د. حامد بن شظا المرجان
قريباً سيسمح قانون الاستثمار الجديد في السلطنة للسماح للأجانب بالاستثمار بدون شريك عماني وبدون رأس مال محدد. قانون الاستثمار القديم يمنع تملك الأجنبي لحصص الشركة كاملة، وأن يكون رأس ماله لا يقل عن 150 ألف ريال عماني. القانون الجديد إذا أقر بشكله الجديد سيكون سلاحاً ذا حدين من ناحية أنه سيفتح المجال لسوق حر ومنافس في عالم اقتصادي منفتح، ولكنه سيتعارض مع الخطط الاقتصادية للدولة من ناحية أخرى، خاصة ما يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة. هناك كثير من الشركات الأجنبية التي ترغب في الاستثمار في السلطنة ولكنها مترددة بسبب قانون الاستثمار القديم وعدم توافقه مع بعض المعاهدات الدولية الموقعة عليها من قبل عمان في المنظمة الدولية للتجارة. يعتمد قانون الاستثمار الأجنبي على مدى استفادة السلطنة من رأس المال الأجنبي الذي يستثمر في البلد أي إنه «يفيد ويستفيد» بالمعنى البسيط، وليس استثماراً أجنبياً لاستغلال خيرات البلد، حيث يجب أن تكون هناك حماية للتاجر العماني، وإذا كنت من مؤيدي انفتاح السوق العماني وجلب المزيد من الاستثمارات لكنني أيضا من مؤيدي تطوير أداء خدمات المؤسسات الخاصة والعامة من خلال تسهيل المعاملات التجارية والتوافق والتنسيق للمؤسسات الحكومية وما يتعلق بالحراك الاقتصادي وتوجهات الدولة. على الرغم من قناعة الاقتصاديين بدور الاستثمار في عملية التنمية الاقتصادية، وما يمكن أن تحققه الاستثمارات في زيادة النمو الاقتصادي إذا ما أحسن تنظيمها، وذلك لأن هناك فوائد ومخاطر تنجم عن الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية من دون دراسة مستفيضة لهذه العملية الاقتصادية. ولإعطائك أخي القارئ مزيداً من المعلومات عن أهمية الاستثمار في التنمية الاقتصادية من كونه يمثل إنفاقاً على الإضافات الجديدة للسلع الإنتاجية بأنواعها المختلفة، أي إنه يمثل الإضافات الصافية على رأس المال الحقيقي للبلد. ويمكن تصنيف الاستثمار إلى ثلاثة أنواع وهو الاستثمار الذي تقوم به المؤسسات العامة للدولة وعادة يركز هذا النوع من الاستثمار على الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمجتمع كالبنية الأساسية والتي استطاعت السلطنة -بحمد الله- أن تستثمر فيها خلال السنوات الفائتة بليونات الدولارات. والاستثمار الذي يقوم به الأشخاص أو الشركات من خلال توظيف مدخرات المواطنين أو من خلال الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية أو الخارجية. ويأتي بعد ذلك الاستثمار الذي يقوم به الأفراد أو الشركات أو المؤسسات الدولية داخل السلطنة، وهذا النوع من الاستثمار له أهميته في كثير من دول العالم لاسيما النامية منها، من خلال ما يقوم به أفراد طبيعيون أو شركات من نقل أموال من بلد لاستثماره في بلد آخر قد هيئ له المناخ الملائم لعملية الاستثمار. إن تفعيل عملية الاستثمارات بأنواعها المحلية والخارجية في معظم بلدان العالم سيساعد في زيادة معدلات النمو الاقتصادي في هذه البلدان، وبالتالي سيؤدي إلى زيادة حجم التبادل التجاري فيما بينها. وسلطنة عمان من الدول التي انضمت إلى منظمة التجارة العالمية (TWO) في وقت مبكر، حيث قامت السلطنة بتعديل بعض السياسات العامة والسياسات التجارية غير المتوافقة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية، ولكن على صناع القرار أيضا فهم طبيعة القطاع الخاص في إطار شراكة متكاملة من خلال مراعاة الحكومة للاحتياجات والمتطلبات وتطوير التشريعات والقوانين بصورة مستمرة، خاصة إذا كانت الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني تؤكد على أهمية الدور الذي يقوم به القطاع الخاص والإسراع في وضع الخطط الكفيلة بتحقيق التنوع الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات وتفعيل مجالات الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة. يقول خبراء الاقتصاد إن السلطنة تتمتع بالكثير من المقومات التي تجعلها تلعب دوراً أكبر في جذب الاستثمار، ويعتقد كثير من رجال الأعمال العمانيين والأجانب أن هناك قطاعات واعدة ستكون محركاً للاستثمار، ولكن هناك معوقات منها القوانين والأداء التي يعتبرها بعض رجال الأعمال طاردة للاستثمار، حيث يجب مراجعة قوانين التجارة والاستثمار وتحديثها وتسهيل الإجراءات التي تجذب الاستثمار الخارجي وتشجيع القطاع الخاص المحلى في الاستثمار. ةإذا كانت القوانين تشكل مشكلة في طرد الاستثمار في السلطنة فهناك أيضا مشكلة أخرى يعانى منها القطاع العام والخاص في السلطنة وهو الأداء في المؤسسات الخاصة والعامة في السلطنة في حالة تطبيق قانون الاستثمار الجديد، فبلا شك أن التحديث والتطوير في المؤسسات العامة والخاصة في السلطنة يحتاج إلى الاهتمام بالتميز في الأداء، والسعي إلى رفع أداء المؤسسات الخاصة والعامة إلى مستويات تنافسية من الإبداع والتعلم والشفافية والمعرفة، التي ستساعد القطاعيين للوصول للأهداف المنشودة المتعلقة بالتجارة والاستثمار، وبدون التكامل بينهما سيظل القطاعان متأخرين في الوصول إلى ما تطمح إليه أهداف الخطط الاقتصادية للدولة، وذلك نظراً للدور المهم الذي تقوم به في تحقيق التنمية وتطوير قوانين الاستثمار والتجارة وزيادة القدرة التنافسية للبناء الاقتصادي والتجاري. حيث إن تطبيق مبدأ تميز الأداء في المؤسسة الخاصة أو الحكومية يجعلها أكثر قدرة على الإبداع والتعلم والعمل بشفافية من خلال بذل كل ما في وسعها لتحقيق الاستدامة في الأداء التنافسي الإيجابي الذي يفوق متطلبات الاحتياجات الحالية، مما يؤهلها للتنافس ليس على المستوى المحلي فقط وإنما على المستوى الدولي أيضا، وذلك يأتي عن طريق مواكبة التطورات العالمية المتسارعة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً. وإذا افترضنا أن القوانين تغيرت لصالح جذب الاستثمار وتسهيل حرية التجارة فلا تزال الكثير من المؤسسات العامة والخاصة في السلطنة تعانى من مشكلة الأداء، وخاصة عندما تحاول تسويق أفكارها ومنتجاتها أو تقديم خدماتها سواء على المستوى المحلي أو الدولي، حيث إن جودة المنتجات والخدمات أصبحت مهمة إذا أرادت المؤسسة تسويق منتجاتها أو خدماتها. لا نختلف عن معظم دول العالم في أهمية جذب الاستثمارات الخارجية لتنمية اقتصادياتها، والتي تعمل على منح التسهيلات المشجعة لتلك الاستثمارات، ولكن يجب على المشرع مراعاة مسيرة التحديث والتطور في السلطنة.