جنيف – ش – وكالات
كثفت الأمم المتحدة جهودها يوم أمس الأحد لبدء محادثات غير مباشرة بين أطراف النزاع السوري المتواجدين في جنيف بهدف وقف الحرب المستمرة منذ حوالي خمس سنوات لكن العملية تبدو مهددة قبل بدئها، حيث أن الخلافات بين أطراف النزاع، علاوةً على الشروط المسبقة، ورفض الدخول في محادثات، عوامل جعلت من "جنيف 3" السوري بلا مفاوضين.
ويبدو أن رهان الأمم المتحدة يصعب تحقيقه طالما أن الارتياب لا يزال يسيطر لدى الطرفين، المعارضة والحكومة. وتتمسك المعارضة بطرح المسألة الإنسانية في المحادثات قبل الدخول في أي مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية التي تضع في المقابل شروطها، إذ أنها ترفض التفاوض مباشرة مع المعارضة قبل تسمية "التنظيمات الإرهابية".
تسمية التنظيمات الإرهابية
وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، شدد على ضرورة تسمية التنظيمات الإرهابية، مستبعداً أي تقدم في المسار السياسي قبل ذلك. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، عن الزعبي إن:"التقدم في المسار السياسي يحتاج فعلياً إلى تسمية التنظيمات الإرهابية" مضيفاً:"لن نقبل على الإطلاق، أن يكون جيش الإسلام، وحركة أحرار الشام، خارج هذه القائمة، لن نجلس مع إرهابيين مباشرةً، ولن نتحاور معهم".
وأوضح:"إذا لم يكن هناك اتفاق بين الدول حول تسمية التنظيمات الإرهابية، فإننا سنتصرف وفق مصلحتنا الوطنية التي تقضي التعامل معهم على أنهم تنظيمات إرهابية، وهذا لا يحتاج إلى نقاش".
واعتبر أن"التنظيمات الإرهابية واحدة، لكنها تختلف بالأسماء، وتتبع لعدة دول.."، وكل دولة من هذه الدول رغبات في إخراج هذه التنظيمات من قائمة الإرهاب.
تهديدات المعارضة
في المقابل؛ هددت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة بعيد وصولها إلى جنيف بعد أربعة أيام من التردد قبل الموافقة على المشاركة في المحادثات، من انها ستنسحب منها في حال استمر قصف المدنيين، وقال الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان الآغا عند وصوله إلى جنيف "لن نبدأ في المفاوضات حتى تصدر قرارات تؤكد إنهاء الحصار ووقف قصف المدنيين".
وأضاف "أمر بإنهاء الحصار وأمر بوقف قصف المدنيين وأمر بإطلاق سراح الأسرى، وندخل مفاوضات ونبدأ الحديث عن حكومة انتقالية". وتابع "حين يقولون لنا ان هذه المطالب التي طلبها مجلس الأمن قد تم تنفيذها سندخل المفاوضات وبجدية".
وسيعقد وفد الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم سياسيين وممثلين عن الفصائل المسلحة، لقاء مع موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا.
ويامل دي ميستورا في حمل وفدي الحكومة والمعارضة على الدخول في عملية مفاوضات غير مباشرة عبر دبلوماسية مكوكية بين الطرفين. لكن الهيئة العليا للمفاوضات قالت في بيان بعيد وصول وفدها إلى سويسرا عصر أمس الأول أن الوفد "سيبلغ دي ميستورا نية الهيئة سحب وفدها التفاوضي في ظل استمرار عجز الأمم المتحدة والقوى الدولية عن وقف هذه الانتهاكات".
ووصل وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية إلى جنيف في وقت متاخر بعد ظهر السبت بعد ايام من المشاورات المكثفة في الرياض والتي افضت إلى قراره الحضور إلى سويسرا.
الوضع الانساني
وتطالب المعارضة باصرار بتطبيق قرارات مجلس الامن الدولي التي تنص على انهاء حصار عشرات المدن السورية من المسلحين ووقف قصف المدنيين.
واعلنت منظمة اطباء بلا حدود أمس الأول أن 16 شخصا آخرين توفوا بسبب الجوع في بلدة مضايا المحاصرة من قبل القوات الحكومية في سوريا، منذ ان دخلتها قوافل المساعدات الانسانية في منتصف يناير.
وقالت المنظمة انها تقدر بـ 320 عدد حالات سوء التغذية في البلدة بينهم "33 يعانون من سوء تغذية حادة مما يضعهم تحت خطر الموت في حال لم يتلقوا العلاج السريع والفعال".
وطلب الصليب الأحمر مجددا أمس الأول الوصول إلى 4,5 ملايين مدني سوري يتعذر الوصول اليهم. وتحمل هذه المعاناة عددا كبيرا إلى الرحيل رغم المخاطر على حياتهم. وقضى 37 مهاجرا على الاقل من بينهم سوريون السبت في حادث غرق جديد في بحر ايجه.
خلافات وتباينات
وفي العودة إلى جنيف 3؛ عقد موفد الأمم المتحدة الخاص اجتماعا "تحضيريا" الجمعة مع وفد الحكومة السورية الذي يترأسه السفير السوري لدى المنظمة الدولية بشار الجعفري. ولم يدل الوفد باية تصريحات.
وقال دي ميستورا من جهته ان ممثلي وفد الحكومة أثاروا خلال اللقاء الذي استمر ساعتين مسألة "الارهاب". ويتزايد قلق المجموعة الدولية من التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات شاسعة في سوريا والعراق. لكن بالنسبة للحكومة السورية وحليفتها روسيا فان وصف "الارهاب" ينطبق على المعارضة المسلحة.
من جانب آخر فإن مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي تطالب المعارضة وحلفاؤها برحيله قبل بدء العملية الانتقالية، سيكون مطروحا بالتأكيد.
وتعلق الدول الكبرى آمالها على قرار الأمم المتحدة الصادر في 18 ديسمبر والذي نص على خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين الحكومة والمعارضة، وعلى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا، لكن من دون أن يشير إلى مصير الرئيس السوري.
وتريد القوى الكبرى التي طالتها تداعيات النزاع، التهديد الإرهابي وأزمة الهجرة، ان يتمكن السوريون من الاتفاق على حل. لكن حجم الهوة الفاصلة بين الطرفين وحلفائهم لا تبعث امالا كبرى بتحقيق تقدم على المدى القصير او المتوسط.
*-*
إطلاق برنامج لتأهيل السوريين في مختلف التخصصات
باريس – هدى الزين
قام برنامح مركز الاصلاح والتغيير باطلاق مبادرة الإصلاح العربي "بتحضير" برنامج تدريبي طموح لتأهيل محترفين سوريين للمشاركة الفعالة في العملية الانتقالية نحو سوريا السلام والديمقراطية.
وهذا البرنامج الطموح سيشمل كل أبناءها المشمولين بحق المواطنة حيث اطلقت مبادرة الإصلاح العربي مشروع برنامج تدريبي طموح لتأهيل محترفين سوريين من أجل للمشاركة الفعّالة في العملية الانتقالية نحو سوريا السلام والديمقراطية.
ويركز البرنامج الذي يُدعى "تحضير" على ثلاثة تخصصات هي: القانون وإصلاح قطاع الأمن، والإدارة المحلية، والتخطيط العمراني للتنمية المستدامة.
وسيتلقى جميع الملتحقين تدريبات عن مفاهيم المواطنة الفاعلة وعمليات اتخاذ القرار في النظم الديمقراطية ودروساً في اللغة الإنجليزية. وسيكون لدى كل متدرب فرصة للحصول على تمويل للمساعدة في تنفيذ مشاريع التخرج وإمكانية القيام بزيارات دراسية إلى أوروبا.
وقالت بسمة قضماني، المديرة التنفيذية للمبادرة، إن "إعداد مثل هذه الكوادر لا يجب أن ينتظر حتى التوصل لحل سياسي للحرب الدائرة بل يجب أن نكون جميعا جاهزين للعمل على الفور عندما يحين الوقت."
وتدير مبادرة الاصلاح العربي برنامج "تحضير" مع مركز أولوف بالمه السويدي، وبالتعاون مع جمعية "إلى سوريا" وبدعم من الاتحاد الأوروبي والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي. وسيقوم بتدريس دورات "تحضير" باللغة العربية خبراء دوليون ينتسبون إلى جامعات دولية وعربية.
ومن المقرر ان تنعقد الجولة التدريبية الأولى في ربيع 2016 في تركيا وتستغرق خمسة أسابيع بينما يجري عقد الجولتين الثانية والثالثة عن طريق الانترنت وستستغرق كل منهما عدة أشهر.
وتم تصميم اجراءات اختيار المتقدمين بحيث تؤدي قدر الإمكان إلى تمثيل متناسب للمرأة وتمكين مشاركين من كافة انحاء سوريا من الإلتحاق بهذه الدورات التدريبية
وتهدف "مبادرة الإصلاح العربي" إلى حشد طاقات البحث في البلدان العربية عن طريق تحفيز النقاش العام وتعميق المناظرات للوصول إلى برنامج إصلاح ديمقراطي
كما تعمل على إشراك العديد من منظمات المجتمع المدني والنشطاء من الحركات السياسية والاجتماعية في مختلف الدول العربية للوصول إلى توصيات تقدم لصانعي القرار بغرض الدفع بعملية التغيير. خصوصا بعد أن أطلقت الانتفاضات العربية حركة تحول سريعة في المنطقة. وأتت بتحولات كبيرة في السياسة والحوكمة والمجتمع وعلاقة الدولة بالمواطن، إضافة لتغيير في المشهد الاستراتيجي. ومثّلت لحظة فارقة في حياة شعوب المنطقة.
ضمن هذا الإطار، توسع "مبادرة الإصلح العربي" مهمتها كمحور إقليمي للتحول الديمقراطي، من خلال دعم منظمات المجتمع المدني الشابة والشبابية وتطوير مبادرات الأفراد. وتتواصل مع الفاعلين المحليين لمواكبة قطاعات المجتمع من مثقفين وسياسيين ونشطاء وشباب ونساء ورجال أعمال وإعلاميين ونقابيين وغيرهم من قادة الحركات الاجتماعية، ساعية لتفعيل مساهمتهم في هذه المرحلة الانتقالية رغم الصعوبات.