هل تشهد القمة الخليجية قرارات صعبة؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
هل تشهد القمة الخليجية قرارات صعبة؟

فريد أحمد حسن

تعقد في مملكة البحرين الأسبوع المقبل القمة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون والتي تأتي في ظروف غاية في الصعوبة وتغيرات تشهدها المنطقة تتلاحق بطريقة غير طبيعية وتستدعي قرارات غير عادية وجريئة بغية مواجهة كل طارئ.

من تابع تصريحات وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على هامش أعمال الدورة الـ 141 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون والتي عقدت في المنامة بمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني للتحضير للقمة لا بد أنه تيقن أن موضوع الاتحاد الخليجي سيكون مدرجا على جدول الأعمال، كما في الأعوام القليلة الفائتة، ولا بد أنه تيقن أيضا أن قرارا بالتحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد لن يتخذ، فالقول إن «الاجتماع سيسهم في تحديد الأولويات واستشراف الرؤى وصولا إلى تصور شامل لمقتضيات المرحلة المقبلة» يفهم منه أن الدفع سيكون في اتجاه التكامل وليس في اتجاه اتخاذ قرار بالتحول إلى اتحاد، حيث من الواضح أن بعض دول التعاون لا تزال غير مقتنعة به أو غير مستعدة له، ويبدو واضحا أن الدول المستعدة للتحول تؤثر التريث لضمان نجاح الانطلاقة وتحسبا لأي تغير غير متوقع في المنطقة.

عليه فإن الاعتقاد بأن قادة التعاون سيفاجئون شعوب دول الخليج العربية بالإعلان عن ولادة اتحاد خليجي بين بعض دوله يبدو -بناء على تلك التصريحات والمعطيات المتوفرة- بعيدا عن الواقع، وهو بعيد أيضا حتى مع تبين البعض الحاجة إلى مثل هذا التحول بسبب تلك المتغيرات المتلاحقة والصعبة.
تحول مجلس التعاون الذي حقق نجاحات كثيرة منذ تأسيسه إلى اتحاد أمنية لدى كل شعوب التعاون، لكن لأنه أمنية مهمة لذا فإن من الأهمية بمكان عدم التسرع في اتخاذ قرار كهذا القرار، ذلك أن التراجع عنه سيكون صعبا، والفشل سيكلف كثيرا وقد لا تتمكن دول التعاون العودة بعده إلى مرحلة التعاون، فعندما يفرط العقد قد يصعب جمع حباته وتركيبها من جديد.
في البحرين وقبل نحو شهر من الآن سعت بعض الجمعيات السياسية إلى رفع رغبة الشعب البحريني التحول إلى اتحاد إلى اجتماع القمة حيث وفرت رسالة تضمنت آلاف التوقيعات التي يؤيد أصحابها الدخول في هذه الخطوة، لكنها بالتأكيد لا تكفي، فمثل هذا القرار يحتاج إلى تبين رأي كل الخليجيين بطريقة علمية ليكون القادة مطمئنين تماما لتلك الرغبة، كما يحتاج إلى أن يكون كل القادة مقتنعين بأنه قد حان الوقت بالفعل لاتخاذ هذا القرار وأنه من شأنه أن يخدم الدول الست في المرحلة المقبلة.
التحول إلى صيغة الاتحاد رغبة، لكن مهم جدا عدم الركون إلى العواطف، فلا مكان للعواطف مع مثل هذه القرارات المصيرية، ولا بد من الاستفادة من كل الأدوات المتوفرة والمعينة على التأكد من أن الحاجة باتت ماسة للدخول في هذه الخطوة.
نظريا يمكن القول إن التحول إلى الاتحاد أمر من شأنه أن يعين على التصدي لمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول الست، ويمنع كل من تسول له نفسه النيل من منجزات هذه الدول ومن أمنها واستقرارها، حيث الظروف التي تمر بها المنطقة تستدعي البروز إليها ككتلة واحدة، ومهم أيضا التيقن من أن اتخاذ مثل هذا القرار اليوم أفضل من اتخاذه بعد عام أو أكثر، ذلك أن الركون إلى النظري في مثل هذه الحالة قد تكون له عواقب سلبية، وهو ما يمكن قراءته بين سطور تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون وتصريحات وزير الخارجية البحريني بعد الاجتماع الوزاري والتي أعربا فيها -ومعهم وزراء الخارجية الخليجيون- عن الأمل بأن تكون قمة المنامة «مباركة حافلة بالإنجازات والخطوات البناءة التي تعزز المسيرة وتحقق تطلعات مواطني دول المجلس نحو مزيد من الترابط والتضامن والتكامل»، وكلها مفردات يمكن تصنيفها في باب أنه لا زال مبكرا اتخاذ قرار التحول إلى الاتحاد.
ربما الأمنية شعبيا، أن يكون قد جانب هذا التحليل الصواب، لكن واقع الحال يؤكد أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتريث، فهناك ملفات عديدة تحتاج إلى حسم وحل أبرزها ملف اليمن الذي يحتاج إلى جهود كبيرة ووقت أطول ليطوى، وكذلك ملفات العراق وسوريا وليبيا والتي تؤثر جميعها في الأوضاع الأمنية في المنطقة ويسهل الاختلاف فيها خصوصا مع انحرافها وتحكم الطائفية البغيضة فيها.
أمنية تحول مجلس التعاون إلى اتحاد أمنية مشروعة وجميلة، ولكن اتخاذ قرار في هذا الخصوص في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة والتغيرات سريعة الإيقاع مسألة صعبة للغاية خصوصا وأن الجميع يعرف أن قادة التعاون لن يقدموا على أي خطوة كبيرة إلا بعد أن يكونوا قد درسوا الموضوع من كل جوانبه وعرفوا تفاصيله جيدا، فما حققوه من نجاحات على مدى عمر مجلس التعاون يجعلهم حريصين على عدم اتخاذ أي خطوة إلا بعد أن يكونوا متأكدين تماما من نجاحها.
لا أحد حتى الآن يعرف المرئيات التي تم رفعها من قبل اللجنة الاستشارية للمجلس الأعلى بشأن الدراسات التي سبق للمجلس الأعلى أن كلف الهيئة بدراستها وتقديم المرئيات بشأنها، ولكن مراقبة التطورات في المنطقة تعين على أن قرارا بالتريث في موضوع التحول إلى الاتحاد هو ما سيتخذه القادة في قمة المنامة، ومع هذا تظل هناك مساحة للمفاجآت.

كاتب بحريني