يصبح الوقوف مع الكلمة وحريتها واجبا، تلك الكلمة التي لا تحسب على السياسة في شيء حيث تتباين الأفكار، و(النوايا)، وإنما في موضوع يلامس المجتمع، والنقد أحد أوجه التقييم والنظر بواقعية إلى اجتهادات.. قد تصيب، وليس بمستبعد.. أن تخيب!
الوقوف مع الكلمة الحقة "التي يراد بها حقا" التزام أخلاقي، مهما رأى البعض أنها خارج السياق الوظيفي والمهني، فتلك وجهات نظر خاضعة للتمحيص والفرز، لكن لأن أصحاب القرار هم الحكم في المعادلة فإن الأخت حليمة الشحية ظلت الحلقة الأضعف فحولوها إلى التحقيق كونها كتبت ما لم يعجب المسؤولين في وزارة التربية والتعليم.
أعيد تكرار ما كتبته سابقا في موضوع الحرية، الصبر على انحرافاتها (وهذه موضع التباس وتأويل وتفسير متفاوت الرؤية) خير ألف مرة من محاصرتها، والتضييق على الألسن. ربما يمكنك أن تسجن صاحب قلم أو فكرة جاهر بها كتابة، لكنك لن تستطيع إيجاد سجون لكل صاحب قلم أو فكرة بقيت حبيسة في صدره، أو أنه ينثرها في كل مقهى ومجلس..
عندما يقول موظف رأيه في وزارته فإن رد الحجة يكون بالحجة لا بالتحقيق.. وإن كان إداريا، لأن المنشور لا يبلغ سوى وجهة نظر، تمرّ كما تمر مئات غيرها من بين أيدينا يوميا دون أن نتوقف معها، بينما راجت تلك الفكرة لتغدو كرة الثلج التي حركت نفوس معلمين في صدورهم ما فيها، ولولا مخاوف وضعف علاقة بالكتابة لقيل في وزارة التربية من أبنائها ما لم يقل في أي وزارة أخرى.. وهذا قدرها كونها وزارة لأكثر من ثلثي العمانيين، جميعهم لهم علاقة ما بهذه الوزارة.
في مرحلة ما عصف بالعملية التعليمية في بلادنا ما سمي بإضراب المعلمين.. هدأت الأحوال لكن هل تغيّر وضع التعليم؟ وقد حذفت كلمة التربية عمدا لأن الوضع معقد، ومع تراجع دور البيت والأسرة فإن الوزارة تتحمل عبئا ليس من اليسير عليها القيام به، وكونه ملازما لمسألة التعليم فإن الخطوط الحمراء تحت المفردة تصبح حالة استثنائية تتطلب ما هو أكبر بمراحل من قدرة "التربية والتعليم" عليها.
وهناك وابل من الانتقادات نسمعها من ألسن كثيرة، وأغلبها من المعلمين، مع إيماني بأن واجب المعلم التغيير لا الشكوى، وأن يمسك بما استطاع من خيط واجباته بدلا من إحداث الضجيج حول "الوحش الخرافي" الذي نخترعه لنحمّله كل الأخطاء والعيوب، بينما نحن جزء من النسيج، ودور المعلم لا يقل عن دور المدير العام، لأن تماسّه مع الطالب مباشر، مع أن بعض المعلمين يأخذون على الوزارة دورها تجاه المعلمين، تأهيلا.. أو ضبطا!
حكاية التحقيق مع "حليمة" تعيدنا إلى المربع الأول حيث عدم القدرة على تقبّل الرأي الآخر، ونرى في الطرح العادي قوة، ربما لأننا لم نتجهز "نفسيا" لاستيعاب "فكرة" لا نتقبلها.