مسقط – محمد البيباني
بين مقتضيات الأمن القومي وبين حرية تداول المعلومات... تقف الدول في وضع حرج في مواجهة هذا الفاعل الجديد وتداعياته الأمنية والسياسية الكارثية أحياناً...
الإنترنت الذي يُعد الحاضن الأول لثورات الربيع العربي يواجه مساعي سياسية عالمية لترويضه.
جددت الانتخابات الأمريكية المخاوف من تأثير الشبكة العنكبوتية السلبي، حيث تواجه شبكتا التواصل الاجتماعي الأمريكيتان فيسبوك وتويتر، انتقادات لدورهما في قيام بعض المستخدمين بنشر معلومات زائفة مغرضة يقول البعض إنها ساهمت في التأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
قيود
خلال شهر واحد فرضت ثلاث دول قيوداً على الشبكة العنكبوتية، حيث ذكرت تركيا أن فرض قيود على استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي الرئيسية وحجب شبكات الإنترنت على الهواتف المحمولة هي إجراءات "أمنية" ستكون "مؤقتة" فقط. وأكدت أنه "بعد إزالة التهديد، سيعود كل شيء إلى طبيعته".
وفي ماليزيا عبّرت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، عن قلقها بشأن تعديلات مرتقبة لقانون الإعلام الماليزي، يمنح السلطات صلاحيات أكبر لتضييق الخناق على المعارضين على الإنترنت في ظل حملة أوسع نطاقاً على حرية التعبير والتجمع.
أما الصين فقد أقرّ برلمانها قانوناً مثيراً للجدل حول الأمن الإلكتروني يشدد الرقابة على حرية التعبير على الإنترنت ويفرض على المؤسسات بما فيها الأجنبية التعاون من أجل "حماية الأمن القومي".
إرهاب وأخبار كاذبة
دعا مسؤولون وقيادات في قطاع الأعمال بالصين في المؤتمر العالمي الثالث للإنترنت الذي عُقد الأسبوع الفائت في وو تشن، إلى فرض المزيد من القواعد الصارمة، وأشاروا إلى قدرة المتطرفين على تنظيم أنفسهم عبر الإنترنت ونشر الأنباء الكاذبة خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وقالوا إنها علامات على أن الفضاء الإلكتروني أصبح خطراً وغير عملي.
وقال رين شيانلينج نائب الوزير بأعلى سلطة للإنترنت في الصين، إن هذه العملية أشبه "بتركيب المكابح لسيارة قبل السير بها على الطريق".
حاضنة لتجنيد الإرهابيين
من جهة أخرى قالت الاستخبارات الفرنسية في مذكرة صدرت أخيراً "منذ أشهر عدة يكثّف تنظيم داعش جهوده لتجنيد أطفال مقاتلين وينشر على الإنترنت تسجيلات فيديو يبدو فيها مقاتلون يافعون".
وأضافت أنه من خلال عرض من يسميهم "أشبال الخلافة" يسعى التنظيم إلى إظهار قدرته على "استقبال وتدريب (مقاتليه) دينياً وعسكرياً" وكذلك "توجيه رسالة إلى الدول الغربية" لإثبات "ديمومته".
وثمة شريط مصوّر أصبح رمزاً لهذه الدعاية مؤرخ في يوليو 2015 والتقط في مسرح تدمر الأثري في سوريا، حيث أقدم 25 فتى دون سن المراهقة على قتل رهائن.
وبعدما تعلموا استخدام الكلاشنيكوف وزرع عبوات والمساعدة، بل حتى المشاركة في أعمال انتقامية نادرة العنف، سيشكل الأطفال الذين درَّبهم تنظيم داعش عسكرياً وأيديولوجياً مشكلة أمنية معقدة لدى عودتهم إلى أوروبا.
ففي موازاة تراجع التنظيم ميدانياً تحت ضغوط تحالف دولي، أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مطلع نوفمبر أن عودة الإرهابيين من العراق وسوريا يجب أن تكون "الشغل الشاغل" أمنياً "طوال السنوات الخمس وحتى العشر المقبلة".
مواجهة مستمرة
منذ عدة أيام كشف تقرير حديث من مؤسسة فريدوم هاوس عن انخفاض حرية الإنترنت حول العالم للعام السادس على التوالي، مع مزيد من استهداف الحكومات للتطبيقات ووسائط الإعلام والاتصال الاجتماعية من أجل وقف الانتشار السريع للمعلومات، وبخاصة خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وأشار التقرير إلى أن السلطات في العديد من الدول لجأت إلى إغلاق كل مداخل الإنترنت في بعض الأحيان بسبب الجدل السياسي، فقط لمنع المستخدمين من نشر المعلومات من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية وتطبيقات الاتصالات.
وصنّف التقرير بعض الدول على أنها الأسوأ في حرية الإنترنت وعلى رأسها الصين وإثيوبيا وسوريا، وأضاف أن ثلثي مستخدمي الإنترنت في العالم يعيشون في ظل رقابة الحكومة على الإنترنت.
أرقام
كشفت المنظمة غير الحكومية عن عدد من الأرقام المهمة التي رصدها موقع engadget الأمريكي كما يلي:
- فيس بوك وتويتر ويوتيوب وتيليجرام وسكايب وإنستجرام من ضمن التطبيقات الأعلى استهدافاً خلال العام 2016.
- واتس آب كان التطبيق الأكثر استهدافاً، حيث تم فرض قيود عليه في 12 دولة من أصل 65 دولة أجريت عليها عينة الدراسة.
- حوالي 67 % من جميع مستخدمي الإنترنت يعيشون في بلدان ينتقدون فيها الحكومة والجيش والأسرة الحاكمة أو النظام.
- ما يصل إلى 27 % من جميع مستخدمي الإنترنت يعيشون في بلدان تم فيها إلقاء القبض على بعض الأشخاص بسبب جرائم النشر، أو تبادل المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي.
- تم فرض قيود على فيس بوك في 8 دول، وتم فرض قيود على واتس آب في 12 دولة.
- تم فرض قيود على يوتيوب في 6 دول وعلى تيليجرام في 4 دول.
- تم فرض قيود على سكايب وانستجرام وتويتر في 7 دول.