أين هي "لاماسيا" التي صنعت نجوم وأساطير نادي برشلونة؟

الجماهير الاثنين ٢٨/نوفمبر/٢٠١٦ ١٩:٥٤ م
أين هي "لاماسيا" التي صنعت نجوم وأساطير نادي برشلونة؟

وكالات - ش
عشاق نادي برشلونة كانوا دوما يتفاخرون باكاديمية لاماسيا التي أبهرت العالم في السنوات الفائته، حيث صدرت اسماء واساطير للنادي الكتالوني سيظل التاريخ يذكرها في صفحاته الاولى.
منذ اقترح كرويف الفكرة على برشلونة، تحولت لاماسيا لأحد أهم عناصر نجاح النادي الكتلوني، لكن من الواضح مؤخراً أن بريقها الإعلامي خفت، ومساهمتها بالفريق الأول تراجعت، فمنذ ضجة لاماسيا الكبرى، لا يمكن إيجاد غير سيرجي روبرتو كإضافة جديدة من الأكاديمية للفريق الأول الأساسي في أخر 4 سنوات، في حين أن رافينيا ودينيس سواريز هم احتياطيون بامتياز.

سوق الانتقالات تؤكد التراجع
اشترى برشلونة هذا الموسم عدة لاعبين شباب لا تزيد أعمارهم عن 22 سنة، أندريه جوميز وأومتيتي وباكو الكاسير ولوكاس دين، واضطر لشراء حارس احتياطي من الخارج، مؤكداً عدم ثقته بالحارس الثالث الذي يملكه من لاماسيا، والكلام عن ماسيب.

التعاقدات مع الشباب، وجميعهم لم يقدموا شيئاً مذهلاً مؤكد النجاج قبل وصولهم لبرشلونة، يعني أن الفريق الكتلوني مستعد للصبر على هؤلاء، بدلاً من الصبر على عدة أسماء قالوا عنها أنها واعدة في لاماسيا، لكن لم نراها أبداً في الفريق الأول.
منير وساندرو حالياً يتركان بصمة مقبولة مع فالنسيا وملقا على الترتيب، ويتألق جريمالدو في بنفيكا، في حين أن باكو الكاسير ما زال يبحث عن لمس الكرة قبل أن يسجل، فهو قليل المشاركات، وقليل الفاعلية عندما يشارك.
جوارديولا الشجاع والجيل الذهبي أغروا الجميع بشكل غير واقعي
لم تصل لاماسيا لقمة صداها الإعلامي وجذبها حول العالم أكثر مما جرى في عصر بيب جوارديولا، حينها كان الفيلسوف مستعداً للدفع بكرستيان تيو كي يخوض كلاسيكو، وجرب عدة أسماء منها ما نجح ومنها ما فشل.
كان مغرماً بمنح الفرصة لشباب لاماسيا، وكان لديه إيمان بأنهم يستطيعون فعل شيء، وفي نفس الوقت ساعد وجود جيل خارق للعادة يقوده تشافي وميسي وانيستا، على فعل هذا الأمر، لأن اسحاق كوينكا كان يلعب بشكل متواضع، لكن برشلونة يسجل 6 أهداف، وبالتالي كان هناك فرصة لمنح هؤلاء الشباب وقتاً.

الجميع كان بإمكانه أن يلعب في الفريق الأول تحت قيادة جوارديولا، ليس فقط في بطولة الكأس، بل في مباريات مهمة في بطولة الدوري، وهو ساهم بظهور 13 لاعباً من لاماسيا للمرة الأولى في مسيرتهم في الليجا.
خلقت هذه الفترة انطباعاً غير واقعي،فالجميع في لاماسيا بات يتوقع أن يلعب أساسياً، أصبح الصبر أقل، والاستعداد لبذل الجهد في الظل على طريقة سيرجي روبرتو أقل أيضاً، الأمر الذي دفع الكثيرين للمطالبة بالرحيل سريعاً عند جلوسهم احتياطيين.
تراوري وديولوفيو ومنير وساندرو وجريمالدو وغيرهم، سارعوا بالرحيل لأنهم يريدون اللعب أكثر، فهذا ما أوحى لهم به جوارديولا، أن عمر 21 سنة ليس صغيراً كي تظهر وتلعب ضد ريال مدريد.
لم تستطع إدارة برشلونة احتواء هذا الطموح، ولم تحاول استيعاب هؤلاء الشباب، ويبدو أن المدربين أيضاً لم يكن لديهم الصبر ولا الشجاعة لاحتوائهم، فبات الخروج هو النتيجة المعتادة.
ضريبة النجاح .. الضغط أعلى!
قبل بيب جوارديولا، كانت خسارة برشلونة مباراة واحدة أمراً عادياً، وحتى إن ريكارد واصل عمله رغم عدم تحقيقه أي لقب في موسمه الأول، ولا أي لقب في موسميه الأخيرين.

لا يمكن تصور استمرار أي مدرب الآن في العملاق الكتلوني لو خرج من دون أي لقب، بل إن لويس إنريكي تحدثوا عن مستقبله بعد الفوز بالثلاثية، لأن البعض لم يكن مقتنعا بدوره في النجاح مع تألق الـ MSN.
ضريبة النجاح الذي أبهر العالم، في عصر التيكي تاكا والاستحواذ وثورة الكرة الشاملة والمهاجم والوهمي، أنه لم يعد هناك مجال للصبر، فالجماهير تستعجل المطالبة بالتعويض، وتستعجل المطالبة بجلب أسماء أفضل.
هذه الضريبة، جعلت برشلونة يدفع ما يقارب 40 مليون يورو على مدافعين أعلى من 30 سنة، هما جيريمي ماثيو وفيرمالين، والتخلي عن ابن الأكاديمية مارك بارترا، لأنهم شعروا بحاجتهم للخبرة كي ينجح الفريق.

المخالفات القانونية
لا يمكن إغفال دور العقوبات التي تعرض لها نادي برشلونة بسبب تعاقدات لاماسيا بتراجع بريقها بعض الشيء، فالأجواء توترت هناك في الداخل، وتشتت التركيز والانتباه بشكل أثر على منتجاتها من اللاعبين بل وقدرتها على الحفاظ عليهم.

هذه المخالفات ربما جعلت إدارة برشلونة الحالية أقل اهتماماً بالأكاديمية، لأن الخدمة الترويجية التي كانت تؤديها لم تعد كذلك، بل إن كل ذكر لهأ، يعيد للناس ذاكرة المخالفات والتعاقد مع اللاعبين القصر.

ضعف اهتمام الإدارة العليا، يؤدي بشكل تدريجي إلى ضعف اهتمام كل أجزاء النادي في المسألة.

مرحلة اقتصادية انتقالية
لا يمكن إغفال أن سقوط نجم لاماسيا جاء مع صعود نجم روسيل وبارتوميو، وكلاهما جاء بالمقولة الشهيرة “التميز الاقتصادي مع التميز الرياضي”.

برشلونة كان بحاجة لما بعد جوارديولا إلى ضمان استقرار النجاح، وعدم العودة إلى تذبذب ما قبله، ومن أجل ذلك، وفي عصرنا الحديث، لا بد من تحقيق نجاح مالي ليضمن النجاح الرياضي.

في صيف موسم 2015-2016، ضمنت لاماسيا لبرشلونة ما يقارب 48 مليون يورو، تم إنفاقها بشكل غير ناجح على أليكس فيدال وأردا توران، وثم تم استخدام السيولة المتوفرة بشكل إضافي لتمويل تجديد عقود أو تحسينات في مرافق النادي.
فخر لاماسيا

فخر لاماسيا

المسألة ليست بالجودة والاستثمارات مستمرة .. المسألة بالإرادة وموراتا مثالاً
عندما حقق جوارديولا السداسية، وبدأ بعملية ثورة لاماسيا، سألوه “ما الذي يجعل أكاديمية لاماسيا أفضل؟”، أجاب بشكل يلخص كل الحكاية “ليست أفضل، بل الفارق أننا نضع هؤلاء الشباب يلعبون في الفريق الأول”.

المسألة تتعلق بالإرادة، الفارو موراتا لو استمر احتياطياً مع ريال مدريد، لما كسب المكانة التي جعلته مهاجم اسبانيا الأول في يورو 2016، حيث أن توجهه ليوفنتوس ساعده على التطور سريعاً، وهو نفس الأمر الذي جعل بوسكتش يتفوق على يايا توري، فالثقة ودقائق اللعب أمران أساسيان لتطور أي لاعب شاب.

ما جرى في برشلونة، لا يتعلق أبداً بالاستثمار في مرافق الأكاديمية أو فريق موظفيها، فكل لتقارير تؤكد أنها ما زالت ضمن الأفضل في العالم، لكن الذي تغير هو إرادة الإدارة الرسمية وربما الرياضية أيضاً بأن جلب لاعبين في سوق الانتقالات أسهل لخلق النجاح، فالإتيان بلاعب بخبرة تزيد عن 140 مباراة مثل باكو الكاسير أفضل من انتظار ساندرو لاكتساب هذه الخبرة، حسب وجهة نظرهم.

الاستثمار في الأكاديمية مستمر، بل إن إدارة برشلونة أعلنت رفع استثماراتها هذا العام إلى 3 مليون يورو كميزانية للاماسيا بدلاً من 2 مليون يورو سابقة، أي برفع استثمار مقداره 50%.

وما يدلل على أن المسألة تتعلق بالإدارة وإرادتها، أن لابورتا خلال حملته الانتخاية كان حريصاً على توجيه الانتقادات لهم بخصوص لأكاديمية، وأنهم هم من يتعمدون تجاهلها، فلو اشترطوا عند تعيين أي مدرب – وهذا حاصل في كثير من الأندية – استخدام بعض مواهب برشلونة لاماسيا باستمرار لفعل المدربون ذلك.

لا يمكن القول إن ما يجري الآن خطأ، بل يمكن القول إنه مختلف وغير مألوف لثقافة برشلونة منذ وضع كرويف أقدامه في مقره كمفكر ومدرب، فقلة من الأندية التي تجعل أكاديميتها أساساً في النجاح، فمنذ رحيل جوارديولا، حمل الفريق لقب دوري أبطال ولعب نصف النهائي مرة، كما أنه حقق ثنائتين محليتين، وحقق نقلة مالية مهمة من حيث انخفاض الديون وزيادة الدخل وكذلك معدل السيولة النقدية.

الشيء الخطير فقط في مثل أندية برشلونة، أن زيادة عدد اللاعبين من غير أبناء النادي، يسهل حدوث مشاكل لاحقاً في ظل تراجع النتائج، ولعل كلام لاعب روما فلورينزي يساعد على الفهم بقوله “عندما لا تكون ابن النادي وتخسر فإنك تحزن مرة كلاعب، وعندما تكون ابن النادي ومشجعه فإنك تحزن 3 مرات !”، وهو ما يجعلنا نفهم لماذا استطاع تشافي احتواء الأزمة بين ميسي وانريكي، في حين في أندية أخرى لا تجد من يفعل ذلك.