طفرات نوعية للاقتصاد العماني في 46 عاما

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٧/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
طفرات نوعية للاقتصاد العماني في 46 عاما

محمد محمود عثمان

الاقتصاد العماني يعد الأسرع نموا في المنطقة خلال الـ46 عاما الفائتة منذ أن بدأت النهضة العمانية بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، حيث شهد طفرات نوعية خلال تلك السنوات من عمر النهضة، ومع انتصاف العقد الخامس، بدا ذلك النمو واضحا، وقد ساعد على ذلك المناخ الاستثماري والاستقرار السياسي الذي واكب تلك الفترة، وما صاحب ذلك من علاقات متوازنة مع كل الأطراف الدولية والإقليمية، حتى في أحلك الظروف التي عانت منها منطقة الخليج، حينما كانت تعيش حالة الاستقطاب والمد والجزر والوجود الأجنبي، وقد عاصرت هذه التحولات منذ منتصف التسعينات وحتى الآن، حيث تسعى الحكومة العمانية بصفة مستمرة لجعل مناخ الاستثمار باعثا على جذب الاستثمارات ومناسبا للمستثمرين المحتملين، وقد واكب ذلك تحرير قانون استثمار رأس المال، ليسمح بمشاركة رأس المال الأجنبي في الشركات حتى 70 % في معظم القطاعات كما يصل حتى 100 % نسبة استثمار رأس المال الأجنبي للمشاريع التي تمثل أهمية وطنية، كما تم تعديل قانون ضريبة الدخل دون أي معاملة تفضيلية بين الشركات المملوكة بالكامل للعمانيين والشركات الأخرى بصرف النظر عن مدى المشاركة الأجنبية، بالإضافة إلى خدمة المحطة الواحدة من أجل مساعدة المستثمرين العمانيين والأجانب للحصول على كافة الاستفسارات والمعاملات من خلال نافذة واحدة لضمان سرعة الإنجاز وتسهيل الإجراءات كما هو الهدف من النافذة الواحدة، خاصة أن النقلة النوعية المتوقعة في اقتصاد السلطنة خلال السنوات المقبلة لها أهمية كبيرة حيث تتمثل في مشاريع جديدة في قطاع النقل والبنية الأساسية التي تتضمن إنشاء المطارات والطرق والسكك الحديدية، والمشاريع العملاقة في منطقة الدقم الاقتصادية وإنشاء مصفاة الدقم، ومشاريع في مجال تحلية المياه وبناء منشأة جديدة للألمنيوم في صحار، حيث أصبحت الموانئ العمانية نقاط دخول رئيسية للسوق الخليجي الموحدة، إلى جانب مساعدة القطاع الخاص، بعد تحول صحار إلى منطقة رئيسية للصناعات الثقيلة، مع تطوير الموانئ للاستفادة من الموقع الجغرافي الذي تتميز به خاصة في الظروف المواتية بعد قيام الاتحاد الجمركي الخليجي
كما استطاعت السلطنة بفضل السياسات الاقتصادية التي انتهجتها في السنوات الفائتة -والغطاء السياسي لها- من الحصول على مراكز متقدمة، من حيث تأهيلها لجذب الاستثمارات وفقا للمعايير التي وضعتها المؤسسات العالمية المتخصصة لتقييم مناخ الاستثمار ولاسيما معياري الشفافية والحرية الاقتصادية اللذين تميزت بهما السلطنة بشكل خاص، الأمر الذي يؤكد على نجاح الجهود التي تبذلها الحكومة لتوفير المناخ الملائم للاستثمار، كما تحاول السلطنة بكل الطريق تنويع مصادر الدخل، وتكوين اقتصاد وطني قوي ومتطور يعتمد على إيجاد قاعدة إنتاجية متنوعة تعتمد بشكل أساسي على مصادر وموارد متجددة، ومن ثم التقليل تدريجيا من الاعتماد على النفط كمورد وحيد للدخل، بحيث ترتفع مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي إلى 81 % بحلول العام 2020، بالتزامن مع توفير إطار اقتصادي كلي مستقر يدعم تحقيق التوازن الاقتصادي والنمو المتواصل، بحيث ينمو الاقتصاد بشكل مطرد وبوتيرة تفوق معدل الزيادة في السكان، حتى يمكن المحافظة على مستوى دخل الفرد وتعزيزه. كذلك تنمية القطاع الخاص بحيث يتولى الدور الريادي في مجمل الأنشطة الاقتصادية والتجارية، واستيعاب الأيدي العاملة الوطنية من خلال فرص العمل الجديدة التي يوفرها القطاع الخاص، التي تتوفر له البيئة المواتية التي تمكنه من تقديم إسهاماته الفعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبذل الجهود الجادة لإزالة العقبات التي تحد من كفاءته، حيث من المتوقع أن تصل مساهمة القطاع الخاص في الاستثمار الإجمالي إلى نحو 91 % في 2020، حتى أصبح أهم ما يميز الاقتصاد العماني هو نمو القطاعات غير النفطية وقوة الاحتياطي النقدي الأجنبي وتحقيق نمو بنسبة 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى القدرة على امتصاص التأثيرات السلبية للأزمات المالية والاقتصادية العالمية في السنوات الأخيرة، ومواجهة تراجع العائدات النفطية في السنة الأخيرة.