الفقــــر يحاصــر اليمــن

الحدث الأربعاء ٠٩/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الفقــــر يحاصــر اليمــن

عدن – إبراهيم مجاهد

ثمة حرب من نوع آخر يعاني منها اليمنيون، حرب لا تحظى بذات الاهتمام الذي يتعلق بالجانب العسكري، وتطوراته الميدانية، فالوضع الإنساني بلغ مستويات مخيفة في جانب الفقر والبطالة وسوء التغذية وغيرها من المؤشرات الصحية والإنسانية التي حملت أرقام مفزعة رغم أنها أقل مما هو حاصل.

3 ملايين شخص فقدوا أعمالهم في القطاع الخاص والأجر اليومي، ومثل هذا الرقم نزحوا داخلياً وخارجياً، أما ما يخص مؤشرات التغذية فيكفي أن هذه الحرب حولت ما كان يعرف بالطبقة الوسطى - وتمثل السواد الأعظم من إجمالي اليمنيين البالغ عددهم 25 مليوناً - إلى فقراء ومحتاجين ينتظرون المساعدات الإنسانية من المنظمات ولا يستطيعون تقديم الأكل على موائدهم لأطفالهم في الثلاث الوجبات الرئيسية.

نبيل أحمد، كان يعمل مسؤولاً بأحد المستشفيات الحكومية الصغيرة في العاصمة صنعاء، وحتى قبل شهر تقريباً، أي قبل أن يوقف صرف راتبه الحكومي، كانت حياته مع أسرته المكونة من سبعة أبناء وبنات بالإضافة إلى زوجته، سعيدة ومستورة مثل غالبية الأسر المحسوبة على الطبقة الوسطى، إلاّ أن انقطاع الراتب الحكومي على مدى شهرين متواصلين غيّر مجرى حياته وأسرته تماماً. فهو اليوم قد عرض المنزل الذي يملكه، بعد أن كافح أكثر من 30 عاماً كيما يبني هذا المنزل. إلاّ أنه اليوم مضطر لبيعه.

يقول نبيل إنه بات اليوم مضطراً لبيع المنزل الذي حلم به كثيراً ليتخلص من عناء الإيجارات، فالحرب قضت على آمال الحصول على أي فرصة عمل جديدة في القطاع الخاص رغم أنه يحمل شهادة بكالوريوس في الإدارة وماجستير في الاقتصاد، مشيراً إلى أن معظم المؤسسات والمنشآت الخاصة قلصت من عمالتها وسرحت الكثير منهم وعدد آخر منها أغلق بسبب الحرب، مؤكداً أن تقاعس السلطة الشرعية وسلطة «الأمر الواقع» عن صرف مرتبات موظفي الدولة أحدث له ولكثير من الموظفين الذين لا يوجد لديهم دخل آخر سوى الراتب هزة كبيرة. يضيف نبيل الذي يقترب من العقد الخامس من العمر: لا أريد أن أبيع بيتي رغم إنه منزل متواضع لكن هذا «شقاء عمري الذي كرست جهدي لبناء سكن لعائلتي، ولكني اليوم أجد نفسي مضطراً لعرض المنزل للبيع كي أتمكن من توفير لقمة العيش لي ولأسرتي».
عبدالمجيد أحمد، شاب في منتصف الثلاثينيات كان يسكن مع أسرته المكونة من زوجته ونجليه، في شقته الشعبية الصغيرة التي بناها فوق منزل والده بشارع مأرب بالعاصمة صنعاء، أجبرته الظروف على تركت زوجته وولديه في منزل والد زوجته، بعد أن حصل على فرصة عمل في محافظة عدن جنوبي اليمن.
يقول عبدالمجيد، إنه قبل الحرب كان يطمح إلى أن يستكمل بناء شقته الصغيرة بحيث يكون لها مطبخ مستقل. إلاّ إن الحرب قضت على آماله تماماً بعد أن قامت جماعة «أنصار الله» بإغلاق ومصادرة الصحيفة التي كان يعمل فيها محاسباً قبل أكثر من سنة ونصف، ويضيف أنه خلال الفترة الفائتة عمل بالأجر اليومي في أكثر من مجال ومكان كي يوفر القوت الضروري لأسرته لكن اشتداد الحرب وطول مداها أثر كثيراً على جميع مجالات العمل، وقلص كثيراً هامش الحصول عليه فضلاً عن انخفاض الأجر الذي كان يتقاضاه.