اليمن.. من بلاط الصحافة إلى رصيف المعاناة

الحدث الخميس ١٠/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

عدن - إبراهيم مجاهد

لم يكن الصحفي اليمني فيصل عبدالحميد، يتوقع أنه سيتحول يوماً ما إلى مادة صحفية يكتبها زملاؤه الذين عمل معهم سوياً في أكثر من صحيفة يمنية، فالحرب في اليمن، التي قذفت بكثير من اليمنيين إلى جحيم المعاناة والعوز الشديد، أجبرت الصحفي فيصل على مغادرة الصحافة إلى رصيف إحدى شوارع العاصمة صنعاء كبائع ثلج بعد أن فقد عمله في الصحيفة التي كان يعمل فيها حتى الخامس من فبراير من العام 2015م.

من نقل المعاناة إلى معايشتها

الصحفي فيصل عبدالحميد، كان يقوم بتحرير صفحتين متخصصتين في مناقشة القضايا الإنسانية ويحرص على نقل معاناة المواطن اليمني من خلال صفحتي «هموم الناس» أسبوعياً، في صحيفة «أخبار اليوم» اليمنية - التي تعرّضت للاقتحام والسطو والنهب من قِبل مسلحي جماعة أنصار الله بصنعاء التي ما زالت تسيطر على مقراتها ونهبت مطابعها وحوَّلت إحدى مباني الصحيفة إلى مركز لعناصر الجماعة. فيصل بات اليوم بحاجة إلى من يتناول همومه التي لا تختلف عن هموم ملايين من اليمنيين الذين تم تسريحهم من أعمالهم وفقدوا مصادر دخلهم وتوقفت مرتباتهم بسبب الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من عام ونصف. حيث أوجدت الحرب 14.1 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي، نصفهم يعانون بشدة، وفي بعض محافظات اليمن يكافح ما يقارب 70 % من السكان لإطعام أنفسهم، حسبما أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

في مساحة مترين طولاً ونصف المتر عرضاً، وسط شارع «الرقاص» بصنعاء يضع فيصل طاولته وقوالب الثلج التي يبيعها لساكني حي الرقاص والعابرين منه، كمهنة وعمل جديد لجأ إليه فيصل ليوفر لقمة عيش كريمة له ولأسرته التي تعيش في أحد أرياف محافظة إب وسط اليمن، بعد أن فقد عمله كغيره من الصحفيين وككثير من اليمنيين أصبحوا بسبب الحرب واستمرارها يزاحمون الملايين من المواطنين على أرصفة البطالة والعوز، والتي بدأت تجر البلد الفقير أصلاً إلى دائرة المجاعة، بحسب تقارير أممية وجهات يمنية حكومية.

فيصل الذي لا يستطيع إلّا أن يظل مبتسماً رغم قسوة الوضع الذي يعيشه والظروف التي يمر بها، يقول إن دخول فصل الشتاء زاد من حدة معاناة العاملين في مجال بيع قوالب الثلج، فالعاصمة صنعاء عادة ما يكون طقسها في فصل الشتاء شديد البرودة، ما يجعل الناس تحجم عن شراء الثلج، رغم الانقطاع الدائم للكهرباء عن العاصمة وكثير من المحافظات اليمنية، مشيراً إلى أن ثمة تراجعا كبيرا في مبيعات قوالب الثلج هذه الأيام، الأمر الذي يجعل رحلة معاناة فيصل في فصل الشتاء أكثر وجعاً من فصل الصيف.