حرصت السلطنة على دعم وتنمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنبع أهميتها من خلال مجموعة أساسية من المعطيات الاقتصادية والاجتماعية، أبرزها إيجاد فرص عمل للمواطنين، حيث إن المنشآت الكبيرة رغم أهميتها لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن توفر فرص عمل كافية للباحثين عن عمل، كما تساهم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية، إضافة إلى أنها تعتبر نواة لمشاريع كبيرة.
إن التكليف السامي لمعالي محمد بن الزبير مستشار جلالة السلطان لشؤون التخطيط الاقتصادي، لرعاية حفل توزيع جوائز ريادة الأعمال لعام 2015، يعد دلالة عظيمة لاهتمام جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – لهذه المؤسسات وتنميتها، كما إنها تؤكد التزام الحكومة بتنفيذ كافة قرارات ندوة سيح الشامخات، نظراً لما تقوم به هذه المؤسسات من دور مهم في الاقتصاد الوطني، وبالتالي يفترض أن تمارس الأعمال التجارية المتنوعة من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية، حيث تساعد هذه المشاريع في التنمية الصناعية وتساعد على تحقيق نمو اقتصادي عادل ومتوازن، فالاقتصاد التنافسي لا يقوم على وجود الشركات العملاقة والكبيرة وحدها فقط، بل وجود بيئة جذابة للأعمال الريادية، وتوفر شبكة واسعة ومتنوعة من الموردين من المشاريع الصغيرة القادرة على تلبية احتياجات الشركات الكبرى، من خلال ظهور مجموعة من رواد الأعمال ذوي الكفاءة والطموح والنشاط.
وكشفت بيانات «ريادة» أن عدد إجمالي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد بنهاية العام 2015 نحو 18597 مؤسسة، وكانت النسبة الأكبر تندرج تحت فئة مؤسسات صغرى، حيث شكلت حوالي 75 في المائة بعد أن بلغ عددها 13779 مؤسسة، فيما بلغ عدد الشركات الصغيرة 2308 مؤسسات، والمتوسطة 2510.
وبحسب القطاعات فقد أوضحت تلكم البيانات أن 4280 مؤسسة مسجلة لديها تعمل في قطاع الصناعات التحويلية، و3752 مؤسسة ضمن فئة أعمال منزلية، وفي قطاع التشييد 3642 مؤسسة، وقطاع الأنشطة المهنية والفنية والتقنية 1863 مؤسسة، والتجارة بالجملة والتجزئة 1449 مؤسسة، وفي قطاع النقل والتخزين 770 مؤسسة، والإقامة والمطاعم 695 مؤسسة، فيما توزع العدد المتبقي على قطاعات أخرى حيث جاء قطاع الأنشطة المالية وأنشطة التأمين في المرتبة الأخيرة من حيث العدد بمعدل 13 مؤسسة.
وأشارت إحصائيات صندوق الرفد أن الفرص الوظيفية التي وفرتها المشاريع الصغيرة والمتوسطة الممولة من قبل الصندوق بلغ عددها ثلاثة آلاف منذ بداية تقديم الدعم لهذه المؤسسات.
وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصادات المحلية، وضرورة أن تكون هذه المؤسسات تدار بأيدي المواطنين للحفاظ على الثروات التي يمكن للشخص أن يجنيها من الأعمال الحرة والمؤسسات الصغيرة، إلا أنه من الملاحظ أن معظم هذه المؤسسات تدار منذ سنوات عديدة بأيدي عاملة وافدة نظراً لعزوف العُمانيين عن التوجه لإدارة المنشآت الصغيرة، التي يمكن لها أن تستقطب آلاف من الذين يبحثون عن العمل، ويعزوا البعض أسباب هذا العزوف إلى الخوف من الفشل والخسارة، وإلى عدم وجود الثقة الكاملة لدى المواطن لأهمية المشروعات الصغيرة، وإلى غياب الثقافة التجارية عند الفرد.
لا تزال المشاريع الصغيرة والمتوسطة في البلاد تواجه العديد من التحديات والمعوقات التي تؤدي إلى تعثرها وفشلها وعدم قدرتها على المنافسة، وتأثيرها السلبي الكبير على الاقتصاد الوطني، أن أسباب هذه المعوقات تتمثل في غياب الخطط الاستراتيجية الحقيقية التي تساهم في تحقيق أهداف الدولة في توليد مشاريع خاصة تدار بأيد وطنية وتساهم في إيجاد فرص وظيفية وتحد من الباحثين عن عمل.
إلا أن المعوقات المهمة التي تحد من دور ريادة الأعمال في مواجهة تتمثل في تعرض رواد الأعمال في المشروعات الصغيرة والمتوسطة لضغوط عمل شديدة وخصوصاً في مرحلة التأسيس، وتعجل الحصول على الربح من منتجات وخدمات المشروعات الريادية يدفعها لتفضيل القوى العاملة الوافدة، وانخفاض أو انعدام هامش الربح في بداية تشغيل المشروعات الريادية.
فمن الأهمية بمكان التغلب على المعوقات التي تحد من دور ريادة الأعمال الصغيرة والمتوسطة في مواجهة الباحثين عن عمل وبالتالي يستدعي زيادة الوعي بأهمية ريادة الأعمال، واكتساب رواد الأعمال الخبرة اللازمة لتشغيل وإدارة مشروعاتهم.
وأخيراً نبارك للفائزين في جائزة «ريادة الأعمال» لعام 2015، التي تعد دافعاً ورافداً أساسياً للشباب العُماني لتشجيعهم على المبادرة، والتعويل على الذات، والتوجه للعمل الحر والمشاريع الخاصة، آملين منهم مواصلة الجهد والعطاء، للوصول إلى الغايات التي يطمحون إليها، كإحدى شركات القطاع الخاص التي تساهم في التنمية الاقتصادية في البلاد.