محمد بن سيف الرحبي
تستيقظ صباحا فتشعر أنك لست على ما يرام، وأن ثمة «أزمة صحية» تطرق باب جسدك، ولو من باب «أنفك» كالزكام أو احتقان في الحلق، وترغب في الاستمرار مغمض العينين كي لا تواجه «مطبا» يعكّر مزاجك، يكفيك كل تلك «المطبّات» على الشارع، كلما صعدت واحدا واسترحت قليلا جاءك الآخر أسوأ منه.
تبدأ بشرب شاي الصباح، تتمنى لو يتوقف الزمن عنده، هناك، في مكتبك أزمات أخرى، مع مديرك أو موظفيك أو سائر المراجعين المعلقة أوراقهم على طاولتك تبتغي إنجازها قبل أن تتراكم أخرى، أو أن يدخل عليك مراجع أعيته الحيلة معك فاستشاط غضبا، مطلّقا ما عرف عن هدوئنا.. لتتيقن أنك أمام أزمة «ثقة»، بينك ومن حولك أساسها «تعطيل» دورة العمل، وتأخير إنجاز المطلوب أولا بأول.
تنظر إلى «التقويم» تتبيّن أيّ رقم وصل إليه جريان الشهر وهو يبطئ من حركته كلما اقترب موعد «طلوع الراتب» أو هبوطه كما يجدر بالكلمة، يسقط في حسابك فتتلقفه أياد تقتسم أرقامه حتى كأنك ساعي بريد تتولى إرساله إلى الجهات التي تترقبه، أو أنك مجرد صرّاف يستلم المبلغ ليتولى عملية «تصريفه» في مسالك، إنما بعد بضعة أيام عليك بمواجهة «أزمة» انتظار، على الأقل، إن لم يكن أزمات في مواجهتك لظروف الحياة وهي تضغط أكثر، بنزين سيارتك وأنبوبة الغاز وخدمات السبّاك والكهربائي وغيرها مما يفتت في عضد صمودك، فترى أن الأزمة العالمية تصل إلى جيبك ببساطة شديدة.
تفتح شاشة التلفزيون، تصرخ: «يا إلهي، هذا العالم مفتوحة جبهاته على أزمات لا حصر لها، ولا تكاد تنتهي، كأنما نشرة الأخبار التي أصابتك بالكآبة قبل سنوات مجرد نشرة منوعات خفيفة إن قارنتها بما عليه الوضع اليوم..
تتناسخ الأخبار عن أزمات متراكمة، أزمة سياسية تضرب بأذرعتها بلداننا العربية فتشعر أنك أمام (أزمة) أخلاقية قبل كل شيء، تنال من سياسيين لا يريدون من أوطانهم سوى كراسي تؤمن مصالحهم، وتحافظ على وجودهم كمراكز قوة تستفيد من خيرات بلدان تعبت من أزماتها، لكن السياسيين لا يعرفون التعب.. ولا ينالهم نصب!
يا لبرميل النفط هذا!
متى تنتهي أزمته لتدرك بعض الأمل في أن أزماتك الاقتصادية في مأمن من الانحدار أكثر على الأقل؟! وأن عملية شدّ الأحزمة لن تستمر طويلا فقد تعبت «خاصرتك» من هذا الشد الذي يكاد «يقطم وسطك» وفق التعبير المصري؟!
تأمل أن تأوي إلى فراشك نهاية اليوم على أمل أن ترتخي قبضات الأزمات عليك فتغمض عينيك رغم قذى ما أصابك من غبار كل أزمة تضغط عليك..
لكن ليس سهلا أن تتحرر من كل ذلك، فأنت تواجه أزمة ارق، وأعصابك مشدودة، وربما حتى النوم سيصيبك بأزمة أخرى.. لن ترى إلا كوابيس!