العقوبات والخطر المحدق بالدولار

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٩/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
العقوبات والخطر المحدق بالدولار

كريستوفر سمارت

كيف يمكن للولايات المتحدة الرد على الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها من قبل قوى أجنبية أو وكلائها؟ واجه الرئيس باراك أوباما هذه القضية في أعقاب تقارير عن القرصنة الروسية خلال الدورة الانتخابية الأخيرة للولايات المتحدة. لكنها ليست مسألة روسيا أو أوباما فحسب. ويواجه الرئيس المنتخب دونالد ترامب المشكلة نفسها، ولن تكون له خيارات فُضلى.

«التسمية والتشهير» إجراء غير مُرضٍ، لأن القراصنة نادراً ما يشعرون بأي حرج أو عار. وبالمثل، فإن اتهام المجرمين -وهو إجراء اتخذ سابقاً ضد القراصنة الصينيين- لن يعرض أي شخص للمحاكمة. وقد أثار نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إمكانية القيام بهجمات مضادة إزاء شبكات الكمبيوتر الروسية، لكن قد يؤدي هذا الرد إلى التصعيد، وإلى التخلي عن الأخلاق العالية.

قد تبدو العقوبات الاقتصادية كأنها وسيلة بسيطة وغير مكلفة لتسجيل استنكار جرائم القرصنة الأجنبية؛ في حالة روسيا، يمكن تشديد العقوبات الحالية ضد أكبر بنوكها وأقرب المقربين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن اللجوء إلى العقوبات في حالات كثيرة جداً يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى، كإضعاف دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي في النهاية.
إن ثلثي جميع الاحتياطيات العالمية بالدولار، و88 %من جميع معاملات الصرف الأجنبي في جميع أنحاء العالم تتم بالدولار. لذلك، فإن أقوى أداة عقوبات لأمريكا هي قدرتها على منع بنك إجرامي ومحتال من القيام بالمعاملات بالدولار الأمريكي. لكن في كل مرة تشدد الولايات المتحدة العقوبات على دولة أخرى، فإنها بذلك تخاطر بتقويض مكانة الدولار كعملة احتياطية رئيسية في العالم، وتجعل العقوبات في المستقبل أقل فعالية.

يمكن للولايات المتحدة توجيه ضربة قاسية للمنظمات الإرهابية وكبار تجار المخدرات من خلال منعهم من التعامل بالدولار، كما لن يقبل مديرو البنوك مجرد التفكير في فقدان القدرة على الوصول للدولار. لكن عندما تستهدف العقوبات بلداً معيناً، فإن فعاليتها ستعتمد أكثر من ذلك بكثير على مشاركة الدول الأخرى، التي يمكن أن تكلف رأس المال السياسي.
على سبيل المثال، أجبرت العقوبات الأمريكية في نهاية المطاف إيران للحضور والتفاوض على اتفاق نووي، لكن العقوبات كانت فعالة فقط بفضل قيام تحالف دولي واسع النطاق، بدعم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بهدف عزل إيران مالياً. كما تضاعفت العقوبات الأمريكية ضد روسيا بعد ضم الأخيرة لشبه جزيرة القرم في العام 2014 نتيجة لتراجع أسعار النفط المفاجئ، وبسبب نشر تدابير مماثلة من قبل الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لروسيا. وبدون مشاركة الاتحاد الأوروبي، لكانت العقوبات الأمريكية أقل فعالية بكثير.
في حين أن التحالفات الدولية تضفي مصداقية على العقوبات الأمريكية، لكنها ضعيفة ومؤقتة في أحسن الأحوال. عام واحد فقط بعد التوصل لاتفاق إيران، من الصعب التصور أن الصين أو روسيا ستؤيدان المزيد من العمل المشترك ضد إيران، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق. وبالمثل، يجب على القادة الأوروبيين تجديد العقوبات ضد روسيا كل ستة أشهر، مما يعني أن هذه الأخيرة من المحتمل أن تتملص لفترة كافية من تغيير سياسة الكرملين.
على الرغم من علاقة ترامب الواضحة مع بوتين، ستكون العقوبات الأمريكية أكثر دواماً بكثير. حتى عندما كان أوباما يدعم بنشاط انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية في وقت سابق من رئاسته، كان عليه أن ينفق من رأس المال السياسي الكبير لإلغاء تعديل جاكسون -فانيك للعام 1974، والذي أمن الهجرة اليهودية الحرة من الاتحاد السوفيتي كشرط لعلاقات التجارة العادية. في هذه المرحلة، سيكــون إعـــادة العلاقة الدبلومـــاســية إلى مجراها الطبيعي صعباً للغاية، إن لم يكن مستحيلاً.

مساعد خاص لرئيس الاقتصاد الدولي والتجارة

والاستثمار (2013-2015) ونائب مساعد وزير الخزانة (2009-2013) ببريطانيا