، يتعين على الولايات المتحدة أن تستورد مدخرات فائضة من الخارج. ويتلخص السبيل الوحيد لاجتذاب رأس المال الأجنبي هذا في تحمل عجز في الحساب الجاري وعجز تجاري هائل. وتدل الأرقام على هذا بوضوح: فمنذ عام 2000، عندما انخفض الادخار الوطني بشكل كبير عن الاتجاه الغالِب، اتسع عجز الحساب الجاري إلى 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط وهو ما يقرب من أربعة أمثال الفجوة التي بلغت 1% في الفترة من عام 1970 إلى عام 1999. وعلى نحو مماثل، كان صافي عجز الصادرات، وهو المقياس الأعرض لاختلال التوازن التجاري لأي دولة 4% من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2000، في مقابل 1.1% في المتوسط خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.
الواقع أن اقتصاد ترامب ينظر إلى العِلة وراء هذا ونتائجه بطريقة معكوسة. فهو يركز على مصادر للعجز التجاري تختلف باختلاف كل بلد، مثل الصين والمكسيك، ولكنه يغفل نقطة جوهرية مفادها أن هذا العجز الثنائي مجرد عَرَض لمشكلة الادخار الأكثر عمقاً في أميركا. لنفترض أن الولايات المتحدة أغلقت الفجوة التجارية مع الصين والمكسيك أول ورابع أكبر عنصرين في العجز التجاري الإجمالي من خلال مزيج من الرسوم الجمركية وغير ذلك من تدابير الحماية (بما في ذلك إعادة التفاوض المقترحة على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وإقامة الجدار الحدودي بتمويل من المكسيك). من دون معالجة نقص المدخرات المزمن في أميركا، فسوف يُعاد توزيع عنصري العجز التجاري الصيني والمكسيكي ببساطة على دول أخرى وهي في الأرجح دول منتجة أعلى تكلفة. وستكون النتيجة المعادل الوظيفي لزيادة الضرائب على أسَر الطبقة المتوسطة المنكوبة في الولايات المتحدة.
باختصار، لا يوجد علاج ثنائي لمشكلة متعددة الأطراف. ففي عام 2015، كانت الولايات المتحدة تواجه عجزاً تجارياً مع 101 دولة وهي مشكلة متعددة الأطراف نابعة من نقص الادخار وهو النقص الذي لا يمكن علاجه من خلال «علاجات» محددة مخصصة لكل دولة بعينها. ولا يعني هذا التسامح مع الممارسات غير العادلة التي يزاولها شركاء أمريكا التجاريون. ولكنه يعني أن الأمل محدود في حل العجز التجاري المزمن وما يرتبط به من تأكل في التوظيف المحلي الذي يمكن عزوه إلى هذه الاختلالات ما لم تبدأ الولايات المتحدة العودة إلى الادخار.

عضو هيئة التدريس في جامعة ييل،

والرئيس الأسبق لبنك مورجان ستانلي في آسياز