التجارة العالمية والبرنامج النووي الإيراني

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٤/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
التجارة العالمية والبرنامج النووي الإيراني

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

ينتظر العالم الخطوات التي سوف يتخذها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال الفترة المقبلة مع تسلمه للملفات التي تحدث عنها في دعايته الانتخابية وهي عديدة وقلقة للكثير من شعوب العالم من بينها إلغاء الاتفاقية التي تم التوقيع عليها من قبل الإدارة الأمريكية الحالية والحكومة الإيرانية والاتحاد الأوروبي ومن ثم اعتمادها من قبل مجلس الأمن الدولي. هذا الاتفاق أدى إلى الانفتاح الأجنبي على إيران التي عانت لسنوات عديدة من المقاطعة الاقتصادية وامتناع الكثير من المؤسسات والشركات العالمية وكذلك المؤسسات المالية والمصرفية العالمية من التعامل معها بسبب برنامجها النووي. وهنا لا نتحدث عن دور السلطنة التي ساهمت بشكل كبير في تقريب وجهات النظر بين المسؤولين في الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة وبين إيران من جهة أخرى، وإنما نركز على المخاطر التي يمكن أن تنشأ في حالة الإخلال ببنود هذه الاتفاقية سواء من الطرف الإيراني أو الأمريكي. وأن كثرة الحديث عن هذا الشأن في الآونة الأخيرة أدى بمدير مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه) جون برينان بأن يصف إقدام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران بأنها ستكون من «الحماقة البالغة» وأن ذلك على الأرجح سيؤدي إلى امتلاك طهران وغيرها من الدول للأسلحة النووية.

هذا الحديث للمسؤول الأمريكي لا يأتي من فراغ وإنما يحمل تحذيرا للكثير من الدول التي ترغب في امتلاك السلاح النووي، حيث أشار المسؤول في مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية يوم الأربعاء الفائت إلى أن هذه الخطوة ربما تسفر عن برنامج أسلحة داخل إيران مما سيدفع دولاً أخرى في المنطقة للبدء في برامجها الخاصة بها، معتقداً أنها ستكون قمة الحماقة إذا أقدمت الإدارة المقبلة على إلغاء الاتفاق. فأي إخلال في الاتفاقية يعني العودة إلى المربع الأول من الصراع سواء في المنطقة أو خارجها، وظهور بوادر العداء مرة أخرى، الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث أضرار للكثير من دول العالم.

ما يهم العالم اليوم هو أن يعيش الجميع في سلم وأمن وأمان، وأن ترتفع حصيلة العلاقات ومبادلات التجارة الخارجية فيما بينها ومع إيران، خاصة أن السوق الإيراني تحتاج إلى الكثير من الخدمات والمنتجات والسلع والتقنيات التي تود استخدامها في مختلف القطاعات الاقتصادية التي عانت من نقصها في الفترة الفائتة نتيجة لتوقف الشركات والمؤسسات العالمية من التعامل معها بسبب قرارات المقاطعة. ولكن هذه المقاطعة ربما كانت سببا رئيسا في أن يتوجه الشعب الإيراني وحكومته في تأسيس العديد من الصناعات الوطنية التي استطاعت أن توفر مختلف السلع والمنتجات للأسواق المحلية، إلا إنها عانت من تحديث الصناعات الكبيرة والدخول في المشاريع الصناعية العملاقة سواء في مجالات النفط والغاز بجانب تراجع قدرتها في تسويق منتجاتها النفطية والتعامل مع التقنيات الحديثة في العديد من المسائل الأخرى. أما وقد تم التوقيع على الاتفاق النووي فهذا يعني تعزيز العلاقات خاصة في المجالات التجارية، حيث هناك فرصا كبيرة للتصدير إلى إيران من جهة واستيراد ما لديها من منتجات وسلع متميزة.
الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة أوباما تعمل منذ فترة على تسهيل الإجراءت لدفع الدول الأخرى بالتعامل مع إيران في مختلف الأنشطة، حيث أبدت في الشهر الفائت موافقتها لشركة «إيرباص» ببيع طائرات مدنية إلى شركة الطيران الوطنية الإيرانية، في إطار الالتزامات الأمريكية بمقتضى الاتفاق النووي، والوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن، حيث تتضمن موافقة وزارة الخزانة الأمريكية على بيع 106 طائرات تجارية إلى شركة الطيران الوطنية الإيرانية «إيران إير». ويعمل الرئيس الأمريكي أوباما قبل انتهاء ولايته من تعزيز هذا التعاون، حيث من بين الإجراءات الممكنة التي اتخذها هو منح تراخيص لشركات أمريكية لفتح الأعمال في إيران.
هذا الاتفاق أصبح اليوم مهددا بإلغائه من قبل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بما فيها بيع الطائرات التجارية، حيث يرى أن هذا الاتفاق سيسمح لطهران بالحصول على السلاح النووي، وأنه يريد إعادة النظر في الاتفاق وإجراء تغييرات عليه حول البرنامج النووي، إلا أن الكثير من دول العالم ترى أنه من الصعب جداً خرق الاتفاق، فيما يأتي التحذير أيضا من قبل مدير الاستخبارات الأمريكية، بينما دول أخرى مثل الصين وروسيا تقوم بدعمه، وأن التوقيع على الاتفاق تم في العاصمة النمساوية فيينا بحضور الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، وتم اعتمادها وفق القرار الأممي رقم (2231) لرفع كافة العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من قبل منظمة الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن الدولي، ومن قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي. لقد كان يوم 16 يناير من العالم الجاري يوما مشهودا في العالم بسبب رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران، فهل سيواجه العالم معضلة جديدة في الفترة القادمة مع الإدارة الأمريكية الجديدة؟