الأزمات تطارد الأطفال في لبنان

الحدث الأربعاء ٣٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الأزمات تطارد الأطفال في لبنان

مسقط – محمد محمود البشتاوي

أكدت المتحدثة الرسمية باسم «جمعية إنقاذ الطفل الدولية» في لبنان ساندي مارون أن «الأزمة السورية تهدد جيلاً بأكملهِ إن لم توجد حلول سريعة وفعّالة»، لاسيما أن لبنان استقبل منذ اندلاع الأزمة في العام 2011 «أكثر من مليون لاجئ سوري، بينهم أكثر من 600 ألف طفل ممن هم بحاجة إلى مسكن وتعليم ورعاية اجتماعية ونفسية».

وتابعت مارون في حوار مع «الشبيبة» أن نحو «250 ألف طفل سوري هم خارج المدرسة، لجأ الكثير منهم للانخراط في أسوأ أشكال العمل»، وأن «70% من الأطفال اللاجئين السوريين المولودين في لبنان لا يمتلكون سجلات ولادة»، بحسب إحصائيات غير رسمية.

ما هي جمعية «إنقاذ الطفل» في سطور، وما هو دورها في لبنان؟

تأسست جمعية إنقاذ الطفل في لندن في العام 1919 كأول منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق الطفل. وفي لبنان، تعمل الجمعية منذ العام 1953 على حماية الأطفال ومناصرة حقوقهم في العيش والتعليم والصحة والمأوى.

كثّفت الجمعية من برامجها في السنوات الأخيرة، وأضحت تصل إلى أعداد أكبر من الأطفال من جميع الأعمار بالإضافة إلى عائلات المجتمعات المضيفة واللاجئين. ففي العام 2016، ساعدت الجمعية أكثر من 300 ألف شخص من بينهم 185 ألف طفل ضمن برامج التعليم والحماية والمأوى وكسب الرزق ونظافة المياه وحوكمة حقوق الطفل.

تأثير الأزمة السورية

ما أبرز التحديات التي تواجه الجمعية في لبنان؟

كانت للأزمة السورية وتدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى لبنان انعكاسات اجتماعية واقتصادية على البلاد، مما استدعى زيادة في حجم رقعة البرامج التي تنفذها الجمعية للوصول إلى العائلات التي تعاني من الفقر وغياب فرص العمل والكسب. وبطبيعة الحال، يتطلب هذا التوسّع موارد إضافية للاستجابة لحاجات الأطفال المتزايدة. فضعف التمويل الذي يشكل العصب الأساسي لعملياتنا قد يهدد بانقطاع مساعدات حيوية وتدهور الوضع الإنساني للأطفال.

كيف تقيِّمين حقوق الطفل في ضوء ما يشهدهُ لبنان من أزمات؟ وهل ثمة تشريعات تعمل على حماية الطفل؟

لبنان هو إحدى الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من الأمم المتحدة في 20 نوفمبر العام 1989. كما توجد عدة مجالس حكومية أُنشئت بغرض ضمان توفير هذه الحقوق من ضمنها المجلس الأعلى للطفولة.

وفي العام 1999، صدر مرسوم يتعلق بحظر استخدام الأحداث قبل إكمالهم سن الـ17. فالقوانين منصوصة والتشريعات مسنونة. لكن، عند إلقاء نظرة عامة على ما يحصل على أرض الواقع، نلاحظ أن حقوق الأطفال قد بدأت ترزح تحت تأثير تدهور الأوضاع الأمنيّة والاقتصادية في السنوات الأخيرة.

بتقديرك.. ما سبب وجود فجوة بين التشريعات، وتطبيقاتها حيال الأطفال في لبنان؟

أدت الظروف المذكورة وضعف آليات المراقبة والمتابعة من الجهات المسؤولة إلى غياب تنفيذ هذه التشريعات في عدد من المناطق اللبنانية وعدم تطبيق هذه الحقوق والقوانين، لاسيما تلك التي تتعلق بإلزامية التعليم ومنع عمل الأطفال والزواج المبكر.

تهديد جيل بأكمله

ما هي انعكاسات الحرب في الإقليم والأزمات الداخلية على الطفل في لبنان؟

في كل أزمة يكون الطفل أول المتأثرين، وكذا هي الحال في لبنان الذي عانى من تداعيات حروب وأزمات عصفت به وبالمنطقة على مدار أكثر من عشر سنوات.

فمنذ اندلاع الأزمة السورية في 2011، توافد إلى لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري، بينهم أكثر من 600 ألف طفل ممن هم بحاجة إلى مسكن وتعليم ورعاية اجتماعية ونفسية.

كما أنه يوجد ما يقارب 250 ألف طفل سوري خارج المدرسة، لجأ الكثير منهم للانخراط في أسوأ أشكال العمل. وهذا كله يهدد مستقبل جيلٍ بكامله إن لم توجد حلول سريعة وفعّالة.

هل لديكم إحصائيات حول أعداد الأطفال المُعنّفين في لبنان؟

لا يوجد لدى جمعية إنقاذ الطفل أي أرقام حديثة حول أعداد الأطفال المعنّفين في لبنان.

ما هي الوسائل الممكنة لمواجهة العنف ضد الأطفال؟

جمعية إنقاذ الطفل تؤمن بأن حماية الأطفال تبدأ من الأسرة وتستمر مع المدرسة والمجتمع. فبالإضافة لعملنا مع المؤسسات الحكومية والوزارات على إنجاز قرارات تساعد في توفير الحماية للصغار، نعمل مع الأهالي والمجتمعات كافة على زيادة الوعي لترسيخ مفهوم الحماية والتوعية من مخاطر العنف ضد الأطفال أو استغلالهم.

ضمان التعليم

ما هي أولويات الجمعية اليوم في لبنان في ظل ما يشهدهُ هذا البلد من تدفق للنازحين؟

يبقى التعليم ضمن أهم الحاجات التي نسعى لتوفيرها للآلاف من الأطفال على اختلاف جنسياتهم. فتنسيقنا مع وزارة التربية والتعليم العالي والجهات المختصّة يهدف إلى إعادة الأطفال إلى صفوف المدرسة بعد أن سُلبت سنين من عمرهم في نزاعات وحروب. وقد حدّدت حملتنا التي تركز على التعليم كحق رئيسي، هدفها بالوصول إلى كل طفل وطفلة ضمن برامج تعليم رسمي وغير رسمي.

ثمة إشكالية قانونية تتعلق بعدم وجود أوراق ثبوتية لبعض الأطفال السوريين النازحين واللاجئين الفلسطينيين.. فكيف تتعاملون مع هذه الفئة الفاقدة للقيد؟

تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى أن ثمة 70% من الأطفال اللاجئين السوريين المولودين في لبنان لا يمتلكون سجلات ولادة. يضاف إلى ذلك الآلاف ممن لم يتمكنوا من إحضار أوراق ثبوتية عند لجوئهم، مما شكل عائقاً أمام عائلات تسعى باحثة عن الرزق.

لكن ومع بدء العام الدراسي الجديد، شهدنا خطوة مهمّة تمثلت بتعميم أصدرته وزارة التربية والتعليم العالي يلزم جميع المدارس بقبول جميع الأطفال ومن ضمنهم أولئك ممن لا يملكون وثائق رسمية.

لكن «هيومن رايتس ووتش» تؤكد أن نصف الأطفال السوريين في لبنان بلا تعليم.. كيف تعلقين؟ وأين مكمن الخلل؟

رغم التحسن الواضح في نسبة تسجيل الأطفال، ما تزال مجموعة من العوائق تحول دون دخولهم إلى المدارس.

أحد هذه العوامل هو الظرف الاقتصادي. فالفقر يدفع العديد من العائلات إلى إرسال أطفالهم للعمل وتوفير المدخول. كما أن عدم توافر مدارس في المناطق القريبة للمخيمات يزيد من صعوبة المهمة. يضاف إلى ذلك الصعوبات اللغوية واختلاف المناهج التي تؤخر اندماج الأطفال، مما يؤدي إلى خروجهم من المدرسة.

توفير مناخات أفضل

هل هنالك جهود تُبذل لتوفير بيئة أكثر ملاءمة للطفل لاسيما أن مخيمات النازحين على الأغلب تفتقر لهذه البيئة؟

تسعى جمعية إنقاذ الطفل إلى توفير محيط سكني أفضل للعائلات اللاجئة، فقد قمنا بتطوير برامج تهيئ مناخات أفضل، حيث يتمكن المستفيدون من استبدال مساكنهم بمحيطات تتوافر فيها أساسيات المأوى الملائم. لكن الأعداد الكبيرة وقلة توافر مساحات السكن أجبرت العديد على العيش في المخيمات. وقد خصصت الجمعية لأولئك تدخلات خاصة ساعدت في تحسين ظروف سكنهم، من ضمنها فتح قنوات للصرف الصحي ضمن المخيمات، وتوفير خزانات لإيصال مياه الشفة، وزيادة أساليب النظافة ونشر السلوك الصحي ضمن تلك المجتمعات.

ما هي الإحصائيات المتوفرة لديكم حول عمل الأطفال في لبنان؟ وهل من حلول للحد من هذه الظاهرة؟

لا توجد أرقام دقيقة تحصي عدد الأطفال العاملين، وذلك لعدة أسباب، لكن تشير تقاريرنا إلى أن النسبة الأكبر من الأطفال العاملين هم دون سن الـ14 ممن يعملون في المزارع والمصانع، بخاصة في مناطق البقاع والشمال اللبناني.

يبقى التعليم الخيار الأول والأساسي لجميع الأطفال. فلا بديل عن ذلك لبناء أجيال تبني مستقبلاً أفضل من الحاضر الذي عاشه أولئك الأطفال.