السياسة النقدية حجر زاوية الاقتصاد

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٢/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
السياسة النقدية حجر زاوية الاقتصاد

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

تسعى السلطنة إلى تحقيق النمو الاقتصادي من خلال تطبيق السياسة الاقتصادية متمثلة في السياستين النقدية والمالية، لتحقيق أهدافها الرامية في تخفيض معدلات الباحثين عن عمل، والسيطرة على نسب التضخم، بالإضافة إلى التوازن في ميزان المدفوعات.
وتعد السياسة النقدية بمثابة حجر الزاوية في بناء السياسة الاقتصادية الكلية شأنها في ذلك شأن السياسة المالية، فهي أحد العناصر الأساسية المكونة لها إذ إن لها تأثيراً على حالة الاقتصاد الوطني على المستوى الكلي، ولقد اختلفت نظرة الفكر الاقتصادي إلى السياسة النقدية عبر مراحل تطوره المختلفة.
وتستهدف السياسة النقدية من خلال إجراءاتها التأثير على حجم الكتلة النقدية من أجل تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية وذلك باستخدام أدوات السياسة النقدية سواء كانت كمية أو كيفية، لكن ما نلاحظه أن السياسة النقدية نجدها أكثر فعالية في الدول المتقدمة منها في الدول النامية وهذا لعدة اعتبارات منها غياب قنوات إبلاغ السياسة النقدية، ومن هنا كان على تلك الدول العمل على تفعيل السياسة النقدية في اقتصادياتها.
وتعددت التعاريف للسياسة النقدية فقد تم تعريفها على أنها ما تقوم به الحكومة من عمل يؤثر بصورة فعالة في حجم وتركيب الموجودات السائلة التي يحتفظ بها القطاع غير المصرفي سواء كانت عملة أو ودائع أو سندات حكومية، أما البعض عرفها على أنها مجموعة من التدابير المتخذة من قبل الجهات النقدية المسؤولة قصد إحداث أثر على الاقتصاد، ومن أجل ضمان استقرار أسعار الصرف، والبعض الآخر يقول إنها التدخل المباشر المعتمد من طرف السلطة النقدية بهدف التأثير على الفعالية الاقتصادية، عن طريق تغيير عرض النقود وتوجيه الائتمان باستخدام وسائل الرقابة على النشاط الائتماني للبنوك.
وفي السلطنة كان تنظيم حجم وتكلفة واستخدام النقد والائتمان بهدف تحقيق المستوى الأمثل للإنتاج والتوظيف وتحقيق الاستقرار والتوازن في ميزان المدفوعات، دوما حجر الزاوية في سياستها النقدية، بالإضافة إلى ضمان المحافظة على استقرار سعر الصرف للريال العماني بجانب الحد من تقلبات معدلات السيولة لدى الجهاز المصرفي داخل البلاد، بحسب ما أكده الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني في أحد تصريحاته. إذا ما علمنا أن الريال العماني مربوط بالدولار الأمريكي لأن الولايات المتحدة تعد أهم مصدر لواردات الدولة، لذلك فإن ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي يحمي الأسعار من بعض الضغوط التضخمية المستوردة من أمريكا.
وتعد السلطنة من الدول التي تتبنى نظام سعر الصرف الثابت بالنسبة لتحركات عملتها. ففي ظل هذا النظام يكون سعر الصرف مرتبطا بمثبت أسمى كما تصبح السياسة النقدية متغيراً تابعاً وليست متغيراً مستقلاً يمكن استخدامه لإحداث التأثير المطلوب في الطلب الكلي، وتصبح بالتالي المحافظة على المثبت هدفاً مهماً من أهداف السياسة النقدية.
أخيراً فإن الهدف النهائي للسياسة النقدية يتمثل عادة في استقرار الأسعار، أما الأدوات فهي تشير إلى الإجراءات المتاحة لدى السلطات النقدية التي تجعل من الممكن بواسطتها التأثير في المتغير المستهدف، حيث إن البنك المركزي العماني مخول قانوناً باستخدام عدد من أدوات السياسة النقدية منها أدوات التحكم المباشرة وغير المباشرة. وتتمثل أهم الأدوات المباشرة المستخدمة في الوقت الحاضر في نسبة الاحتياطي الإلزامي، ونسبة التسليف أي نسبة القروض إلى الودائع، وتحديد سقوف للائتمان الممنوح لأعضاء مجالس إدارات البنوك وزبائن البنوك الآخرين، وتحديد سقف للقروض الشخصية من إجمالي الائتمان المصرفي، وتحديد نسبة اقتراض البنوك من الأسواق الخارجية، وتقديم القروض إلى أطراف خارج البلاد، وكذلك تحديد الاستثمار في الأدوات المالية المحلية والخارجية.
بالإضافة إلى أدوات التحكم المباشرة المذكورة فإن البنك المركزي اتجه مؤخراً إلى استخدام أدوات غير مباشرة للتأثير في حجم السيولة المحلية مثل عمليات السوق المفتوحة، ومن ضمن مظاهر هذا التحول، استخدام عمليات إعادة شراء الأوراق المالية للتحكم في السيولة المحلية.
كما أصبح سوق أذون الخزانة الآن ذا آجال تحصيل متعددة ووسيلة لإعادة شراء الأوراق المالية في التعاملات التي تتم بين البنوك التجارية، كما أن إصدار سندات التنمية من قبل البنك المركزي العماني نيابة عن الحكومة توفر أداة مالية ممتازة للاستثمار واستغلال السيولة النقدية، كذلك فقد بادر المركزي إلى إصدار شهادات إيداع قصيرة الأجل للبنوك العاملة في السلطنة كوسيلة لامتصاص معدلات السيولة الزائدة.
وتمضي السياسة النقدية في السلطنة بثبات وفق الأطر القانونية المعمولة، والأهداف المتوخاة منها ونأمل استغلالها لتحقيق أغراض السياسة الاقتصادية الكلية بالتوازي مع أدوات السياسة المالية.