لا تقارنوهم بـ«راجو»..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
لا تقارنوهم بـ«راجو»..

لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com

نشرت «الشبيبة»، نقلاً عن وزارة القوى العاملة، تقريراً يُفيد أن عدد المستقيلين والمفصولين من القطاع الخاص قد جاوز حاجز الـ47 ألفاً خلال عشرة أشهر فقط. وأشار التقرير نفسه إلى وجود 26 ألف فرصة عمل «شاغرة» في القطاع الخاص تنتظر العمانيين لشغلها وهم عازفون عنها على الأغلب الأعم.

كثيرا ما نركز -غير متحاملين- على تواضع قيم العمل لدى المواطنين «في الوظائف المتدنية بشكل خاص» مقارنة بالأجانب وسعيهم للعمل «السهل» ذي الدخل «المجزي» وكثرة تغيبهم وسهولة تسربهم من العمل وغيرها مما نراه مثالب يجب معالجتها في العمالة الوطنية. ولكن من الإنصاف القول أيضا أن القطاع الخاص طارد بدوره ولا يبذل جهدا يذكر لتغيير المعادلة. فإجازاته أقل وساعات عمله أطول وأجره أقل من القطاع الحكومي. أضف لذلك أن الأجور تتأخر -حتى في الشركات الكبرى- أحيانا بسبب تافه كسفر المخول بالتوقيع! ثم أن الخصم من الراتب لديهم كجرة القلم وكلها جزئيات تحرم العامل الشعور بالاستقرار والأمان الوظيفي اللذين يرفل بهما الموظف في القطاع العام.

ناهيك عن أن المواطن يجد نفسه على الدوام في مقارنة غير عادلة مع الأجنبي. فالوافد الموجود في البلاد يعيش ليعمل وهو في حل من الالتزامات التي تأتي مع الانتماء لنسيج اجتماعي متداخل. حتى القلة التي تأتي بعائلتها معها للغربة تكون ملزمة بواجبات أسرية ضيقة. أما المواطن فمتشعب الالتزامات ولديه مجتمعه يشاركه أفراحه وأتراحه. لذا فلا عجب أن تجد الموظف الأجنبي يعمل خارج ساعات دوامه الرسمي أحيانا ليثبت نفسه، فهو يملك يومه ولديه بحبوحة من الوقت تسمح له بذلك، بينما لا نستطيع قول المثل عن العماني.

الوافد يأتي من بلده ولديه هدف محدد سلفا. ويدرك أنه عابر سبيل وأنه طور سيمضي من حياته. لذا، إن كان أحد مرؤوسيه غير متخلق بأخلاق مهنية، أو متعال أو كدر المزاج فإنه لا يدير لذلك بالاً. لكن عزة نفس المواطن، وإن كان يشغل وظيفة دنيا، لا تتقبل ما يتقبله الأجنبي. ولأن 80% ممن يتعامل معهم أرباب العمل في القطاع الخاص أجانب فإنهم يتوقعون أن يتقبل الجميع أسلوبهم ذاك دون امتعاض أو اعتراض وهو ما لا ينفع مع أبناء جلدته.

إن المواطن -إن كان يشعر بالتقدير والاحترام والأخوية في عمله- قادر على أن ينمي ولاء لعمله لا يجاريه فيه أحد. وهناك مواطنون يعملون في شركات خاصة منذ 30 و40 سنة تدرجوا فيها بين الوظائف وتحملوا فيها تقلبات لا تُعد ولكنهم صمدوا في مواقعهم لحبهم لعملهم ذلك وإحساسهم بالمسؤولية والحب تجاه أرباب أعمالهم.
أظن أن ما نريد قوله هو أن القوى العاملة الوطنية، وإن كانت مطالبة على الدوام بتطوير نفسها لتواكب التنافسية المحتدمة في سوق العمل، فإن أصحاب المؤسسات الخاصة أيضا مطالبون ببرمجة أنفسهم وتطوير بيئة العمل لتكون جذابة بما يكفي لاستقطاب العمالة الوطنية والحفاظ عليها. فالاستثمار في المواطن هو أطول الاستثمارات عمرا.. وأكثرها نفعا بالتأكيد.