"ترامب" يهز أسواق العالم

مؤشر الثلاثاء ١٥/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
"ترامب" يهز أسواق العالم

مسقط - حمدي عيسى عبدالله

أوضح مختصون أن فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية أحدث صدمة في أسواق العالم التي شهدت هزة ملحوظة، حيث تراجعت قيمة المنتجات عالية المخاطر كالنفط والأسهم وغيرها، فيما ارتفعت قيمة سلع الملاذ الآمن كالذهب. وحافظت مؤشرات الخزنة الأمريكية على استقرارها مع عودة الأموال إليها، مؤكدين أنه ورغم استعادة الأسواق لعافيتها وصحوتها من الصدمة إلا أن الرؤية المستقبلية غير واضحة، حيث ستحدد السياسة التي سيعتمدها وقراراته المستقبلية خاصة فيما يخص القضايا الافتصادية مسار مؤشر الأسواق لذلك فإن حالة الترقب تبقى سائدة مما يجعل بعض من المستثمرين يؤجلون العديد من الصفقات لحين اتضاح الصورة خاصة أن الكثير من القوانين والتشريعات التي تتحكم في القطاع الاقتصادي مرشحة لتعديلات جوهرية.

حالة ترقب
رئيس مجلس إدارة شركة أنوار آسيا للاستثمار أنور البلوشي صرح قائلا: "الكل يعرف أن للسياسة تأثيرا قويا على الاقتصاد، وقد هز فوز ترامب الذي فاجأ الجميع أسواق العالم، ورغم استعادتها لحالة الاستقرار إلا أن حالة الحذر تبقى مستمرة في انتظار اتضاح الصورة حول خطة العمل التي سيعتمدها ترامب بعد توليه الحكم والقرارات التي سيتخذها خاصة في المجال الاقتصادي لأن تأثيرها لن يكون على مستوى أمريكا فقط بل سيمتد لمختلف أسواق العالم خاصة أن ترامب أعطى الكثير من الوعود للشعب الأمريكي خلال حملته الانتخابية لإنعاش الاقتصاد وتوفير الوظائف ولا شك أن الكثير من التشريعات ستشهد تعديلا خلال مرحلة ترامب مما سيترك بصمة على الاقتصاد العالمي، والكل يعرف أن أي قرار استراتيجي قد يهوي بمؤشر أسواق العالم إلى القاع أو يحلق بها إلى القمة وهذا الوضع يجعل المستثمرين في حالة ترقب، وقد يعمدون إلى تأجيل الكثير من الصفقات حتى تتضح الرؤية.

بداية لتطلعات وفكر جديد
لؤي البطاينة قال: "نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية كانت مفاجئة للجميع وأحدثت إرباك الكبير في مسار الأسواق المالية، كما أن هناك عدم وضوح لرؤية ولأفكار دونالد ترامب المرشح الرئاسي وعدم اليقين من سياساته في الفترة المقبلة، فيما أكد آخرون على أن تراجع مؤشرات البورصة ما هي إلا بداية لتطلعات وفكر جديد قد يقدمه ترامب في المرحلة المقبلة، وتغييرا لسياسات أمريكا مع باقي دول العالم وخاصة دول الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن نتيجة الانتخابات أثرت وبشكل كبير وحاد على الأسواق المالية العالمية وأدت إلى تراجع حاد في مؤشراتها، إلا أنه في اليوم الثاني استعادت عافيتها وعوضت غالبية خسائرها، لا بل حققت بعض الأسواق بعض من المكاسب الإضافية وذلك نتيجة الهدوء وحالة من الاطمئنان التي شعر بها المراقبون والمحللون بعد إلقاء الرئيس المنتخب دونالد ترامب خطاب النصر، حيث كان هادئاً وملتزماً، ولم يشهد أية إشارات عنصريه أو غير مهنية وبنفس الوقت اختفت جميع الخطابات العنصرية والمهاجمة للمسلمين والمكسيكيين والمهاجرين من الموقع الإلكتروني لحملة دونالد ترامب والتي فسرها المراقبون بأنها كان فقط شعارات انتخابية.
ويعتقد الكثير من المُحللين سواء كانوا من أنصار الرئيس المنتخب أو خصومه، أن تأثير انتخابه سيكون مؤثرا وقويا في الاقتصاد الأمريكي الدولي، وربما كانت الضربة الأولى، هي الهزة السلبية نسبيا في الأسواق العالمية وتأثير ذلك في الدولار الأمريكي، بمجرد إعلان النتيجة، لكن سرعان ما استعادت الأسواق توازنها المفقود، الأمر الذي اعتبره كثير من المختصين بادرة تفهم من قبل الأسواق لطبيعة المرحلة المقبلة والاستعداد للتعامل معها. وما زال من المُبكر أن نُحدد ما التأثير المتوقع على الأسواق المالية والنظرة المُستقبلية للاقتصاد العالمي لأن الذي يحكم أمريكا هو القانون من خلال قوانين وتشريعات قائمة وبكل تأكيد ستشهد العديد من التشريعات والقوانين تعديلاً بشكل أكثر تشدداً بغرض الحد من التطرف والإرهاب من الناحية الأمنية والسياسية وأيضاً العمل على استقطاب الاستثمارات الأمريكية للعودة إلى أمريكا من خلال العمل على تخفيض الضرائب لمستويات غير مسبوقة (15 % من 35 %). وسيكون تركيز الرئيس ترامب الأساسي والوحيد على الاقتصاد الأمريكي، والمرحلة المقبلة ستشهد المزيد من القوانين والتعديلات بغرض فرض الحماية الاقتصادية للسلع والخدمات الأمريكية من دول مثل الصين، مما سيؤدي ذلك إلى فتح المجال لحرب واسعة في العملات والنزاعات التجارية القوية، وبالطبع سيؤثر ذلك في معدلات نمو الاقتصاد الدولي.

تراجع المنتجات عالية المخاطر
الرئيس التنفيذي لمجوعة الإمارات العربيّة المتحدة للصرافة بروموث مانجات، قال: "جاءت نتائج الانتخابات الأمريكية معاكسةً لنتائج مختلف استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها حتى اليوم، لذلك لم تكن الأسواق مستعدةً لهذا الأمر. وأولئك الذين توقعوا إمكانية التنبؤ بالنتائج كانوا هم من أكثر من تعرض للصدمة. وتثير حالة انعدام اليقين رد فعل غير محسوب يتمثل بدخول مرحلة جديدة من المخاطر، حيث تراجعت قيمة المنتجات عالية المخاطر كالنفط والأسهم وغيرها، فيما ارتفعت قيمة سلع الملاذ الآمن كالذهب. وحافظت مؤشرات الخزنة الأمريكية على استقرارها مع عودة الأموال إليها، كما ارتفعت قيمة الين الياباني. وبالنسبة للمستثمرين وصناديق الاستثمار والبنوك وغيرهم من أصحاب المحافظ المالية الضخمة، كان هذا الأمر بمثابة مفاجأة وتحتاج السوق لبضعة أيام لاستعادة الاستقرار. فيما قال رئيس العمليات لدى شركة اكسبرس موني سوديش جيريان: "من المبكر قليلاً التحدث عن تأثير الحكومة الجديدة على التداعيات الاقتصادية الإقليمية والعالمية بعد انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية. وفيما يتعلق بحركة سوق العملات، يبدو أن الدولار يشهد حالة من الاستقرار خلال الوقت الراهن، في حين ارتفعت قيمة اليورو وكذلك العملة الروبيّة الهندية.

الشكوك قد تظهر قريباً
رئيس قسم استراتيجيات السلع لدى "ساكسو بنك أولي هانسن" قال: "خاض الذهب يوماً عصيباً في أعقاب الفوز المفاجئ لترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وتخطت أسعار الذهب عتبة المقاومة السابقة عند كل من 1308 دولارات للأونصة و1328 دولارا للأونصة، واتسم خطاب ترامب بعد الفوز بلهجة تصالحية سلط فيها الضوء على دعوته لإعادة بناء أمريكا عبر زيادة الإنفاق على البنية الأساسية. وانعكس ذلك على أسواق الأسهم إيجاباً مع ازدياد أسعار الأسهم في القطاعات الصناعية والمالية والرعاية الصحية، وشهدت السندات عمليات بيع واسعة النطاق، فيما شهد المستثمرون اقتطاع 377 بليون دولار أمريكي من قيمة الأوراق المالية التي تشكل مؤشراً للصكوك العالمية. وازدادت حدة عمليات البيع على خلفية ارتفاع المخاوف من دور تخفيضات ترامب الضريبية وسياساته المالية الأكثر مرونة في زيادة معدلات التضخم، وقد نجح دونالد ترامب في شراء بعض الوقت لنفسه عبر خطابه الذي ألقاه بعد الفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن الشكوك قد تظهر قريباً بمجرد أن يبدأ بإعلان تعهداته التي سيحاول تنفيذها. ويسير التضخم ببطء نحو العودة، واستناداً إلى موقفه المالي المرن، قد نشهد تسريع وتيرة هذه العودة في العام 2017. ومن المرجح أن تسهم مثل هذه البيئة من ارتفاع معدلات التضخم.

اختلال توازن السوق
رئيس استراتيجيات العملات الأجنبية لدى "ساكسو بنك" جون ج. هاردي قال: "حدث اختلال توازن السوق بعد انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة وقد جاءت ردة فعل الأسواق منسجمة تماماً مع الصدمة، وذلك وسط تسجيل صعود قوي لعملات الملاذ الآمن مقابل الدولار الأمريكي، ونمر حالياً بأعلى درجات انعدام اليقين في الوقت الراهن، ودونالد ترامب سيسيطر على مجلسي الكونجرس بعد فوزه بالانتخابات، مما قد يعني إطلاق مبادرات ضخمة تتعلق بالسياسات. وتبدو الطريق غير واضحة بخصوص اعتماد سياسات قويّة، وذلك مع الأخذ بالاعتبار أن خطة الرعاية الصحية التي تبنّاها الرئيس أوباما ستصبح أمراً من الماضي، إضافة إلى انتهاء ولاية جانين يلين كرئيسة للمجلس الاحتياطي الفدرالي بحلول 31 يناير 2018، وإمكانية إجراء تغييرات على صعيد البنية الأساسية والضرائب. وتُعد النقطة الأخيرة إيجابيّة بالنسبة لنمو الاقتصاد الأمريكي على المدى القريب. وسنشهد مزيداً من المستجدات خلال الأيام المقبلة.