ناصر اليحمدي
نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز الوطني للإحصاء والمعلومات مؤخرا حول توجهات الشباب العماني نحو العمل مهمة ويجب أن يأخذها المسؤولون في الاعتبار عند وضع الخطط والاستراتيجيات التي تخص هذه الفئة المهمة من المجتمع.. فمثل هذه الإحصاءات والاستطلاعات توضح لنا كيف يفكر الشباب وما هي طموحاتهم وآمالهم التي يجب أن نعمل على تحقيقها حتى ينهض المجتمع.
وبالرغم من أن معظم نتائج الاستطلاع جاءت منطقية ومتوقعة إلا أن هناك بعض النتائج كانت صادمة وتوضح عدم استيعاب الشباب للواقع المعاش خاصة فيما يتعلق بملاءمة التأهيل العلمي لسوق العمل أو بالراتب الذي يحلمون به أو التمسك بالعمل في القطاع الحكومي.
لقد أظهر الاستطلاع أن نســــبة كبيرة من الشباب خاصة الباحثين عن عمل يعتقدون أن لديهم تأهيلا علميا مناسبا لســـوق العمل وهو ما يجعلنا نوجه لهم سؤالا.. لماذا إذن لم تحصلوا على عمل طالما أن سوق العمل متعطش لتخصصاتكم؟.
من المنطقي أن يعتقد المشتغلون بأن تأهيلهم العلمي يناسب سوق العمل وهذا سبب حصولهم على عملهم الذي يناسب تخصصاتهم أما الباحثون عن عمل فقد يتطلب السوق تخصصات بعينها يجب مراعاتها وعلينا حث الشباب على التوجه لها حتى يسهل عليهم إيجاد الوظيفة المناسبة.. يدعم ذلك محدودية التدريب العملي التي يراها الشباب أهم جوانب النقص في التأهيل العلمي حيث إنه من الضروري أن يعضد التدريب العملي النظريات التي تلقاها الشباب في مدرجات الدراسة حتى يكتسبون الخبرة والثقة التي تغري أي صاحب عمل للاستعانة بهم في مؤسسته.
أما بالنسبة لتطوير التعليم وتغيير المناهج الدراسية فإن العمل جار على قدم وساق لتطوير التعليم بدليل أن الكتب الدراسية أصبحت تتغير على فترات متقاربة جدا فالحكومة لا تألو جهدا من أجل الارتقاء بمستوى التعليم حتى يواكب أحدث التطورات التكنولوجية ويفي باحتياجات سوق العمل.
المؤسف أن الاستطلاع أظهر أن نصف الشباب يقضون 3 سنوات ونصف في البحث عن عمل وهذه بالتأكيد فترة مهدرة من عمر الشباب لم يستفد منها الوطن فيما يعود عليه بالنفع والخير.. لا ننكر أن هناك بلدانا ينتظر فيها الشباب سنوات وسنوات طوال حتى يحصلون على العمل المنشود ولكننا في وطننا الحبيب لا نرغب في أن يمر يوم واحد دون أن يستفيد الوطن من سواعد الشباب الفتية التي تنهض به وتعلي من شأنه.. لذلك ندعو الله أن يحصل كل خريج على عمل فور تخرجه.
الغريب أنه في الوقت الذي يعد القطاع الخاص شريكا أساسيا ومهما في التنمية ودوره لا يستهان به في المجتمع إلا أن الغالبية العظمى من الشباب ما زالت تفضل القطاع الحكومي بالرغم من أن العاملين في القطاع الخاص نالوا في الفترة الأخيرة حقوقهم كاملة أسوة بالعاملين في القطاع الحكومي من زيادة رواتب وإجازات وحوافز وغيرها.. ولكن هؤلاء الشباب يرون أن القطاع الحكومي استقرار وأمان من هنا يمكن تغيير بعض القوانين المتعلقة بالقطاع الخاص بحيث تمنح هؤلاء الشباب الأمان المنشود فيقبلون على المؤسسات الخاصة إقبالهم على الحكومية لاسيما أن معظمهم حددوا تفضيلهم للقطاع الخاص في حال زيادة راتبه عن راتب القطاع الحكومي.
أما ما يبعث في النفس البهجة فهو رغبة طلبة التعليم العالي في الحصول على رواتب مرتفعة تتراوح بين 886 و830 ريالا عمانيا رغم أن حديث التخرج يبدأ السلم من أوله براتب قليل يزداد مع الأيام والعمل الجاد والاجتهاد إلا أنهم ما زالوا يرون الحياة وردية ويتطلعون للرواتب المرتفعة التي تلبي كافة احتياجاتهم لكن للأسف بعد التخرج يصطدمون بالواقع عندما يبحثون مرارا وتكرارا عن عمل وساعتها سيرضون بالحد الأدنى أو تكون نظرتهم عملية ومقبولة كالباحثين عن عمل والذين يرون أن الراتب المقبول بالنسبة لهم والذي يتمنون الحصول عليه يتراوح بين 454 و499 ريالا عمانيا كما أظهر الاستطلاع.
وفيما يخص التقاعد المبكر وترك العمل قبل سن الأربعين فللأسف ما زال البعض يفكر فيه وبنسبة الخمس وهذه بالتأكيد نسبة كبيرة نتمنى أن تختفي لأن العمل عبادة والاستمرار في العطاء لا يجب أن يتوقف عن سن معينة فمازال أمام هؤلاء الكثير ليقدمونه للبلد.
أما الرضا الوظيفي فمما لا شك فيه أنه لا يوجد عمل في الدنيا لا يحتوي على مشاكل أو سلبيات كما لخصها المشاركون في الاستطلاع ما بين ضعف الراتب أو صعوبة ظروف العمل أو ضعف الحوافز أو معاملة الرؤساء غير الجيدة وغير ذلك.. وهذا بالتأكيد طبيعي فشخصية البشر تختلف من إنسان لآخر وهذا الاختلاف ينشئ الخلاف في وجهات النظر والتي قد تتصادم مع الآخرين.
عموما احتوى الاستطلاع على نقاط أخرى كثيرة لا يسع المجال لذكرها ولكن نتمنى أن توضع نتائج الاستطلاع تحت الميكروسكوب حتى نقضي على مشكلة البطالة.
السلطنة ضمن الوجهات الســياحية
الأسرع نموا شرف.. ولكن
تصنيف السلطنة ضمن أسرع الوجهات السياحية نموا في العالم وذلك وفقا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة خير دليل على السياسة الحكيمة التي تسير عليها حكومتنا الرشيدة للترويج لما تزخر به بلادنا الحبيبة من مفردات طبيعية وبيئية وسياحية ساحرة تعد قبلة للزائرين والسائحين الباحثين عن الطبيعة الخلابة والبيئة النظيفة والحضارة العريقة وكرم الضيافة والخدمات الشاملة المريحة إلى غير ذلك من عوامل جذب سياحي تستقطب الآلاف حول العالم.
لاشك أن كل عماني يفخر بحصول السلطنة على المركز الـ 16 ضمن 17 دولة متقدمة بذلك على رومانيا كما كانت الدولة العربية الوحيدة التي أدرج اسمها في هذا التصنيف متفوقة بذلك على دول مجلس التعاون وكثير من الدول العربية والعالمية حيث استقبلت حوالي 1.78 مليون زائر في 2015 بزيادة 17 % عن العام 2014 وهذه نسبة لا يستهان بها كزيادة في عدد السائحين.
نحمد الله أن السلطنة ثرية بمعالمها السياحية الطبيعية والتاريخية والحضارية وهي نعم ارتأت الحكومة استخدامها بصورة تساهم في الارتقاء بالاقتصاد الوطني خاصة بعد انهيار أسعار النفط ودخول معظم دول العالم في متاهة القروض وعجز الموازنة والبحث عن تدابير بديلة للذهب الأسود.. لذلك وضعت حكومتنا الرشيدة استراتيجية متكاملة طويلة المدى تمتد لحوالي ثلاثين عاما لتطوير القطاع السياحي بمجموعة من الخطط والمشاريع السياحية التي من شأنها رفع الناتج المحلي من هذا القطاع الحيوي والمهم خلال الخطط الخمسية القادمة مثل تطوير المنشآت وتحسين مستوى الخدمات وتنويع المنتجات السياحية بما يتلاءم مع أذواق كافة السائحين داخليا وخارجيا بحيث يتم مواكبة النمو السياحي المتسارع حول العالم.
الجميل في الاستراتيجية الجديدة أنها تستغل المقومات السياحية في مختلف محافظات السلطنة بحيث تنشئ سياحة تكاملية تعتمد على الجوانب الطبيعية والتاريخية والحضارية والرياضية وغيرها مما يجذب السائحين في كل محافظة.. والأجمل أن كافة المشاريع الجديدة ستدار بأيدي وطنية وهو ما سيوفر فرص عمل كثيرة للباحثين عن عمل إلى جانب الإضافة الاقتصادية الهامة التي ستصيب الناتج الوطني وارتفاع مستوى معيشة المواطنين في كل محافظة.
إن إدراج اسم السلطنة في قائمة الوجهات السياحية الأسرع نموا في العالم شرف ولكنه مسؤولية كبرى وحافز عظيم يدفعنا جميعا كل في موقعه لتجميل بلاده والمحافظة على مفرداتها السياحية الجميلة وتطويرها من أجل إحراز تقدم أكثر وأكثر في مثل هذه التقارير الدولية.. فكما أنه مؤشر لصواب سياستنا الحكيمة فإنه كذلك مؤشر للطريق الذي يجب أن نسير عليه لإحراز تقدم في السباق العالمي المحموم لجذب السائحين من مختلف أقطاب الأرض.
ندعو الله أن تواصل بلادنا مسيرة النهضة بالمزيد من الإنجازات التي ترسم حروفها بمداد من الذهب في سجلات التاريخ العريق لوطننا الحبيب.. وأن يحفظ لنا مفرداتنا السياحية الخلابة ويرشد السائحين للتوجه إلينا فسوف يجدون أبوابنا مشرعة على مصراعيها وأذرعنا مفتوحة لكل من يريد أن يتنعم بما وهبه الله لنا من نعم أدامها الله علينا.
آخر كلام
صفعة على الوجه صادقة خير من ألف قبلة كاذبة.