"طفولة سوريا" في باطن الأرض!!

الحدث الاثنين ٢٨/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
"طفولة سوريا" في باطن الأرض!!

مسقط – محمد البيباني

"متنزه للأطفال في قبو تحت الأرض ومدرسة لتعليمهم في كهف"... تجربتان مريرتان تعكسان حجم مأساة أطفال سوريا...
إذا أراد أحد أن يصف واقع أطفال سوريا فهم بلاشك "جيل الحلم الضائع والمصير المجهول"، سنوات طويلة من حرب لا يعرفون أسبابها ولا أهداف أطرافها ولكنهم يعرفون جيدا مراراتها ويعايشونها كل لحظة.
معاناتهم اليومية تجاوزت حد أفلام الرعب التي لم تكن براءتهم تستوعب أحداثها ولكنهم اليوم يعايشون سيناريوهاتها كل لحظة..

لهو تحت الأرض
مأساة جديدة كشفت عنها صحيفة الإندبندنت البريطانية، حينما ألقت الضوء على أكثر من 200 طفل سوري يلجأون يوميا لملاه واقعة داخل الأنفاق الأرضية، حيث يستمتعون بوقتهم لبضع ساعات بعيدا عن القصف المتواصل.
ويخبأ ملعب "أرض الطفولة" تحت الأرض بمنطقة يسيطر عليها المتمردون بسوريا التي يعاني مواطنوها الحصار بسبب ضرب النار والقصف، إلى جانب نقص الغذاء والأدوية.
وقال عبدالعزيز 10 سنوات وهو أحد المترددين على الملعب: "لم تسمح لي والدتي باللعب في الشارع مع أبناء الجيران، ولكنها عندما علمت بأن هذا المكان يقع تحت الأرض، سمحت لي أن آتي إلى هنا وألعب".
مثله مثل أطفال سوريين كثيرين، يحاول عبد العزيز الذي قتل والده في الحرب أن يعيش طفولة طبيعية وسط العنف الذي لا ينتهي.
ويدير الملعب، المصنوع من الجدار الترابي ومكون من شبكة طبقات سفلية "بدروم"، عدد من المتطوعين الذين يقودهم طالب هندسة معمارية يدعى "يس".
وفي إحدى زوايا الملعب، تقع سيارات التصادم ومسبح الكرات وحلويات محلية الصنع، فيما تتزين الجدار بلوحات ملونة بالزهور والأشجار.
وتقول طفلة لعمال منظمة اليونيسيف خلال زيارتهم للملعب أنها تذهب وأصدقائها للملعب لأنه آخر متنزه لا يزال يعمل في سوريا.
وقال "يس" مصمم أرض الطفولة إن المتطوعين قد حفروا النفق من أجل صناعة الملاهي بأنفسهم قبل إضافة الأضواء والزينة واللعب.
وأضاف: "أردنا أن نحول النفق من أن يكون مرتبطا بالهجمات والخوف والرعب إلى مكان ممتع يجذب الأطفال".

تعليم داخل كهف
في تجربة أخرى لأطفال يافعين يجلسون على سجادة داخل كهف يقع في ريف إدلب الشمالي، فيما الحرب الوحشية تحتدم حولهم، حيث يسعون للحصول على التعليم في بلد منكوبة، ولكن خلف الحجر الذي يوفر لهم حماية مؤقتة، لا تزال أهوال الحرب التي يشنها الأسد وحلفاؤه مستعرة.
إنها مدرسة لا مثيل لها، حيث يجلس الأطفال على سجاد في كهف فيما المذبحة تحيط بهم، حيث تُظهر هذه المدرسة المذهلة الضحايا الأبرياء لأطول "حرب أهلية" شهدتها سوريا وهم حريصون على أن يواصلوا تعليمهم.
وقد أنشئت "المدرسة الكهف" من قبل المعلمَين أحمد وزوجته بعد أن أجبروا على الفرار من حماة إثر تعرض منزلهم وقريتهم لتساقط القنابل البرميلية عليهم.
ويقول المعلم أحمد: "لقد بدأنا مع الأطفال الذين يعيشون في مكان قريب، ثم قمنا بتوسعة، والآن لدينا ما يقرب من 120 طالب وطالبة". ويضيف: "كان كهفا صغيرا جدا لاستضافة جميع الأطفال، لذلك حددنا أوقاتا لتعليم الأطفال الأصغر سنا لتعلم الأبجدية فيما نعلم الأكبر موضوعات أخرى في أوقات لاحقة".
ولكن حتى في كهف فإن السلامة لا يمكن أن تكون مضمونة في ظل تهديد يومي بـ"قنابل خارقة للتحصينات".

تحت الحصار
من جانبها أكدت الأمم المتحدة أن عدد الأطفال العالقين في المناطق المحاصرة بسوريا زاد إلى الضعف خلال أقل من عام وصولا إلى نصف مليون طفل، في ظل تصاعد أعمال العنف في حلب وعدة مناطق سورية أخرى.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في تقرير نشرته أمس، أن الأطفال من بين مئات الآلاف العالقين في 16 منطقة سورية تحت الحصار معزولون بالكامل تقريبا عن المساعدات الإنسانية المستدامة والخدمات الإنسانية"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن بعض تلك المناطق المحاصرة تلقت القليل فقط أو لم تتلق على الإطلاق من المساعدات خلال ما يقرب من عامين، رغم الجهود المتكررة من جانب المنظمات الإغاثية العالمية لإيصال الغذاء والأدوية إلى تلك المناطق. وعلّق المدير التنفيذى لـ"يونيسيف" أنتوني ليك على ذلك قائلا إن "هذه ليست طريقة للعيش".
كما أوضح التقرير أن نحو 100 ألف من الأطفال السوريين العالقين هم من المدنيين المحاصرين في الجزء الشرقي من حلب الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة، والتي تعد أهم نقاط الحرب الدائرة بين المعارضة من جانب وقوات النظام السوري وحلفائه الروس من جانب آخر.

قتل مستمر
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير "البراءة الدامية" مقتل أكثر من 23 ألف طفل منذ مارس 2011.
وذكر التقرير تعرض الأطفال في سوريا إلى مختلف أنواع الانتهاكات، حيث قُصفت مدارسهم بشكل منهجي من قبل النظام السوري والطيران الروسي.
كما أكد تضرر قرابة 3871 مركزاً تعليمياً بين مدرسة ورياض أطفال، ما أدى إلى خروج ما يزيد على 2.5 مليون طفل داخل سوريا من العملية التعليمية، إضافة إلى تضرر قطاع الصحة، ما أسفر عن انخفاض معدلات تطعيم الأطفال وانتشار الأمراض المعدية.