المتحف الوطني يستعرض تاريخ السلطنة عبر العصور

مزاج الأحد ٣١/يناير/٢٠١٦ ٢٣:٤٠ م
المتحف الوطني يستعرض تاريخ السلطنة  عبر العصور

مسقط - العمانية –فانا
في ظلال قلعتي الجلالي والميراني التاريخيتين والى جوار سور مسقط القديمة ومقابل قصر العلم العامر يسعى المتحف الوطني بقاعاته الخمس عشرة إلى ابراز الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وتراث وثقافة وفنون السلطنة والحفاظ عليها بكافة تجلياتها وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية مع توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات الإدارة المتحفية وإدارة المقتنيات والعرض.
وما بين حجر الصوان متعدد الاستخدامات بقاعة الحقب الزمنية والذي يرجع تاريخه الى ما يقارب مليوني عام وقاعة عصر النهضة العمانية واول كرسي جلوس لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-عند توليه مقاليد الحكم عام 1970 يشاهد الزائر للمتحف حوالي ستة آلاف مفردة وتحفة أثرية تحويها قاعات العرض الثابت بالمتحف تؤرخ لمختلف الحقب التاريخية لعمان منذ بداية الاستيطان البشري وحتى الوقت الحاضر.
وتتوزع تلك المفردات والتحف ما بين التحف الأثرية والصناعات الحرفية والمخطوطات والوثائق والمراسلات والمطبوعات القديمة والطوابع البريدية ومجسمات للسفن والمراكب وأدوات الملاحة البحرية والاسلحة التقليدية والمجسمات المتحفية فائقة الدقة للقلاع والحصون والمباني التاريخية واللقى المتصلة بالعمارة والآلات والأدوات والمعدات الزراعية وما يتصل بالأفلاج والنقود والعملات الورقية والمعدنية والخزف والأثاث والفنون التطبيقية والصور الفوتوغرافية والفنون التشكيلية والآلات والأدوات الموسيقية إضافة إلى مفردات التراث غير المادي وهي ما يتصل بالطعام والشراب والشعر والقصص والرقص والغناء الشعبي إضافة إلى التسجيلات المرئية والصوتية والمكونات التفاعليه الرقمية.
وقد أقيم المتحف الوطني بناء على التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء معلم ثقافي يحتضن مفردات التراث الثقافي العماني بشقيه المادي والمعنوي وتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتحفية المتبعة.
وتبلغ المساحة الاجمالية لأرض المتحف 24 ألف متر مربع والمساحة الاجمالية للمبنى 13 ألفا و700 متر مربع والمساحة الاجمالية لقاعات العرض الثابت 4 آلاف متر مربع.
وخلال الفترة من 2010 م إلى 2014م شهد المتحف دعوة 30 خبيرا وباحثا من داخل وخارج السلطنة وتمت الاستعانة ب 21 بعثة أثرية لإعداد وتطوير مكنونات قصة السرد المتحفي.
وقد شهد المتحف خلال الفترة الماضية ابتعاث عدد من الموظفين للتدريب والتأهيل المهني خارج السلطنة واستضافة دورات تخصصية في مجال العمل المتحفي من قبل مؤسسات عالمية مثل متاحف (تيت) من المملكة المتحدة ومتاحف (سميث سونيان) من الولايات المتحدة الامريكية ومؤسسة (كالوست غبولبيكان) من جمهورية البرتغال.
ويهدف المتحف الذي يقف متآلفا مع ما يحيط به من مقومات سياحية وثقافية وتاريخية الى تحقيقِ رِسالته التعليميِة والثَّقافية والإِنسانية وإِلى ترسيخِ القيمِ العُمانية النبيلة وتفعيل الانتماء والارتقاء بِالوعيِ العام لدى المواطن والمقيمِ والزائرِ من أَجل عُمان وتارِيخها وتراثها وثقافتها وتنمية قدراتهم الإِبداعية والفكرِية لاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات وإِبرازِ الابعاد الحضارِية لعمان وتوظيف واعتماد أَفضل الممارسات والمعاييرِ المتبعة في مجالات العلومِ المتحفية وتقديمِ الرؤية والقيادة للصناعة المتحفية بالسلطنة كما يهدف المتحف الوطني أيضا إلى المحافظة على مكنونات التراث الثقافي العماني من خلال دعم الأبحاث والدراسات العلمية والتاريخية والخطط للحفظ والصون الوقائي حيث صممت مرافقه وفق معايير المجلس الدولي للمتاحف إضافة إلى التعليم والتواصل المجتمعي الذي يتحقق من خلال مركز التعليم المتحفي الذي يقدم الخدمات التعليمية المتميزة لكافة الزوار ومختلف الفئات العمرية خاصة للأطفال والفئات العمرية للطلاب ومن خلال تقديم خدمات الزوار المتميزة وللفئات الخاصة.
ويتميز المتحف الوطني بأنه أول مبنى عام في السلطنة يضم تسهيلات متقدمة لذوي الاعاقة ومنهم المكفوفون وذوو الاعاقة الجسدية من خلال توظيف رموز لغة (برايل) بالعربية وتوظيف العرض المكشوف حتى يمكن التفاعل مع المقتنيات بشكل حسي مباشر وهو أول متحف في الشرق الأوسط يقوم بتوظيف رموز (برايل) العربية في سياق التفسير المتحفي ومنظومة المخازن المفتوحة، حيث يستطيع الزائر أن يشاهد ويعايش المراحل التي تمر بها التحف الأثرية من جرد وتوثيق وفحص مبدئي وحفظ وصون وصولاً إلى مرحلة حفظها بالشكل المؤقت في المخازن المفتوحة وما كان سابقا يتم خلف الكواليس سيكون في المتحف الوطني متاحا للمشاهدة بشكل ثابت ومتواصل.
وقد روعي عند إعداد قصة السرد المتحفي التوفيق بين السياقين الزماني والمكاني وهو أحدث توجه فلسفي يؤطر لسياق قصة السرد المتحفي المتبع حاليا بخلاف التوجه التقليدي إما أن يكون توجها زمانيا من الأقدم للأحدث أو من الأحدث فالأقدم حيث يعمل التوجه الجديد على إيجاد قيمة معنوية وفكرية مضافة للزائر وستفتح آفاقاً جديدة لقراءة مدلولات التراث الثقافي العماني وفق آلية لم يعهدها سابقا.
وعبر القاعات الخمس عشرة التي يضمها المتحف يدخل الزائر في رحلة عبر الزمان والمكان تشعر فيها بعظمة المنجز الحضاري العماني وكيف عاش إنسان عمان وأبدع وتفاعل مع مختلف الحضارات بدءا من اول قاعة من قاعات المتحف عند المدخل الرئيسي وهي قاعة الأرض والإنسان حيث تواجهك على الجهة اليمنى شرفةً عمانيةً تقليديةً تطل من الطابق الثاني وهي تحاكي نظام الشرفات في المعمار العماني بلونها الأزرق الفاتح الذي يعبر عن إطلالتها على البحر وعلى الجهة الأخرى تطل مؤخرة سفينة عمانية من نوع الغنجة موجودة بحجمها الحقيقي هي أقرب إلى سفينة فتح الخير التي تقف شامخة حاليا على شواطئ مدينة صور التاريخية.
ويحتوي المتحف على مركز تعليمي، وقاعة محاضرات مجهزة تجهيزا متكاملا، وشاملة لمنظومات لذوي الإعاقة، وللطلبة من مختلف الفئات العمرية، كما يضم المتحف مركزا للحفظ والصون، وهو الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، ومرافق تخصصية لدعم برنامج إدارة المقتنيات، من مخازن وورش عمل ومعامل، علاوة على الجانب الخدمي المتمثل في إنشاء مطعم ومقهى ومحل هدايا تذكارية.
وحتى تتفاعل الأسر والأطفال مع مرافق المتحف تم تخصيص مجموعة من القاعات تتيح لهم ممارسة عدد من التمارين والألعاب التثقيفية، اضافة الى وجود قاعة سينمائية توظف تكنولوجيا ثلاثية الأبعاد لعرض الأفلام الوثائقية ذات المدلول الثقافي الغزير الذي يتناول مجمل التاريخ العماني وسيكون للمتحف لاحقاً موقع على الشبكة العالمية للمعلومات “الانترنت” حيث سيتاح المجال للباحثين والدارسين للاطلاع على الابحاث والدراسات المتاحة في هذا الجانب والتعرف عن كثب على هذه المفردات، وجاري التنسيق مع عدد من المؤسسات العالمية المتحفية في بريطانيا والبرتغال وفرنسا وروسيا الاتحادية بخصوص تبادل المعارض المؤقتة وما ستكون عليه وذلك في اطار اتفاقيات التفاهم مع المؤسسات المتحفية العالمية.