بوجمبورا – – وكالات
أعربت الولايات المتحدة عن «قلقها العميق» إزاء مزاعم وجود مقابر جماعية واعتقال صحفيين أجانب يعملون بشكل مستقل في بوروندي.
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي بوروندي إلى «السماح بالنشر الفوري والوصول دون عوائق» لمراقبي حقوق الإنسان بالاتحاد الأفريقي من أجل التحقيق في التقارير التي أشارت إلى وجود مقابر جماعية في بوروندي.
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت أمس الأول إن هناك أدلة قوية على أن عشرات الأشخاص دفنوا في مقابر جماعية وبالقرب من العاصمة البوروندية - بوجمبورا.
وأضافت المنظمة أن صور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو وروايات شهود العيان تشير إلى أن هناك جثثا مدفونة في مقابر جماعية.
وقالت موتوني وانيكي المدير الإقليمي بالمنظمة لشؤون شرق إفريقيا «تشير تلك الصور إلى أن السلطات بذلت جهدا متعمدا للتستر على حجم عمليات القتل التي ارتكبتها قوات الأمن ومنع ظهور الحقيقة الكاملة».
وذكرت المنظمة أن سكان الأحياء الموالية للمعارضة في العاصمة بوجمبورا وصفوا كيف كانت الشرطة تقتل معارضي الحكومة وتنقل الجثث إلى أماكن لم يتم الكشف عنها في ديسمبر الفائت.
وتعصف أعمال العنف ببوروندي منذ أن أعلن الرئيس بيير نكورونزيزا في إبريل الفائت أنه سيسعى للترشح لولاية ثالثة في المنصب، على الرغم من أن الدستور لا يسمح سوى بولايتين للرئيس.
وقتل في أعمال العنف 439 شخصاً على الأقل وهرب 200 ألف آخرين.
وقال المحامي ديو نديكومانا وهو عضو بلجنة حقوق الإنسان المستقلة الوطنية إن صحفيين اثنين بريطاني وفرنسي كانا قد اعتقلا الخميس الفائت، وتم الإفراج عنهما بعد استجوابهما من قبل أحد ممثلي الادعاء.
وقالت الشرطة إن الصحفيين ادوارد فيليب مور وجان فيليب ريمي احتجزا في منطقة نياكابيجا بالعاصمة. وكان الصحفيان يعملان لحساب صحيفة «لوموند» الفرنسية.
وأضاف المحامي نديكومانا أن الشرطة صادرت هواتفهما الجوالة وتم إبطال تصاريح عملهما في بوروندي.
أعمال عنف
في الخامس عشر من شهر يناير الجاري قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إن المنظمة الدولية وثقت حالات اغتصاب جماعي لنساء ارتكبها جنود الأمن في بوروندي خلال عمليات تفتيش منازل مؤيدين للمعارضة واستمعت لروايات شهود عن وجود مقابر جماعية.
وقال الحسين في بيان «سببت هجمات 11 ديسمبر على ثلاثة معسكرات للجيش وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع التي وقعت على ما يبدو في أعقابها مباشرة أنماطاً جديدة ومقلقة للغاية من الانتهاكات».
وأضاف «كل إشارات التحذير ومن ضمنها البعد العرقي للأزمة تومض باللون الأحمر».
وأشار الحسين إلى أن الأمم المتحدة وثقت 13 حالة من العنف الجنسي واتباع قوات الأمن أسلوباً نمطياً مزعوماً للدخول إلى منازل الضحايا وفصل النساء واغتصابهن أو اغتصابهن بشكل جماعي.
وأوضح أنه خلال عمليات التفتيش كانت الشرطة والجيش وجماعات ايمبونيراكور المسلحة تعتقل أيضا الكثير من الشبان الذين كانوا لاحقا يعذبون أو يقتلون أو يساقون إلى أماكن مجهولة.
وتحلل الأمم المتحدة مشاهد التقطتها الأقمار الصناعية للتحقيق في تقارير شهود عن وجود تسع مقابر جماعية على الأقل داخل بوجومبورا وحولها بينها واحد في معسكر للجيش به أكثر من 100 جثة جميعها لأشخاص قتلوا في 11 ديسمبر 2015.
وقالت إحدى ضحايا العنف الجنسي إن مغتصبها قال لها إن هذا هو الثمن الذي ستدفعه لكونها من التوتسي في حين قالت شاهدة ثانية إن التوتسي يقتلون بشكل ممنهج في حين يترك الهوتو وشأنهم.
وجاء في البيان «في منطقة مورامفيا ذكرت تقارير أن قرار اعتقال الناس كان مبنيا إلى حد كبير على أسس عرقية وسط إطلاق سراح معظم الهوتو وفقا لعدد متنوع من الشهود.
مساعٍ للتهدئة
مازالت بوروندي ملتهبة بأحداثها منذ قرار رئيسها الحالي، الترشح لولاية ثالثة، ما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات، وتطورت الأزمة بعد قرار الاتحاد الإفريقي الخاص بإرسال قوات حفظ السلام، الأمر الذي رفضته الحكومة البوروندية ودخلت في خلاف واسع المدى مع الاتحاد الإفريقي، وتصاعدت التصريحات بينهما حتى وصلت لمستوى العداء والتهديد بالحرب.
حاولت الحكومة البوروندية مؤخرا حل خلافاتها ولو بشكل جزئي حتى لا تحارب في اتجاهات مختلفة فتخسر كل أهدافها، مؤكدة أنها مستعدة لمواصلة محادثات السلام لإيجاد حل دائم للأزمة السياسية التي اجتاحت البلاد.
وصرحت الحكومة في بيان لها، تأجيل محادثات السلام بين الحكومة وجماعات المعارضة في أروشا لعدة أيام، بعد فشل المسؤولين الحكوميين في احتواء الموقف، وبدأت المحادثات بين المعارضة والحكومة البوروندية في أوغندا أواخر الشهر الفائت، ومن المقرر أن تستمر في أروشا.
على ضوء ما سبق، يبدو أن الحكومة البوروندية غيرت سياستها الهجومية العدائية، ورأت أن الحل في المهادنة، ويتضح ذلك من تصريحاتها بأنها مستعدة لمواصلة محادثات السلام مع أي شخص بغض النظر عن دينه أو انتمائه السياسي، وأن الباب مفتوحاً أمام أي شخص أو أي منظمة من منظمات المجتمع المدني التي تعتقد بطريقة أو بأخرى أنها تأتي بوجهات نظر مختلفة يمكن أن توجد حل دائم للأزمة السياسية في بوروندي.
يبدو أن الحكومة البوروندية تريد من هذا التغيير في سياستها أن تشعر المواطنين الذين كانوا على حافة اليأس بأن الدولة تدعم مصلحتهم، بهدف كسب تعاطفهم ودعمهم، ورغم خطط الحكومة للتسوية وإصلاح الموقف مع الشعب والمعارضة، إلا أن الاغتصاب الجماعي للنساء من قبل قوات الأمن في بوروندي والتقارير المقدمة عن المقابر الجماعية، مازالت تستحوذ على اهتمام الشعب البوروندي، ومازالت الانتهاكات مثيرة للقلق.
وأكثر ما يتذكره المواطنون في بوروندي، دخول قوات الأمن بيوت الضحايا واغتصاب النساء، لكن الحكومة حتى تخرج من ذلك الموقف، دفعت المتحدث باسم الجيش للتصريح بأن مقاتلي المعارضة المسلحة مَن اقتحموا المنازل والمخيمات من أجل الاستيلاء على الأسلحة وإطلاق سراح السجناء واغتصاب النساء.