تباطؤ الاقتصاد الخليجي .. وأسعار النفط

مؤشر الأحد ٢٧/نوفمبر/٢٠١٦ ٢٢:٥٠ م
تباطؤ الاقتصاد الخليجي .. وأسعار النفط

تأثرت الاقتصاديات العربية عامة والخليجية خاصة من تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، ولا سيما التي لم تستكمل أو لم تفكر في عمليات التحول الجاد إلى تنويع مواردها بدون الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، حيث إن الدول الغنية تستخدم احتياطاتها الهائلة للحفاظ على وتيرة التنمية المتسارعة، وهذا قد يستمر إلى بعض السنوات ثم يتوقف تبعا لما تملكه من حجم الاحتياطي الفعلي، بينما تتجه أخرى إلى أسواق التمويل، حيث ستستخدم الدول الغنية احتياطاتها الهائلة للحفاظ على وتيرة التنمية المتسارعة بقدر المستطاع، بينما يتجه الآخرون إلى أسواق التمويل الدولية، حتى يمكن الهروب من حالة التباطؤ والحفاظ على دوران عجلة التنمية ولو نسبيا، التي توقفت أو ربما أصيبت بحالة شبه التوقف عند بعض الدول عندما انخفض الإنفاق الحكومي بدرجات متفاوت، وذلك تحسبا من ألا يعرقل هبوط أسعار النفط عمليات الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تعد من العناصر الأساسية للتنمية وجذب والاستثمارات، حيث تتأثر الأوضاع الاقتصادية دائما بشدة بتبعات أسعار النفط، وبالهزات القوية التي ضربت السوق منذ العام 2014 ولا زالت تتأرجح حتى الآن، خاصة مع سياسات التقشف التي أثرت سلبا على شركات ومؤسسات القطاع الخاص التي بدأت تعاني بشدة في الآونة الأخيرة، نتيجة الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي، مما يعكس انخفاضا بالناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة، وفي زيادة البطالة وعدد الباحثين عن العمل وانخفاض الإنتاج الصناعي وانخفاض مبيعات تجارة التجزئة، وربما الاضطراب في أسواق الأسهم.
خاصة أن صندوق النقد الدولي سبق أن قال: إنه يجب على بعض بلدان الخليج تقليل الإنفاق العام لتجنب تآكل احتياطاتها. ومن المتوقع أن تستمر هذه المعاناة، مع عجز منظمة أوبك عن وقف تدهور الأسعار من خلال إستراتيجية لخفض الإنتاج وتقليل المعروض من النفط، خاصة مع دخول إيران لإغراق السوق بعد رفع العقوبات عنها وانتظارها للموقف الأمريكي وسياسات الرئيس الجديد ترامب تجاه المنطقة، حيث يوجد في مخزونها نحو 6 بلايين برميل من النفط النظيف، سيكون لها تأثيرها السلبي على الأسعار، وأصبحت المشكلة أن معظم الدول فشلت في توجيه الفوائض النفطية في سنوات الرواج -أو جزء منها- لتمويل مشاريعها في الأجل الطويل، خاصة في مواجهة مخاطر التقلبات المتوقعة لأسعار النفط، أو باستثمارها في التقنية والتكنولوجيا المتطورة، وأنشطة البحث العلمي، وصناعة المعرفة، التي تسهم في توفير فرص العمل الجديدة التي يمكن أن تستوعب جزءا من جحافل الخريجين والباحثين عن عمل الذين يمثلون قنابل موقوتة نظرا لتراكمهم سنويا، بعد أن أصبحت المؤسسات الحكومية تعاني من تخمة الأيدي العاملة التي تشكل بطالة مقنعة، أو في تطوير أساليب التسويق، وتطوير الصناعات الخليجية القائمة، ودفعها إلى المستويات التي تؤهلها للمنافسة والصمود أمام الصناعات الأخرى، وحتى تسهم بإيجابية في زيادة الناتج المحلي، ولكن إلى متى يمكن أن يصمد القطاع الخاص ولا يتضرر من التباطؤ القائم أو الركود القادم، وهل يمكن للاقتصاديات الخليجية منفردة أن تنجح في مقاومة سلبيات ذلك الوضع، خاصة إذا لم تتمكن من تحقيق نسبة نمو سنوية مرتفعة تفوق 3.25 %؟! أم أنها تحتاج إلى التكتل الخليجي الذي يتطلب تفعيلاً للسوق الخليجية المشتركة، وآلياتها من خلال الاتحاد الجمركي، واستكمال ما تبقى من متطلباته، وزيادة المنافذ الحدودية وتسهيل وتسريع الإجراءات، وتفعيل التأشيرة السياحية الموحدة ووضع برنامج زمني فعال لتطبيق العملة الخليجية الموحدة، ووضع قانون عمل خليجي موحد لتسهيل عمل الخليجيين وتيسير انتقال الأيدي العاملة، والانتهاء من شبكة السكك الحديدية لتعزيز دور القطاع الخاص في المشاركة في التنمية، وتفعيل السوق الخليجية المشتركة، التي يمكن أن تنشط دور القطاع الخاص الخليجي لتدعيم مسيرة التكامل الاقتصادي، والاستفادة من إمكانيته الكبيرة، ولا سيما أن حجم الاستثمارات الخليجية في الخارج تبلغ نحو 1.5 إلى 1.8 تريليون دولار، بعد أن خسروا أكثر من ثلث قيمتها، منذ بداية أزمة المال العالمية، وبات من الضروري أن تتعاون الحكومات مع القطاع الخاص ليشارك بإمكانياته في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في مختلف المشاريع الحيوية القائمة، أو الاستثمارات الجديدة.