محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby
قبل أكثر من عشر سنوات تقريباً تحدثت صحفية إلى مسؤول كبير عن ابتعاد الإعلام العُماني عن التماس مع مشاكل الناس، فكان رده عليها أن الإعلام ليس لعرض المشاكل، ولذلك لم يجد المواطن نفسه في هذا الإعلام كما يتمنى، وبقي إعلام المؤسسات الحكومية التي تعرض أنشطتها وتستعرضها على أنها إنجازات!!
بديهي أن لا يفترض بالإعلام أن يتحدث عن المشاكل على حساب المنجز التنموي في مسيرة أي بلد، لكن بموازاة هذه الرؤية يصبح العكس صحيحاً تماماً، فلا منجز دون أخطاء، ولا مجتمع دون مشاكل، وفي المجتمعات الناشئة تغدو الأخطاء سمة مطروحة بقوة، لأن العمل يسير وفق اجتهادات أكثر من رؤية بعيدة الأمد، والناس تترقب وصول خدمة الكهرباء إليها (والحد من انقطاعاتها المتكررة) أكثر مما يعنيها استراتيجية الحكومة في مشاريع صحار والدقم، والشباب يواجه مشاكل مرحلته بحيث يكون المقعد الدراسي والكرســي الوظيفي أكثر استحقاقا لديه من المشاريع العملاقة في المناطق الصناعية والمدينة اللوجستية.
الأسبوع الفائت نشرت مقالاً بعنوان “موت مراجع”.. وكان صداه واسعاً، وفي قلب كل مواطن حكاية، لا ينافسها في الهم إلا موضوع عاملات المنازل الذي بقيت الحكومة فيه (ولا أقول وزارة القوى العاملة فقط).. حكايات عن مزارع (ابتلى) بها أصحابها، والقانون تبدو نواياه طيبة وهي الحرص على الأرض الزراعية وعدم تفتيت الحيازات الخضراء، التي تحولت في كثير من مناطق السلطنة إلى (غبراء) لقلة المياه وإهمال أصحابها وتقصيرهم في رعايتها تاركين (الخيط والمخيط) للعامل الآسيوي.
هذا الصدى الواسع، بديهي أن يكون بين المواطنين المحسوبين على عامة الناس، لكن أن يروّج له، وينشره، مجموعة من كبار المسؤولين، له دلالاته: وفق الرؤية (الإيجابية) بأنهم مقتنعون بالمعضلة لكنهم أعجز من أن يغيروا في (السياق) شيئاً، ووفق النظرة (السلبية) أنهم يريدون تحويل مزارعهم إلى مخططات سكنية، وفي ذلك ارتفاع قيمتها السوقية تسعة أضعاف، حيث إن قيمة الأرض الزراعية تشكل 10 بالمائة مقارنة بالسكنية!!
لامس المقال جرحاً غائراً في نفوس كثيرة تعبت من مراجعات الجهات الحكومية سنوات إثر سنوات، عائلات لا تملك أراضي سكنية، ولديها مزارع مقفرة لا يمكنها البناء فيها، والقانون بمثاليته يريد حماية البقع الخضراء، لكن الأحوال تغيرت، والمطالب تضخمت، والمصالح تعمقت، وتداخلت الأمور في بعضها البعض، وغدا الحق خيطاً رفيعاً بين فكي الباطل، وهذا القانون روحه أضعف من أن تبلغ رؤية تفنّد خيط الحق الرفيع..
المثير بين الحكايات التي وصلتني بعد نشر المقال أن أحدهم قوبل طلبه في التغيير بالرفض عدة مرات، لكنه فاجأ رافضي الطلب بأنه حصل على التغيير، وأصبحت الزراعية سكنية، في خطوة مريبة لم يجدوا دليلا على إدانتها!!
هناك المتداول، لكن ليس كل ما يقال صحيحاً، ولا يمكنني نشـــر ما لست متأكداً منه، من باب المصداقية.. أو الخشية من مواجهات قانونية حيث تخلو يداي من دليل.