جدل حول السماح بالعقاب البدني بالمدارس أو منع استخدامه

بلادنا الأحد ٢٧/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٠ ص
جدل حول السماح
بالعقاب البدني
بالمدارس أو منع استخدامه

مسقط – سعيد الهاشمي

تثار دوماً العديد من النقاشات حول مسألة ضرب المعلمين طلابهم، فمن الناس والمتخصصين من يرى وجوب أن يكون المنع منعاً قاطعاً، ومنهم من يرى وجوبه والإفراط في استخدامه.

يقول عضو لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى سعادة ناصر العبري لـ«الشبيبة»: إن «قضية الضرب في المدارس قضية اختلف فيها الناس ما بين إفراط وتفريط، فمنهم من يمنع الضرب منعاً قاطعاً في المدارس، ومنهم من يستخدمه وكأنه حق مكتسب للمعلم يمارسه كيفما يشاء، وفي الحقيقة كلا الطرفين مخطئ في اعتقادي، وأنا كتربوي عملت في مهنة التدريس لمدة 12 سنة لي رأي وسط في هذا». وتابع «لست ممن يقول بمنع الضرب في المدارس على إطلاقه، ﻷن التصريح بهذا علنا يؤدي إلى نتائج كارثية، ومنها عدم احترام الطالب لمعلمه، واستهتاره بأوامره وأوامر إدارة المدرسة، ومنها ضعف انضباط الطلاب في المدرسة، ومنها ابتزاز المعلمين بتقديمهم للمحاكمات من قبل بعض أولياء الأمور استغلالا لهذا المنع القاطع، وفي المقابل لست ممن يطلقون هذا اﻷمر على عواهنه، ويأذنون للمعلم أن يكون جلاداً في المدرسة، وبين هذا وذاك يأتي الضرب التأديبي هو الحل، أي الضرب الذي يلجأ إليه المعلم وقت الضرورة لحفظ الهيبة ولضبط الصف، بشرط أن لا يكون الضرب مبرحاً ولا يترك آثاراً».
ويضيف العبري: قد رأيت بعض المعلمين يحمل عصا من باب الهيبة فقط، لكنه لا يضرب بها إلا نادراً وضرباً خفيفاً، فالمعلم الذي يستخدم الضرب العنيف هو معلم فاشل، وبالإمكان ضبط الصف بطرق كثيرة، ومن أهمها التحضير الجيد للحصة ذهنياً وكتابياً، ومنها قوة المادة العلمية لدى المعلم مما يجعل الطلاب مجبرين على احترامه وتقديره، ومنها أسلوب المعلم وتعامله مع طلابه تعاملاً مبنياً على الاحترام المتبادل، فالمعلم الذي يعامل طلابه كأنهم كبار وأصدقاء له، ويخلص في عمله يجبر طلابه على احترامه».
أمّا الأستاذ المساعد بقسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس حمود بن خميس النوفلي فيوضح لـ»الشبيبة» أنه «عند الحديث عن الضرب كوسيلة رادعة في تربية الأبناء فإنه ينبغي الأخذ في الاعتبار مقدار ذلك الضرب ومستواه والمشاعر المصاحبة للذي يضرب، فعندما يصاحب الضرب نظرات قوية وحاقدة ومخيفة وكأنه انتقامي فإن آثاره النفسية تكون قوية ولو كان بسيطاً، والعكس صحيح، عندما يصاحب الضرب ابتسامة ونصيحة بأنني أضربك لمصلحتك و لردعك عن كذا، وبعد الضرب يكلمه ولا يستمر في عقابه بالكراهية والنظرات الحاقدة فإن آثاره النفسية ستكون بسيطة، لأن الألم الجسدي للضرب البسيط يلبث دقيقة ثم يزول».
ويؤكد النوفلي أن هذا الكلام لا يعني تشجيعاً للضرب بقدر التفريق عند الحديث عن الموضوع في مستواه والمشاعر المصاحبة له، وكذلك أهمية معرفة العمر فالمراهق يتأثر نفسياً من الضرب أكثر من الطفل، وكما نعلم فإن الضرب المصاحب للكراهية والحقد يؤثر نفسياً على الطفل ويشعره بالظلم والدونية ويهز ثقته بذاته، ممّا يولد لديه الخوف والتوتر والشعور بالانهزامية، خصوصاً إذا ما تكرر مراراً، و استمر الذي مارس الضرب غاضباً من الطفل لفترة طويلة».
ويتابع النوفلي: أمّا الآثار الاجتماعية لعدم الضرب، فإنه يؤدي إلى عدم ردع بعض الأطفال الذين لديهم صفة التمرد على الأسرة والمجتمع، والذين لا تردعهم الأساليب التربوية الأخرى ويحتاجون إلى التخويف منه، فإذا لم يستخدم معهم، وتركوا متمردين فإنهم سوف يضرون أنفسهم والآخرين.
بدوره، يقول المعلم أنور الهاشمي: منع الضرب البدني للطلاب في المدارس يثير جدلاً واسعاً في الوسط التربوي، حيث إن الضرب أحد الوسائل التربوية التي يقوّم بها سلوك طالب العلم وله العديد من الآثار الإيجابية في تقويم النفس وتعديل السلوك، ولكن ينبغي التأكيد على أن لا يكون ضرباً انتقامياً، بحيث يترك آثاراً جانبية على جسد الطالب، وأن يكون في المكان المتعارف عليه، وهو اليدين وبطريقة تضمن تحقيق الغاية المنشودة.
كذلك، يقول ولي الأمر فيصل المعولي إن «ضرب الطلاب له آثار سلبية وأخرى إيجابية، حيث إنه لو استخدم بطريقة سليمة وبقصد تعديل السلوك، بعدما تنفد كل الطرق الأخرى لتعديل السلوك يعد حلاً أساسياً ومقبولاً، يشجع عليه المجتمع، ولكن الضرب فقط بغية الانتقام وإظهار قوة المعلم فإنه يخرج عن أهدافه الأساسية، ويترك آثاراً سلبية على الطالب، كما أنه يولّد في نفسه الكراهية من المدرسة والتعليم، فالواجب هو الاعتدال».
الجدير بالذكر أن لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى ناقشت أمس الأول التعميم الصادر بمنع العقاب البدني في المدارس، وقد استعرضت اللجنة عددًا من النصوص والمواد القانونية المتعلقة بالموضوع والإجراءات التي نصت عليها لائحة شؤون الطلاب وقانون الجزاء العماني، وكذلك قانون الطفل الذي التزمت به السلطنة مع منظمة اليونيسيف، كما ناقش الأعضاء الآثار المترتبة على السماح بالضرب من عدمه.