يوم أشرقت شمس عمان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٦/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
يوم أشرقت شمس عمان

فريد أحمد حسن

أيام فقط تفصل أهل عمان عن لحظة الفرحة الكبرى ، ولعل من حسن الطالع أن يقع يوم العيد الوطني في يوم جمعة ، وهو اليوم الذي يعني للمسلمين الكثير وله خصوصيته ، ففيه تحل البركة . الثامن عشر من نوفمبر يوم خاص بسلطنة عمان وبشعب عمان ، فيه يعبر العمانيون بسخاء عن حبهم للسلطنة ولقائدها وباني نهضتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الذي يؤكدون له فيه الولاء ويجددون فيه العهد ويؤكدون لجلالته أنهم على الدرب سائرون وأنهم لن يتوانوا عن العمل في كل مجال يعينهم على خدمة وطنهم ويسهم في الارتقاء به وأنهم سيواصلون بذل الغالي والنفيس من أجله ومن أجل أن يواصل مسيرة العطاء والخير ويستمر في نقش بصمته في الحضارة والتاريخ ليظل بارزا بين الأمم .
لعل من المناسب في مثل هذا الوقت العودة إلى خطاب العيد الوطني الأول لصاحب الجلالة والذي أكد فيه أهمية "مواصلة الجهود وبذل كل غال لرفع مستوى حياة شعبنا والأخذ بشتى وسائل الإصلاح في جميع مرافق حياته مهتدين بنور شريعتنا السمحاء" ملخصا بذلك خططه للسنوات التالية وواضعا أساسات لم يحد عنها طوال السنين الفائتات التي بنى فيها عمان الحديثة ، فالشريعة الإسلامية السمحاء أساس ، والعمل على رفع مستوى حياة المواطنين أساس ، واعتماد الإصلاح منهجا لتحقيق النمو والرفاهية أساس ، ومواصلة الجهود وبذل كل غال لتحقيق كل ذلك أساس . هذه الأساسات أعلن عنها في ذلك العام فكانت منهجا ودربا واضحا استمر جلالته بمؤازرة شعبه في العمل من أجلها ، وهو ما أكده جلالته أيضا في ذلك الخطاب حيث قال " ولا بد أن الجميع قد لمسوا ما تم من منجزات ومكاسب لهذا الشعب وهذا البلد العريق خلال العام الأول من عهدنا الفتي وقد تحقق ذلك بتضافر الجهود المخلصة تحركها النوايا الطيبة للسير بهذا البلد قدما ليحتل مرتبته السامية التي هو جدير بها" .
في ذلك الخطاب لم يستعرض صاحب الجلالة تلك المنجزات والمكاسب ولكنه دعا إلى مزيد من العمل الجاد باعتباره الطريق الى بلوغ الغايات وتحقيق الأهداف ، ، كما دعا إلى الإبتعاد عن "أسلوب الدعاية وتكرار القول وإغداق الوعود" فاكتفى بوضع المبادئ الأساسية للخطة الداخلية وسياسته الخارجية أمام الشعب ، وهي السياسة التي لم تتغير منذ ذلك الحين وظلت تلفت العالم إليها وتبذل الجهود في دراستها وفهمها .
للتذكير ليس إلا ، قال جلالته في ذلك الخطاب الذي كان الأساس "خطتنا في الداخل أن نبني بلدنا ونوفر لجميع أهله الحياة المرهفة والعيش الكريم ، وهذه غاية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مشاركة أبناء الشعب في تحمل أعباء المسؤولية ومهمة البناء، ولقد فتحنا أبوابنا لمواطنينا في سبيل الوصول الى هذه الغاية وسوف نعمل جادين على تثبيت حكم ديمقراطي عادل في بلادنا في اطار واقعنا العماني العربي وحسب تقاليد وعادات مجتمعنا ، جاعلين نصب أعيننا تعاليم الإسلام الذي ينير لنا السبيل دائما" ، وفيه أكد أيضا أن "عملية البناء شاقة وتتطلب الكثير من الجهد والتضحيات للتغلب على المصاعب والعقبات" و"سنحمل هذا العبء بصبر ونمضي في العمل بجد وحزم" .
من عاش السنين الأولى من بناء عمان الحديثة لا شك أنه يتذكر كيف أن صاحب الجلالة نفذ كل الوعود التي ألزم نفسه بها ومن ذلك ما يتعلق بظفار التي أكد حينها أنها "جزء لا يتجزأ من سلطنة عمان" مثلها مثل مسقط و"أننا سنبذل كل ثمين ونقدم الأرواح في سبيل إعادة الأمن والطمأنينة الى ربوع ذلك الجزء الحبيب من الوطن لنوفر لشعبنا هناك الحياة الطيبة التي يعيشها جميع المواطنين في كافة أنحاء السلطنة وان هذا اليوم لآت وأنه بعون الله قريب" ، وكان لجلالته ذلك .
في السياق نفسه من المهم الإشارة أيضا إلى البيان التاريخي الأول لصاحب الجلالة يوم تسلمه زمام الحكم في الثالث والعشرين من شهر يوليو العام 1970 الذي خاطب به الشعب ووعد أن يبدأ بأسرع ما يمكن "أن يجعل الحكومة عصرية وإزالة كل الأوامر غير الضرورية" ، وهو ما تم بالفعل فتحولت عمان إلى مثال يحتذى وقصة اهتم التاريخ بتدوينها واهتم العالم كله بدراستها وسعى إلى الاستفادة منها .
كل ما وعد به صاحب الجلالة شعبه يوم تأسيس عمان الحديثة أوفى به وتحقق في سنوات قليلة بمساعدة الشعب العماني الذي دعاه إلى القيام بواجبه فاستجاب فعاد للوطن العماني ما اشتهر به من قوة وتميز على مدى التاريخ وعاد ليحتل المحل المرموق في العالم العربي بعد أن اعترفت به كل دول العالم .
من شهد البدايات لا بد أنه يتذكر قول صاحب الجلالة في ذلك البيان التاريخي "غدا سيشرق الفجر على مسقط وعمان وعلى أهلها" .. وقد أشرق بالفعل .

• كاتب بحريني