الضرائب بأنواعها لها تأثيرات على مختلف قطاعات الإنتاج ويأتي دورها كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية بحيث لا يقتصر دورها على الوظيفة المالية وجباية الأموال، لذلك من الخطورة الزج بأي أحاديث عن إصلاحات ضريبية أو زيادات قد تكون سلبياتها أكبر من إيجابياتها، خاصة في ظل الحساسية المطلقة للمستثمرين من الضرائب التي يعتبرها البعض العدو الأول الذي يهرب منه المستثمرون من كل بلاد العالم، كما يعتبرها البعض المفتاح الأول للدخول في الاستثمارات الجديدة، ومن هنا لابد من التأكد من حجم العائد الضريبي كبند من موارد الميزانية العامة للدولة والدخل المتوقع من العائدات الاستثمارية، بالإضافة إلى اعتبارها من الحوافز المشجعة لجذب الاستثمارات ولتخفيض تكلفة الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية عند التصدير بقدر ما تتمتع به الصادرات من إعفاءات ضريبية ورسوم، خاصة أنه في كل الحالات يمكن تدبير قيمة العائدات الضريبية التي لا تمثل بنداً كبيراً في الميزانية، من خلال وسائل وإجراءات متعددة مثل تخفيض الإنفاق الحكومي وتنمية الإيرادات من القطاعات الإنتاجية الأخرى، ومن الضروري أيضا قبل كل ذلك لابد من دراسة وتتبع الآثار الاقتصادية للضرائب نظراً لوجود صعوبات تحليلية لتحديد آثار الضرائب على الأنشطة الاقتصادية وذلك لأن الضريبة تعد أحد العوامل المتعددة التي تؤثر جميعها في مجرى الحياة الاقتصادية ولهذا تتشابك آثار الضرائب مع الآثار التي تنشأ عن النفقات العامة، كذلك تختلف التبعات تبعا للآثار النهائية الاقتصادية للضرائب التي لا تتوقف على الآثار المترتبة على فرضها فقط، بل تختلف تبعاً لما يترتب على إنفاق حصيلتها من نتائج وهكذا فالضرائب والإنفاق العام لهما آثار اقتصادية مترابطة ومتشابكة ولهذا يجب أن تتسم السياسة الضريبية بطابع المرونة التلقائية التي تجعلها قادرة على التكيف وفق الظروف المتغيرة وتبعاً لمستوى النشاط السائد في المجتمع بدون الحاجة لإجراء تعديلات في التشريع الضريبي قد تثير اللغط، وكذلك من المهم ضرورة التحسب من كون الضريبة تشكل بقيمتها عبئاً على الأفراد والشركات والمستثمرين، وإن كانت الضريبة وهي تحول جزءاً من دخل الأفراد أو الشركات إلى الدولة تشكل بدورها وفي مجموعها عبئاً على المجتمع بكل قطاعاته، خاصة إذا كانت ثقيلة لأنها ستؤدي إلى شل نشاط الأفراد والشركات وإضعاف قوتهم الإنتاجية، والتأثير على مقدرتهم على العمل ورغبتهم فيه، وانتقال عناصر الإنتاج من فرع إلى آخر،
ومن ثم تعرقل التقدم الاقتصادي، ولكن من الجانب الإيجابي للضريبة أنها قد تؤدي إلى تحريك نشاط الأفراد بدفعهم نحو زيادة الإنتاج حتى إذا كان عبؤها ثقيلاً وذلك لكي يعوضوا النقص في دخولهم بعد خصم الضرائب، غير أنه في كل الأحوال فالضريبة تؤثر على حجم الإنتاج وعلى شكله من خلال تأثيرها في كل من العمل، الاستهلاك، الادخار، الاستثمار، الائتمان، نفقة الإنتاج وحجم المشروعات، وحجم التداول النقدي، وتحركات رؤوس الأموال الأجنبية، ولذلك فهي تقلل من مقدرتهم على العمل نتيجة للنقص الذي يحدث في كفاءتهم الإنتاجية إذا ما حرموا من استهلاك جزء من الكمية التي كانوا يحصلون عليها من ضروريات الإنتاج والحياة قبل فرض الضريبة، مما يقلل من الكفاءة الإنتاجية للأجيال الحاضرة والآتية، وقد أدى هذا بمعظم التشريعات إلى تقرير إعفاءات ضريبية مراعاة للحد الأدنى اللازم لحمل الأعباء في مجال ضرائب الدخل وإلى الامتناع عن فرض ضرائب الاستهلاك على السلع الضرورية، ومن هنا فإن الضرائب تؤثر على العناصر المحددة للاستثمار وأهمها معدل الربح فيزيد الميل للاستثمار مع زيادة فرص الربح ومعدلاته وينخفض مع انخفاضها، كما أن فرض الضريبة على الدخول العالية قد لا يؤدي بالضرورة إلى تقليل مجموع المدخرات، لأنه إذا ما أنفقت الدولة حصيلة هذه الضريبة على المشروعات الإنتاجية والخدمات العامة مما يعود بالنفع على الطبقات العاملة والمتوسطة بالذات فإنه سرعان ما يدب النشاط في المجتمع الاقتصادي وتزداد دخول هذه الطبقات وتزداد مقدرتهم على الادخار والاستثمار، ومن المؤكد أن الضرائب على الدخل سواء على الأفراد أم الشركات خاصة التصاعدية منها تؤدي إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة.