مسقط - يوسف بن محمد البلوشي
تصوير- طالب الوهيبي
قال وكيل وزارة الإعلام سعادة علي بن خلفان الجابري خلال رعايته المؤتمر الصحفي لوصول فريق رحلة عبور الربع الخالي إن هناك أحداثا ومراحل عديدة ستتبع هذه الرحلـــة من التدوين والتوثيق والبحوث الاستكشافية والإعلان عن المراحل والمواقع التي مرت بها الرحلة لتكون تراثا خالدا للسلطنة وللمشاركين في الرحلة، مشيرا إلى أن أعضاء الفريق أثبتوا قوة عزيمة وإرادة الشباب العماني في تحقيق الأهداف السامية التي سعوا إليها.
وأضاف الجابري: نحن سعداء جدا بوصول أعضاء الفريق إلى أرض الوطن بالسلامة، ونهنئهم على إنجازهم التاريخي الذي سيظل شاهدا على قوة عزيمة وإرادة الإنسان العماني الذي أثبت على مر التاريخ بأنه صانع للمنجزات العظيمة.
وأشار الجابري إلى أن هذه الرحلة التي استمرت تسعة وأربعين يوما من المشي المتواصل وركوب الإبل تذكرنا بإنجازات الرحالة القدماء الذين خاضوا هذا التحدي في ظروف أصعب وأخطر كتتبع هذه الرحلة خطى الرحلة الأولى التي تمت في العام 1930 بقيادة الرحال البريطاني برترام توماس والرحال العماني الشيخ صالح بن كلوت.
وشكــر الجابـــري في ختام حديثه كل من ساهم فـــي إنجـــاح هـــذه المغامـــرة المثيرة التي أثارت إعجاب الكثير مـــن المتابعين والمهتمين.
49 يوماً
وقد وصل الرحالين العمانيان محمد الزدجالي وعامر الوهيبي والإنجليزي مارك ايفانز إلى أرض الوطن بالسلامة بعد عبور ناجح لصحراء الربع الخالي حيث قطعت الرحلة التي بدأت في العاشر من ديسمبر الفائت من ولاية صلالة مسافة 1300 كيلومتر في تسعة وأربعين يوما عبر صحراء الربع الخالي في السلطنة والمملكة العربية السعودية قبل وصولها إلى مدينة الدوحة بقطر.
وجـــاءت هــــــذه الرحلــــة بمباركــــة سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد. وقد استقبل أعضاء الرحلة في الدوحة سعادة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني لدى وصولهم إلى وجهتهم الأخيرة، وذكرت الرحلة في خطاب لصاحب السمو الملكي الأمير تشارلز في لندن.
عضو الفريق محمد الزدجالي، المدرب بمؤسسة أوتورد باوند عمان، تحدث عن تجربته في هذه الرحلة، فقال: كان هذا التحدي هو الأصعب في حياتي على المستوى الجسدي والنفسي، وقد فقدت أكثر من عشرة كيلوجرامات من وزني في 49 يوما، مشيرا إلى أن عبور بعض صحاري الربع الخالي في الحدود السعودية شهد صعوبات كبيرة تمثلت في ارتفاع عمق الرمال لأكثر من 600 قدم والرياح الشديدة ما جعل الإبل تسير على ركبها بدلا من الأقدام التي كانت تغوص في الرمال.
وأضاف الزدجالي: أعادتنا هذه الرحلة إلى زمن البساطة والحياة البدوية الأصيلة التي نفتقدها هذه الأيام، والتي كانت في أحضان الطبيعة الخلابة في الكثبان الرملية الساحرة والسماء الصافية بنجومها المتلألئة بالليل. ونتمنى أن تكون تجربتنا مصدر إلهام للشباب العماني لتطوير مهاراتهم من خلال برامج مؤسسة أوتورد باوند عمان وتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم في المستقبل بإذن الله، التي لطالما حثهم عليها جلالة السلطان المعظم.
تغطية إعلامية واسعة
وقال المدير العام لمؤسسة أوتورد باوند عمان مارك ايفانز، رئيس فريق الرحلة، إن الرحلة حظيت بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام العالمية كقناة بي بي سي وقناة الجزيرة الدولية والصحف الكبرى كالتايمز والجارديان في لندن، مشيرا إلى أن البرنامج الواحد في إذاعة بي بي سي يحظـــى بخمسين مليون متابع حول العالم، وكانت هـــذه فرصــــة لتسليط الضوء على التاريخ العماني الثري، وعلى قوة الإرادة العمانية.
أما عامر الوهيبي، عضو الفريق وخبير التعامل مع الإبل فقال: نحن فخورون جدا بما أنجزناه بالرغم مما واجهناه من صعوبات كالمشي لمسافة ثلاثين كيلومترا يوميا والرضوض التي أصابتنا جراء هذا المشي الطويل.
وأضاف الوهيبي أن على الشباب العماني أن يقتفي أثر هذه الرحلة ويسهم في اكتشاف خيرات بلاده المتنوعة، مشيرا إلى أن الرحلة مرت على بعض التجمعات الحيوانية والنباتات الفطرية إضافة إلى عائلة تسكن في وسط الصحراء وتعمل في رعاية الإبل.
وشكر مارك إيفانز فريق الدعم المكون من جون سي سميث وسيم دافيس، اللذين لم يقتصر دورهما على قيادة سيارات الدعم، وإنما قاما بتوثيق الرحلة عبر صور عالية الدقة. وسيتم لاحقا هذا العام إنتاج فيلم وثائقي وكتاب عن الرحلة وإقامة عدد من المحاضرات في السلطنة وحول العالم في بريطانيا وأمريكا.
أهداف الرحلة
وبالإضافة إلى قيامها بعدد من البحوث العلمية، هدفت الرحلة إلى إعادة ربط الشباب العربي بثقافتهم وتاريخهم، ومساعدة الشباب على إدراك أن الإنجازات العظيمة قابلة للتحقق بالعمل الجاد والإرادة الصلبة. كما تهدف الرحلة إلى تعزيز العلاقات والتعاون بين السلطنة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر والمملكة المتحدة.
ويعد الربع الخالي واحدا من أكثر الأماكن في العالم جفافا وحرارةً وعزلةً، وتغطي صحراء الربع الخالي مساحة 650 ألف كيلومتر مربع من شبه الجزيرة العربية، إذ تمتد عبر السعودية والسلطنة والإمارات وقطر، وتعادل مساحتها مساحة كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا مجتمعة، وتصل درجات الحرارة في الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية، بينما تصل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في منتصف الشتاء.